الصباح العربي
الجمعة، 29 مارس 2024 08:55 صـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

سليمان جودة يكتب: مسجد مريم!

الصباح العربي

قراء أعزاء غاضبون لأنى أشرتُ هنا قبل يومين إلى أن تفسير الآية السابعة من سورة الفاتحة، المقرر على تلاميذ المدارس، يسىء إلى اليهود كأصحاب ديانة سماوية، مرة، ثم يسىء إلى المسيحيين كأصحاب ديانة سماوية أيضاً، مرات!

وكان تقديرى، وأنا أشير إلى ما أشرت إليه، أننا لابد أن نفرِّق بين اليهودى الذى لا يقر اعتداءً على أرض الآخرين، ويقف ضد ذلك علناً، وبين الإسرائيلى صاحب العقيدة الصهيونية التى لا ترى شيئاً فى الاستيلاء على أرض دولة كاملة هى فلسطين!

وكان ظنى أن الإخوة المسيحيين شركاء وطن بالمعنى الكامل للعبارة، وأنه لا يجوز التفرقة فى هذا البلد بين المسلم والقبطى، تحت أى حال، لأن كل واحد منهما له فى بلده ما للآخر، وعليه ما على الآخر تماماً.. وأن الرابطة التى تجمع بين الكافة هى رابطة المصرية، باعتبارها وطناً يتسع لكل أبنائه، دون أى تمييز.. أما الدين فهو مسألة تخص العبد وحده، لأنها بينه وبين ربه، وليس من حق أى طرف ثالث أن يتدخل فيها!

وقد تلقيت من الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم ، ما يفيد بأن التفسير الذى أشرت إليه ليس موجوداً الآن فى المدارس.

وكان قارئ كريم قد أرسل لى يقول إن، على الجانب الآخر، كلاماً مسيئاً يُقال فى حق النبى محمد، عليه الصلاة والسلام، وفى حق الإسلام ذاته كديانة!

وحتى إذا كان هذا صحيحاً، فأصحاب الفكر المتطرف موجودون بين أبناء كل دين، كما أن وجودهم لا يعنى أن نرد نحن بالمثل، وإنما علينا أن نتجاوز مثل هذا الفكر، وأن نرفضه ونقاومه، وأن نتكلم دائماً وفق المبادئ والمقاصد العليا التى يدعونا إليها الإسلام، وكلها مقاصد تدعوك كمسلم إلى أن تكون سمحاً مع الآخرين، أياً كانوا، وألا ترد على الإساءة، لو حدثت، بإساءة مماثلة!

وعندما أنشأ الدكتور وجدى النجدى مسجداً فى المنيا، ثم أطلق عليه «مسجد السيدة مريم» كان رأيى أن مثل هذا المسلك من الرجل فى عمق الصعيد، يعبر عن روح الإسلام، ثم عن جوهر الوطنية المصرية، أعمق تعبير.

وعندما كنت فى مدينة طرطوس السورية، فى أغسطس قبل الماضى، حضرت هناك افتتاح مسجد بالاسم نفسه، وكان الأشقاء السوريون فى غاية الفرح حين حضروا افتتاح مسجد بهذا الاسم، وسط ضربات الإرهاب التى كانت ولاتزال تستهدف سوريا العزيزة على كل عربى!

وكنت يومها أتصوره مسجداً نادراً، لا مثيل له، من حيث اسمه، إلى أن اكتشفت أننا سبقنا، وأن الدكتور النجدى فى المنيا كان أسبق من الذين بنوا مسجد طرطوس، وأنه لم يشأ أن «يتكلم» عما بين المسلم والقبطى فى مصر، من رابطة عميقة ومستقرة، ولكنه راح «يفعل» ما يرسخ هذه الرابطة، فأقام مسجداً بهذا الاسم، ترتفع مآذنه فى السماء.

ما بيننا ليس كلاماً، ولكنه فعل من نوع مسجد المنيا!

نقلا عن صحيفة المصرى اليوم

سليمان جودة الأقباط مسجد مريم

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq