الصباح العربي
الخميس، 18 أبريل 2024 04:23 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

يوسف القعيد يكتب: منابع الروح وضرورات الحياة

الصباح العربي

ربما كان الرئيس عبد الفتاح السيسى، أول رئيس لمصر يدلى بحديث لثلاثة رؤساء تحرير معا. ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحرير الأخبار، ومحمد عبد الهادى علام، رئيس تحرير الأهرام. وفهمى عنبة، رئيس تحرير جريدة الجمهورية.
الحوار الصحفى كما تعودنا من قَبْلْ شخصى وفردى. بمعنى أنه يجريه صحفى مع رئيس يطرح عليه أسئلته ويتلقى إجاباته، ويوصلها بأمانة وموضوعية للناس. أو أن يعقد المسئول مؤتمرا صحفيا يحضره الجميع. أما هذا الخيار الجديد، فقد استغربته عندما تم لأول مرة. وأشفقت على زملائى الثلاثة فى تحرير حديث تم الإدلاء به لهم هم الثلاثة. ولا يبقى فى سياق الإبداع سوى العناوين والمقدمة والاجتهاد فى صياغة الأسئلة. 

لكن التجربة تكررت أكثر من مرة. وأشهد أن مردودها أكثر من جيد، وأن قراءتها أمتعتنى. وذلك بالنسبة لواحد مثلى. مدمن قراءة صحف ورقية. فإننى أحرص على قراءة الصحف الثلاث. لا أكتفى بواحدة. لكنى أتوقف أمام الصياغات والأسئلة والعناوين والمقدمات التى لا بد أن تختلف من جريدة لأخرى. 

لا يستطيع أحد أن يناقش الرئيس فى اختياراته. فهى حق إنسانى له. وأيضا حقه كمسئول أن يختار من يحاوره، وتكرار التجربة يعنى أن مردوداتها كانت جيدة، ولا بد وأن فى الدولة المصرية الآن أجهزة لقياس الرأى العام، ولمتابعة تأثير ومردود أحاديث الرئيس على المواطن العادى. لا أقصد النخبة التى يمكن أن تقرأ مثل هذا الحوار المهم كجزء من اهتمامها بالشأن الجارى. 

الجديد فى حوار الأربعاء والخميس الماضيين ما قاله الرئيس السيسى، ويمكن أن يرقى لمستوى الانتقاد. قال: لا أنسى مشهد أولاند مودعا ماكرون بكل لطف وأمان. وأتمنى تكراره فى بلادى. لن أسرف فى الاستخدامات اللغوية، وأقول إنها المرة الأولى التى يعجب فيها رئيس مصرى بعملية تسليم وتسلم السلطة فى بلد أخرى. بل ويتمنى أن يتكرر هذا فى مصر. 

قال الرئيس: لا أشعر بالحرج حينما أستمع لنقد من مواطن، بل يجب أن أسمعه. وهذا معناه أن الرجل لا يحب الاستماع للمديح فقط. وأنه يرحب بالاستماع للانتقاد من أى مواطن كان. فهذا حق المواطن عليه. حق المواطن أن يقول. وحق المواطن أن يستمع له الرئيس، مهما يكن هذا الانتقاد واصلا لقيادات الدولة العليا. بل إن استماع الرئيس لنقد المواطن أصبحت له وجوبية وليس منحة من الرئيس لأحد. 

قال الرئيس: لا أخشى التأثير على شعبيتى، الأهم أن أحافظ على الأمانة. وهو بذلك يشير إلى القرارات الاقتصادية الصعبة التى أتمنى أن نعبرها. 

وقال الرئيس: صدَّرنا أسماكاً فى 3 شهور تزيد 3 أضعاف ما تم فى عام. ثم استدرك الرئيس قائلاً: 

- ولننظر إلى حجم التصدير وإلى أين سيصل؟ وحجم الإستيراد وكيف سينخفض؟ وعندما رجعت أسباب أزمة الأسماك مؤخراً، وجدت أنها ترجع إلى زيادة حجم تصديرنا من الأسماك. فقد كنا نصدر 40 ألف طن سنوياً، بينما فى الشهور الثلاثة الماضية صدرنا 120 ألف طن. لكن دورنا أن نزيد إنتاجنا لنزيد المعروض. إن الأمر يتصل بحالة البحيرات وضرورة تكريكها لتنمية إنتاجها السمكى. بخلاف التعديات عليها بالتجفيف. نحن الآن نعمل لمنع تدهور حالة البحيرات ونصلح منها بالتدريج. 

قال الرئيس: يجب أن نسمع بعضنا ونرى ونعمل معا. وقال: أقابل شخصيات فى لقاءات غير معلنة وأستمع إلى تصوراتهم وتقديراتهم. وأكد أن: اختيار رئيس مجلس الدولة طبقا للقانون وللمصلحة الوطنية. وأحلم ألا يتأخر قرار الرئيس كثيرا. وكان مهما أن يوازن الرئيس فى كلامه بين القانون والمصلحة الوطنية. 

قال الرئيس: تحالف 30 يونيو لم ينته، لكنه موجود وقائم فى مواجهة أى خطر. وعن تحالف 30 يونيو الذى يجب أن يبقى وأن يمثل حاضنة شعبية وسندا جماهيريا لمشروع الرئيس. فإننا نسمع كثيرا عن شباب من تحالف 30 يونيو فى السجون الآن. وكنا نتمنى الإفراج عنهم. وكنا أيضا نتمنى أن نراهم فى المشهد العام. وأن نعتبر أن لهم دورا فى تنفيذ مشروع الرئيس فى أرض الواقع. ليس لأنهم يجنون ما قدمت أيديهم من قبل. ولكن لأن مصر فى أمس الحاجة إليهم. 

وعلى الرغم أن الرئيس لم يعلن عن ترشحه لولاية ثانية، وهذا حقنا عليه. وحق مصر عليه. وليس هناك اختيار، بل إن هذا الترشح فريضة لا بد أن يقوم بها. أو ضرورة من أجل مستقبل البلاد. لكنه فى الوقت الذى يقول فيه إن قراره بالترشح مؤجل، وأن لكل حادث حديثا. فهو يدعو الإعلام – فى نفس الحوار – إلى منح الفرصة لكل من يترشح للرئاسة بتجرد لمصلحة الوطن. أى أن الرجل يرحب بمرشحين منافسين، ويطالب لهم بحقهم فى فرص الإعلام. هذا على الرغم من أن قراره بالترشح لم يعلن بعد، رغم أنه مطلب جماهيرى.

وهنا أصل إلى موضوعى، فالرئيس لم يُسأل عن الثقافة المصرية. والخيال المصرى. والروح المصرية. والمأزق الفكرى الراهن الذى نمر به. فالمصرى الآن ربما يشعر بقلق إزاء الغد. ربما يعانى من خواء روحى ونفسى. صحيح أنه تكلم فى أمور قريبة. فعندما قال الرئاسة تتسلم الأسبوع المقبل من شباب الأحزاب ملامح حملة قومية وضعوها لمحو الأمية وإجراءات تنفيذها. فقد كان يضع يده على أهم ما يمكن أن يخرج مصر من مأزقها الروحى. فالإنسان المتعلم حصن أمان ودرع واقية. وأيضا تكلم عن مكتبة الإسكندرية بعد أن ودعت إسماعيل سراج الدين وتسلمها مصطفى الفقى. وقال: مستعدون للقيام بدور أكبر داخل مصر وخارجها لدعم رسالة مكتبة الإسكندرية كمنارة عالمية. 

لكل حوار عبارته المختصرة التى تقدم لنا الإنسان بملامحه الحقيقية. وقد سعدت وأنا أقرأ ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى لزملائى رؤساء التحرير الثلاثة: 

- لا يمكن أن تكون رجلا عزيز النفس ولا تحترم إرادة الجماهير. 

كان العقاد فى عبقرياته الشهيرة يبحث عند كل شخصية عما يسمى مفتاح الشخصية. وأنا أقول إن هذه العبارة ربما ترقى أن تكون مفتاحا لشخصية الرئيس عبد الفتاح السيسى، تأخذنا إليه وتدلنا عليه، وتضع أيدينا على جوهره. 

نقلا عن صحيفة الأهرام

يوسف القعيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ياسر رزق

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq