يشهد شهر مارس، ذكرى ميلاد اثنين من أعظم من أنجبت الساحة الأدبية العربية، جمعهم الاشتياق للوطن، الأول هام حبًا في القهوة، و عشق تراب الأرض، والأخر عشق الشهباء، و معالم الأنوثة، "محمود درويش"، و "نزار قباني" ثنائي أثروا الأدب العربي بإبداعاتهم.

نزار قباني

و يصادف اليوم الواحد والعشرين من مارس ذكرى ميلاد شاعر المرأة والرومانسية "نزار قباني"، ولد لأسرة دمشقية عربية إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي، و درس الحقوق عام 1945 لينخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم العالم حتى قدّم استقالته عام 1966.

و أصدر قباني أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا، ليتوّج رئيسًا لجمهورية الشعر العربي، من حب المرأة، إلى عشق الوطن، و ليتغنى بأعماله العديد من كبار نجوم الوطن العربي.

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت، إلى رحيل ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني".

ليعيش في لندن ويكتب الشعر السياسي، و لعل من أجمل كلماته عن حلب: " كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما

وكل الدروب لدى العرب توصل إلى الشام

وكل دروب الحب توصل إلى حلب

صحيحٌ ... أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن

وصحيحٌ أن النساء الجميلات

لا يغفرن لرجلٍ لا ذاكرة له

ولا يتسامحن مع رجلٍ

لا ينظر في أوراق الرزنامة

ولا يقدم لهن فروض العشق اليومي

كل هذا صحيح ..!!

ولكن النساء الجميلات

وحلب واحدة منهن".

محمود درويش

"علموك أن تحذر الفرح؛ لأن خيانته قاسية.. من أين يأتيك فجأة!!" كلمات محمود درويش شاعر الوطن، والحب، و الأحلام، الذي ولد في الثالث عشر من مارس عام 1941 في قرية البروة الفلسطينية التي تقع في الجليل قرب ساحل عكا، ليخرج مع أسرته برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم تعود عائلته متسللة عام 1949 بعد توقيع الهدنة، ليجدوا القرية مهدمة.

يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى.

اُعتُقِل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا، كما قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.

و من أجمل ما كتبه " سجِّل! أنا عربي ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ وأطفالي ثمانيةٌ وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!

فهلْ تغضبْ؟ سجِّلْ! أنا عربي

وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ وأطفالي ثمانيةٌ

أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ، والأثوابَ والدفترْ من الصخرِ

ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ ولا أصغرْ أمامَ بلاطِ أعتابكْ

فهل تغضب؟ سجل أنا عربي

أنا اسم بلا لقبِ

صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها يعيشُ بفورةِ الغضبِ

جذوري... قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ وقبلَ تفتّحِ الحقبِ وقبلَ السّروِ والزيتونِ .. وقبلَ ترعرعِ العشبِ"

نزار قباني، و محمود درويش، ثنائي واكب أهم الأحداث السياسية في الوطن العربي، و غادروا عالمنا، إلا أن كلماتهم لازالت ترسم حاضر يعيشه كافة الفئات العمرية.