الصباح العربي
الأربعاء، 24 أبريل 2024 01:13 صـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

د. عمرو عبد السميع يكتب: قنبلة داعش الإشعاعية

الصباح العربي

نشرت صحيفة «الواشنطن بوست» تقريرا يشير إلى أن جهازا للعلاج بالإشعاع من الخلايا السرطانية يستخدم مادة «كوبالت-60 كان موجودا فى إحدى كليات جامعة الموصل وقت وقوعها فى أيدى داعش وسقوطها مع عشرات القلاع والنقاط الحصينة ومخازن الأسلحة والصواريخ والدبابات، وأن مقاتلى داعش لم يعرفوا كيف يستخدمونه رغم أن التعرض المباشر «للكوبالت-60» هو ذو معدلات قاتلة من الإشعاع. 

وعدم فهم مقاتلى داعش لخطورة ما وقع فى أياديهم هو ما أجل قدرتهم على تصنيع «قنبلة قذرة» فى مواجهة القوات التى تهاجمهم طوال سنوات ثلاث، وهو ما يطرح قضية خطيرة وهى كيفية مواجهة احتمال سقوط المواد الإشعاعية وبالتالى تعريض العالم كله لحروب ذرية صغيرة تدمر جُل مقدراته. 

والحقيقة أنه لا يمكن تحقيق تلك الرقابة الدولية أو السيطرة دون اصطدام بفكرة السيادة، الأمر الذى يحتاج ـ فيما أتصور ـ إلى اتفاقيات دولية تنظم الإشراف على وجود المواد الإشعاعية ونقلها إذا تعرض للخطر، مادامت توجد فى دول تنهار سلطاتها فى لحظة كفص من الملح يذوب مثلما جرب من إثيل النجيفى محافظ الموصل وقت هجوم داعش وقد أمر قواته بالانسحاب قبل ـ حتى ـ أن تصطدم بداعش. 

السيادة هى فكرة تُطرح بافتراض قدرة أى بلد على حماية «مقدراته» ومنها المواد الخطيرة، ولكن من ثبوت عدم قدرة بلد مثل العراق على حماية مواد بهذه الخطورة فإن لونا من المسئولية العالمية يفرض نفسه على هذا الوضع، ويفرض أيضا ترجمته لتلك المسئولية فى شكل وثيقة دولية تلزم الموقعين عليها ببنودها. 

وأنا أعلم أننى بهذا المقترح أصطدم بأفكار مثل الاستقلال أو السيادة أو حفاظ بعض الدول على ما تعتبره أسرارها، ولكننى ـ هنا ـ أطرح المسئولية الدولية فى كل بلاد العالم ـ معا ـ عن حماية وصون ونقل مثل تلك المواد وليس فى ذلك اعتراف بمنطق دول كبرى ودول صغيرة وإنما هو التزام على الكل يجب احترامه بغض النظر عن «السيادة» لأن «أمن» الشعوب أبقى وأهم من استحواذ بعض الدول على مواد خطيرة قد تكون ـ فى ذاتها ـ هدفا للقوى الإرهابية التى بينها ـ بالقطع ـ من يعرف كيف يستخدمها وليس مثل مقاتلى داعش الجهلاء الذين عجزوا عن ذلك.. مرة أخرى أمن الشعوب أهم وأبقى من سيادة الدول. 

نقلا عن صحيفة الأهرام

د. عمرو عبد السميع  قنبلة داعش الإشعاعية

مقالات ورأى

click here click here click here altreeq altreeq