الصباح العربي
الجمعة، 19 أبريل 2024 10:55 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

عماد الدين حسين يكتب: فتاة الزقازيق تدق جرس الإنذار

الصباح العربي

زميلة صحفية كتبت على صفحتها على الفيس بوك، عصر يوم الجمعة الماضى، تقول: «أنا خايفة بسبب واقعة التحرش التى حدثت فى الشرقية بشكل لا يوصف، الحاجات دى تخوف على مستقبل البلد أكثر من كل الحاجات اللى موجودة فعلا، وكانت تخوفنا قبل ذلك».

كلام هذه الزميلة صحيح مليون فى المائة، وقرأت واستمعت إلى معانٍ كثيرة مماثلة له، عقب حادثة التحرش الجماعى التى تعرضت لها فتاة بأحد شوارع منطقة القومية بالزقازيق، ولم ينقذها إلا دخولها لأحد المحال التجارية، ومجىء قوات الأمن التى أطلقت الرصاص الحى فى الهواء لتفريق المتظاهرين الذى كانوا أشبه بمجموعة من الذئاب يريدون الانفراد بالفريسة!!.

مشهد الفتاة وتجمهر أكثر من 200 شاب صغير السن حولها هو أخطر جرس إنذار يفترض أن ننتبه له جميعا قبل فوات الأوان، هذا المشهد ليس فرديا، ولا منفصلا عن سياق عام بات يهدد المجتمع فى الصميم.

بالطبع نحن نعانى ونواجه مشكلات ضخمة رئيسية كثيرة، مثل الأزمة الاقتصادية والعنف والإرهاب والتطرف. لكن لا أعرف هل نحن على وعى كامل بخطورة مشكلة انهيار الأخلاق العامة والانفلات فى الشارع أم لا؟!.

أعيش فى منطقة السيدة زينب، وأمر كثيرا سيرا على الأقدام فى منطقة السوق المحيطة بمربع الوزارات، واستمع إلى اللغة التى يتعامل بها الناس، خصوصا الشباب وأنا لا أصدق نفسى من هول ما أسمعه.

صرت أخجل وأنا أسير فى الشارع من سماع هذه اللغة السوقية البذيئة، على الرغم من أن هذه المنطقة يفترض أنها تخص الطبقة الوسطى، وليست عشوائية أو فقيرة. صارت الشتيمة بالأم وسب الدين من الأمور العادية، التى لا تلفت انتباه كثيرين للأسف الشديد.

أنواع السباب المختلفة، يطلقها كثيرون الآن من دون أن يشعروا بالخجل أو العيب!!.

وإذا عرفنا أن عددا كبيرا من هؤلاء الشباب صار يتعاطى أنواعا مختلفة من المخدرات فعلينا أن نعرف زيادة عدد «الذئاب المنفردة والمتجمعة» التى تعيش بيننا!!.

قبل أيام قرأنا عن الحالة الشاذة للعامل الذى اغتصب رضيعة عمرها أقل من عامين فى مركز بلقاس بالدقهلية، ونقرأ ونسمع ونتابع فى وسائل الإعلام عن تزايد زنى المحارم.

أسوأ سيناريو أن نعتبر أن القبض على ست شباب فى واقعة فتاة الزقازيق، أو سجن وإعدام العامل فى بلقاس هو نهاية القصة. حتى هؤلاء المجرمين ــ وبعد إدانة ما فعلوه بالمطلق ــ فهم فى النهاية ضحايا لحالة عامة فى المجتمع.

أرجو أن تدرس كل الهيئات والوزارات والمؤسسات والأجهزة الرسمية والشعبية دلالات مثل هذه الحوادث وتداعياتها المستقبلية. وأرجو أن تدرس مثل هذه الأجهزة نوعية وحجم مثل هذه الجرائم التى يعتبر بعضها جديدا تماما على الشعب المصرى، أرجو أن نسأل أنفسنا عن دلالة تجمع 200 شاب وإصرارهم على محاولة التحرش بالفتاة علنا وفى الشارع وتحت حماية الشرطة وبشكل جماعى، هذا مشهد أظن أن الحيوانات نفسها لا تفعله!!.

قد يعتقد البعض واهما أن مثل هذه النوعية من الناس، لن تفكر فى السياسة وستظل مطحونة فى «البرشمة»، وسائر أنواع المخدرات وحبوب الهلوسة، لكن من سوء الحظ أن هذه الاحتمال ليست صحيحة بالمرة.

وأتمنى أن يفكر كل من يهمه الأمر فى سيناريو بديل أكثر احتمالا، وهو أن الأزمات الاقتصادية مع ضعف مستوى التعليم، ورداءة معظم المنتوج الإعلامى والفنى، فإن هذه النماذج قد تتحول إلى قنابل موقوتة قريبا، وإذا كان وصول قوات الشرطة لإنقاذ فتاة الزقازيق لم يكن كافيا، مما دعاها لاستخدام الرصاص الحى، فعلينا ألا نستبعد سيناريو يقوم فيه المتحرشون «باحتلال بعض المناطق واغتصاب سكانها، كما يحاول الداعشيون بالضبط مع فارق القياس، لكن هدف الاثنين واحد تقريبا!!.

نقلا عن صحيفة الشروق

عماد الدين حسين فتاة الزقازيق جرس الإنذار

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq