الصباح العربي
الجمعة، 29 مارس 2024 01:20 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

سليمان جودة يكتب: بين القاهرة والرياض!

الصباح العربي

فهمت من أستاذ جامعى سعودى، قضى سنوات يعمل فى القاهرة، أن الأزمة المكتومة بين المملكة ومصر راجعة إلى أسباب كثيرة، وأن من بينها الهجوم فى الإعلام المصرى على الملك سلمان، دون أن يكون شىء من ذلك موجودًا على الجانب الآخر، تجاه الرئيس السيسى.

قلت، وأنا أناقشه، إن الهجوم الذى يشير إليه يأتى فى أغلب الأحوال، بل فيها كلها، من متطوعين فى إعلام خاص لا تملكه الدولة، وبالتالى فأنت لا تستطيع أن تحسب ما يقال خلاله على الدولة المصرية!

ولكن الأستاذ الجامعى الصديق عاد ليقول إن ما أقول به أنا فى هذه النقطة صحيح فى جانب أول منه، ليبقى على الجانب الثانى أن الحكومة المصرية قادرة على وقف هذا الهجوم لو أرادت، رغم أنه ليس فى إعلام تملكه، خصوصاً أن هناك سابقة مع السعودية فيما قبل الملك سلمان تؤكد ذلك!

وكان السبب المضاف فى نظر الرجل، وهو يناقشنى، أن الرياض بدأت تشعر فى الفترة الأخيرة بأن حماس الحكومة هنا فى القاهرة، لإعادة الجزيرتين إلى المملكة، ليس هو الحماس الأول!

وكان ظنى الذى أبديته على مسمع منه أن حكومتنا متهمة أمام قطاع من الرأى العام فى البلد بأنها تنحاز إلى سعودية الجزيرتين أكثر من انحيازها إلى مصريتهما، وأنها تجد نفسها فى مأزق، فى هذه المسألة، طوال الوقت، وأن موقفها الحرج هذا يجب أن يُوضَع فى الاعتبار على الجانب السعودى.

ومع ذلك، فإن هذا المأزق كان من صُنع يديها هى، منذ لحظة البداية، لأنها ارتكبت خطأين كبيرين ما كان لها أن تقع فيهما.. أما أولهما فهو أن الإعلان عن بدء ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية جاء فى أثناء زيارة خادم الحرمين إلى القاهرة فى إبريل الماضى، وهو توقيت لم يكن موفقًا من جانب مسؤولينا أبدًا، وأما الثانى فهو أن الإعلان تم فجأة، ودون مقدمات، ولو جاءت مقدماته تدريجية لكان قطاع الرأى العام الرافض الآن قد تهيأ للمسألة مبكراً، وما كانت هناك مشكلة عويصة كالتى نجد أنفسنا فى مواجهتها هذه الأيام!

إن ترسيم الحدود البحرية بين أى بلدين، وليس فقط بين مصر والسعودية، مهمة ينهض بها أهل الشأن وحدهم، من خبراء القانون الدولى وقانون البحار، ولا شأن للرأى العام بعاطفته الوطنية المفهومة بها، لأنه كرأى عام، يظل يتطلع إلى القضية بقلبه لا بعقله، وتلك هى المشكلة التى قادنا إليها الخطآن المشار إليهما!

ومع ذلك، فالمتابع لتطورات العلاقة بين البلدين فى الأسابيع الأخيرة يشعر بأن هناك أسباباً أخرى غير معلنة، بخلاف السببين اللذين يراهما الأستاذ الجامعى الصديق.

إن ملف العلاقة بين البلدين ليس ملفاً أمنياً فقط، كما يبدو أنه حاصل حالياً، فهو إلى جانب البُعد الأمنى فيه، بل قبل هذا البعد يظل ملفاً سياسياً بجدارة، والمعنى أن السياسة التى تغيب عنه، فى الوقت الراهن، لابد من استدعائها إليه سريعاً، ولابد أن تكون حاضرة فيه، لأن غيابها أكثر من هذا يمنح الفرصة كاملة للذين لا يريدون خيراً بيننا، والذين يتحينون فرصة كهذه من زمان!.

نقلا عن صحيفة المصرى اليوم

سليمان جودة القاهرة الرياض

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq