من بلاد الأرز الساحرة، وجهت صوتها عاليًا نحو المتلقي العربي، لينسجم معها بموجات من السعادة، بعد أن امتلكت المسارح بطاقتها المتجددة بالمحبة، و السلام، "كارول سماحة" التي احتفلت بعيد ميلادها الموافق الخامس والعشرين من يوليو الجاري، نجمة لبنانية لازالت تحمل الفن إلى مفهومه الصحيح.

كلما يظهر صوتها، تحكي مع المستمع بلغة قلبه، لتُنبت نبضات من التفاؤل، و إن تغنت بالجراح فنقلتهم إلى عالم الداء الموجع طواعية، للاستمتاع بحديث آخر من الإحساس السليم، و للوطن معالم غنائية أخرى، فكارول سماحة عندما تُغني "لبنان" يتخذ الفخر ألوان راية و شجرة أرز على شاكلة غنائية مُعبّرة عن التقدير، و تخرج عن كل ما هو مألوف من الرتابة الموسيقية، فيما أوضحت بمصداقية الأوضاع في "الشرق العظيم".

بداية من ظهورها الأول، كانت كارول سماحة رمزًا للرُقي، و مع مرور السنوات، و النجاحات المتاالية لم تخضع يومًا للتردي و الابتذال، بل تفوّقت، و أعلنت التحدي الكبير، و الثقة في جمهور ذوّاق، و عمل عن الآخر يُثبت تجديدها لعهود الرُقي و السمو الفني.

برصيد قليل من الألبومات، حملت العناوين ملامح واضحة عن شخصية نجمته، التي حصدت أضواء الشهرة بحلم من ذكرياتها، و أصبحت حدودها السماء، و العديد من الأغنيات المنفردة، بات من الصعب تصديق أن هكذا نجمة لامعة لا تطرح أسبوعيًا عمل غنائي جديد، لكن في الوقت ذاته هكذا "فنانة" حقيقية تتخذ من الإبداع و الإبهام دربًا للفن، تُلبي تعطش الجمهور بأعمال و إن طال انتظارها.

بالإضافة إلى شهد المسرح على تألقها باحترافية، حتى إنها تُكرس من قوة أدائها لتخدم الفن بطرق من ذهب، لتظل عالقة في ذاكرة التاريخ، حيث شاركت في مسرحيات من إنتاج منصور الرحباني منها: "آخر أيام سقراط"، "أبو الطيب المتنبي"، "ملوك الطوائف"، و "زنوبيا".

و بعشرات الأغنيات المصوّرة تحرص على نقل المتابعين، إلى عالم مبهر من التمثيل الواقعي الذي صقل من قوة الأغنية المعاصرة، لتصير حلمًا جميلًا من التألق.

و بإحساس ملائكي زادته الأمومة تطوّرًا كانت أغنيتها لابنتها "تالا" تختلف عن كل ما هو سائد و تم تقديمه، باتقان جديد، أثبتت أن الفن جزء من كيانها الإنساني.

و على الصعيد الإنساني، فإن كارول سماحة من أكثر نجمات العالم العربي تحدّثًا عن الموضوعات الشائكة بكل وضوح، لتدعم المستضعفين، و ترفع بالصوت من أجلهم.

حالة استثنائية، تمكنت من احتراف الغناء، الاستعراض، التمثيل، بالإضافة إلى دور إنساني يسعى لتقديم ما يؤثر في المجتمع بطريقة إيجابية، للارتقاء بالروح العربية نحو كمال المفاهيم السلمية الحقيقية، ابتعدت عن ترديد الشعارات، لتصير لغزًا محيرًا بين الإبداع الفني، و التألق الإنساني، لغز جميل تمكن روعته في عدم كونه غامضًا بل واضحًا تعتمد على الفن، و الفن وحده من يضع الأمور في نصابها الصحيح.