الصباح العربي
الجمعة، 29 مارس 2024 02:29 مـ
الصباح العربي

فن وثقافة

عبدالحليم حافظ في ذكراه الأربعين.. أسطورة يرفض العقل رحيله

المطرب عبدالحليم حافظ
المطرب عبدالحليم حافظ

يحل اليوم الخميس الـ30 من شهر مارس، ذكرى رحيل المطرب "عبدالحليم حافظ"، عندليب الغناء في الوطن العربي التي تظل أغانيه محفوظة حتي الأن ، مقدما فناً راقيا أمتع شعوب لعقود طويلة، فتعلمنا منه العطاء والمحبه من خلال أغانيه الهادفه.

عبد الحليم علي إسماعيل شبانة هو الأسم الحقيقي له، ولد 21 يونيو 1929 بقرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية، محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين أربعة أخوة، هم عليه الأخت الكبري وإسماعيل شبانة الأخ الأكبر له، ومحمد شبانة.

رحلت والدته بعد أيام وقليلة من ولادته، فهو ابن رجل فقير عمل مزارع من أجل قوت أولادة ، ولكنه توفي  ليعيش اليتم بكل صوره وأشكاله، كما عاشه من جهة الأم من قبل ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة..

تربي عبدالحليم، مع أولاد عمه في "ترعة قريته والبلاد المجاورة" وتحديدا قرية مجاورة تسمي "الترعة الجديدة" كان يكثر الذهاب إليها لأن المياه لا تجف هناك وقتها،  ومنها انتقل إليه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، ولقد قال مرة أنا ابن القدر، وقد أجرى خلال حياته واحد وستين عملية جراحية.

ويدخل عبدالحليمد للمدرسة، ومن هنا بدأ شغفه للموسيقي،  تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به.

قدم العندليب، بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، وقابل وقتها الملحن العبقري كمال الطويل فكان يدرس في قسم الغناء والأصوات،و العندليب يدرس حيث كان العندليب يدرس في قسم التلحين، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام  1948.

                                                
نال العندليب حب مدرسيه بمعهد الموسيقي، فقاموا بترشيحه للسفر في بعثة حكومية لدراسة فن الغناء، إلى الخارج لكن حبه لمصر دعته يلغي  سفره وعمل لـ 4 سنوات مدرساً للموسيقى بمحافظة طنطا ثم الزقازيق، وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950.

 ولحسن الحظ تقابل مع صديق ورفيقه مجدي العمروسي الذي كان له الفضل في مساعدة العندليب بالوصول إلي عالم الغناء، ففي نفس العام 1951 في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي فهمي عمر، اكتشف العندليب الأسمر عبد الحليم شبانة الإذاعي الكبير "حافظ عبد الوهاب" الذي سمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانة.

تعد التجربة الأولي للعندليب حينا قام بغناء "صافيني مرة" في محافظة الإسكندرية، وكانت كلمات سمير محجوب، وألحان محمد الموجي في أغسطس عام 1952 ورفضتها الجماهير من أول وهلة حيث لم يكن الناس على استعداد لتلقى هذا النوع من الغناء الجديد.

ولكنه لم ييأس فبعدها بعامين، أعاد غناء "صافيني مرة" في يونيو عام 1953، في الذكري الأولي لثورة 23يوليو، وحققت نجاحاً كبيراً، ثم قدم أغنية "على قد الشوق" كلمات محمد علي أحمد، وألحان كمال الطويل في يوليو عام 1954، وحققت نجاحاً ساحقاً، ثم أعاد تقديمها في فيلم "لحن الوفاء" عام 1955، ومع تعاظم نجاحه لُقب بالعندليب الأسمر.

تمتد هذه الفترة من إنجازته في الإذاعة عام 1951 بعد تقديمه قصيدة "لقاء" من كلمات صلاح عبد الصبور وألحان كمال الطويل، حتى بدء تصويره أول أفلامه "لحن الوفاء" عام 1955، ولم تكن أعراض مرض البلهارسيا قد تفاقمت لديه.

قدم في هذه الفترة أن عدد كبيراً من الأغاني تحوي نبرة من التفاؤل مثل: "ذلك عيد الندى"، "أقبل الصباح"، "مركب الأحلام"، "في سكون الليل"، "فرحتنا يا هنانا"، "العيون بتناجيك"، "غني..غني"، "الليل أنوار وسمر"، "نسيم الفجرية"، "ريح دمعك"،"اصحى وقوم"، "الدنيا كلها".

كما تحدثت بعض هذه الأغاني عن الطبيعة الجميلة، مثل: "الأصيل الذهبي"، "هل الربيع"، "الأصيل". كما تتناول بعض الأغاني العاطفية ذكر الطبيعة الجميلة في إطار عشق الإنسان لكل ما هو جميل مثل "ربما"، "في سكون الليل"، "القرنفل"، "حبيبي ف عنيه"، "صحبة الورد"، "ربيع شاعر"، "الجدول"، "إنت ِإلهام جديد"، " "هنا روض غرامنا"، "فات الربيع".

لكن مع تفاقم مرض البلهارسيا لديه بدءاً من عام 1956، نلاحظ أن نبرة التفاؤل بدأت تختفي من أغانيه تدريجياً، وتحل محلها نبرة الحزن في أغانيه.

تعاون مع الملحن العبقري محمد الموجي وكمال الطويل ثم بليغ حمدي، كما أنه له أغاني شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل"أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا".

                                                                    

ثم أكمل الثنائي "حليم ، بليغ" بالاشتراك مع الشاعر المصري المعروف محمد حمزة أفضل الأغاني العربية من أبرزها:

زي الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، موعود وغيرها من الأغاني.

وقد غنى للشاعر الكبير نزار قباني أغنية قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء والتي لحنها الموسيقار محمد الموجي.

بعد حرب 1967 غنى في حفلته التاريخية أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن لصالح المجهود الحربى لإزالة آثار العدوان. وقد قدم عبد الحليم في هذا الحفل أغنية المسيح; كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، وغنى في نفس الحفل أغنية عدى النهار، وهي أيضاً للأبنودي وبليغ، وهي واحدة من أبرز أغاني حفلات عبد الحليم على مدار تاريخه الطويل.

كان صديقاً للزعيم الحبيب بورقيبة، والحسن الثاني، والملك حسين،كان عبد الحليم يحلم بتقديم قصة "لا" للكاتب الكبير مصطفى أمين على شاشة السينما ورشح نجلاء فتحي لبطولتها ولكن القدر لم يمهله.

قدم 3 برامج غنائية هي"فتاة النيل" للشاعر أحمد مخيمر وألحان محمد الموجي وإخراج كامل يوسف و"معروف الإسكافي" للشاعر إبراهيم رجب وألحان عبد الحليم علي وإخراج عثمان أباظة، "وفاء" للشاعر مصطفى عبد الرحمن وألحان حسين جنيد وإخراج إسماعيل عبد المجيد.

قدم عبد الحليم أكثر من مئتين وثلاثين أغنية. وقد قام مجدي العمروسي، صديق عبد الحليم حافظ، بجمع أغانيه في كتاب أطلق عليه " كراسة الحب والوطنية...السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ " تضمنت غالبية ما غنى عبد الحليم حافظ. وما يلي هو جزء من أغانيه.

رغم الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها عبد الحليم حافظ، لكن هناك عدداً كبيراً من أغانيه لا يعرفها كثير من الناس، والسبب الحقيقي لهذا هو ان هذا الإنتاج الإذاعي لا يتم اذاعته وهو مملوك للإذاعة المصرية مثل باقي إنتاجه وهذا السبب نتج عنه شىء من الندرة وتم الاعتقاد أنه تراث مجهول ولكنه معلوم لكثير من المؤرخين والاذاعين المصريين المخضرمين، وإذا حسبنا عدد الأغاني التي قدمها في الأفلام سواءٌ بالصوت، والصورة، أم بالصوت فقط، إضافة إلى الأغاني المصورة في التلفيزيون، نجد أن عددها يمكن أن يصل إلى 112 أغنية تقريباً، وهذا العدد لا يكاد يشكل نصف عدد أغانيه البالغة حوالي 231 أغنية في المتوسط ، كما أننا لم نأخذ في الحسبان الأغاني التي هي بحوزة بعض أصدقاء عبد الحليم، والتي هي غير متاحة للتداول التجاري .

قام عبد الحليم ببطولة المسلسل الإذاعي "أرجوك لا تفهمني بسرعة"سنة 1973، وهو المسلسل الوحيد الذي شارك فيه عبد الحليم كبطل للحلقات، وذلك برفقة نجلاء فتحى وعادل إمام قصة محمود عوض وإخراج محمد علوان.

أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد سببه مرض البلهارسيا، وكان هذا التليف سببا في وفاته عام 1977 م وكانت أول مرة عرف فيها العندليب الأسمر بهذا المرض عام 1956 م عندما أصيب بأول نزيف في المعدة وكان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف.

الأطباء الذين عالجوه في رحلة مرضه: الدكتور مصطفى قناوي، الدكتور ياسين عبد الغفار، الدكتور زكي سويدان، الدكتور هشام عيسى، الدكتور شاكر سرور، ومن إنجلترا الدكتور تانر، الدكتورة شيلا شارلوك، الدكتور دوجر ويليامز، د.رونالد ماكبث، ومن فرنسا د.سارازان فرنسا.

كانت له سكرتيرة خاصة هي الآنسة سهير محمد علي وعملت معه منذ 1972 وكانت مرافقته في كل المستشفيات التي رقد فيها.

المستشفيات التي رقد فيها بالخارج : مستشفى ابن سينا بالرباط"المغرب"، وفي إنجلترا: مستشفى سان جيمس هيرست، ولندن كلينك، فيرسنج هوم، مستشفى كنجز كولدج "المستشفى الذي شهد وفاته"، "سالبتريد" "باريس".

                                        

ورحل العندليب يوم الأربعاء في 30 مارس 1977 في المملكة المتحدة البريطانية بالعاصمة "لندن"، عن عمر يناهز السابعة والأربعين عاما، والسبب المباشر في موته هو خدش المنظار الذي أوصل لأمعاه مما أدى إلى النزيف وقد حاول الأطباء منع النزيف بوضع بالون ليبلعه لمنع تسرب الدم ولكن عبد الحليم مات ولم يستطع بلع البالون الطبي.

وفقد الجمهور صوت يمثل لهم حبا شديدا ولذلك، حزنوا شديدا، حتى أن بعض الفتيات من مصر انتحرن بعد معرفتهن بهذا الخبر.

وشُيعت جثمانه في جنازة مهيبة كانت تمتد لطول القاهرة، لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والفنانة الراحلة أم كلثوم سواء في عدد البشر المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع.

                                                                            

عبدالحليم حافظ اسطورة يرفض العقل رحيله ذكراه الأربعين الصباح العربي

فن وثقافة

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq