ما يلبث ماراثون الدراما في رمضان يُطلق صافرة البدء، حتى ينطلق العديد من نجوم الدراما المصرية والعربية في العدو بكل ما لديهم من قوة، يأخذون المشاهد بين وتيرة سريعة، و أخرى شيقة أحداثها، إلا أن "خالد النبوي" و كأنه يخرج من ذلك السباق إلى تلك الزاوية الهادئة، و بابتسامة خجولة يدعو الجماهير إلى طاولة أعجوبة درامية، بتمهل و تمعن يرتشفون فنجان قهوة، ينصتون إلى سيمفونية من الجرامافون، دعوة منه إلى كل التفاصيل التي يُقدّمها في عالم ساحر، يبدو واقعًا.

هكذا هي إطلالة النجم "خالد النبوي" في الأعمال الدرامية، و هذا العام في مسلسل "واحة الغروب"، الذي يلعب فيه دور "محمود عبدالظاهر"، طوال عشرات الدقائق يوميًا، حرص على تقديم شخصية من الماضي بعث فيها من الحياة الأبدية في عالم الدراما الخالدة، كلاسيكية الأداء، و الصوت الرخيم للظابط الذي عاصر ثورة "عرابي" في القرن الماضي، الإنسان الذي يعيش صراعًا داخليًا نشهده بأدق حالاته.

لم يحترف لغة الجسد فحسب، فخالد النبوي قدّم أطروحة عملية لِما يجب عليه التمثيل أن يكون، حينما يتشبع الفنان بأدق تفاصيل الشخصية، لتغدو ملامح وجهه و هي صامتة تتحدث بها، و تجذب لغة العيون المشاهد إليها تدريجيًا لينسى أنه بالفعل تمثيل، و يُدخله إلى واقع العمل الدرامي، لا يفيق من تلك الحالة إلا بتيتر النهاية.

شخصية "محمود عبدالظاهر" لا تُعد الأولى في مسيرة خالد النبوي التي يحترف الدخول في تفاصيلها كاملة، حيث إنه اعتمد على الأداء الكلاسيكي الذي يتخذه عملاقة هوليوود من أمثال: آل باتشينو، مارلون براندو، و الكثيرين غيرهم منهجًا دراميًا لترك الآثار الحقيقية للدراما و الفن في نفوس البشر، سعيًا للارتقاء و بحثًا عن المزيد من إشباع الحواس بملحمة إبداعية من العيار الثقيل.

عامًا تلو الآخر، يحرص النجم المصري "النبوي" على أن يبتعد عن المقارنة، ضمن سباق الدراما الرمضاني، و يُراهن على فئة معينة من الجماهير الذوّاقة التي تتخطى حدود المشاهدة إلى الدخول في عالم العمل الدرامي.

و ها هو مجددًا يكسب الرهان بشروطه الخاصة، و عمق أداء لم يبحث يومًا عن لقب له سوى أن يكتب اسمه في تاريخ فني عريق، و يضيف إليه ألقابًا أخرى صُنعت من أدواره، و مؤخرًا كان "محمود عبدالظاهر" تلك الشخصية التي تراقصت على أفق الأوراق من رواية "واحة الغروب" بروح خالد النبوي وجدت الخلود.