فى كل مرة تقع فيها عملية إرهابية، ويسقط بسببها ضحايا أبرياء، تقوم الدنيا ثم تقعد ... وتتعالى صيحات للانتقام وتنادى بوضع استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب.

وبعد مرورعدة أيام تهدأ الدعوة وتخفت الصيحات....إلى أن تقع عملية أخرى...وهكذا ولكن لكى نتقدم خطوة أخرى على طريق وضع تلك الإستراتيجية, سوف أطرح هنا بعض الأفكار. أولا، وبدون تعقيدات لفظية أو فكرية فإن كلمة إستراتيجية فى هذا السياق معناها وضع خطة شاملة للقضاء على الإرهاب يتم بناء عليها مواجهته، ليس بإجراءات قصيرة المدى وإنما من خلال خطط طويلة المدى تتجه للقضاء على الإرهاب فى مراحله المختلفة. وابتداء...من يضع هذه الخطة؟ يتضافر فى وضعها ممثلو كل الجهات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب (الأمن، القوات المسلحة، والمخابرات ووزارات وأجهزة التربية والتعليم والثقافة والإعلام والنقابات المهنية والجمعيات الطوعية والحقوقية ذات الصلة...إلخ).

ما العناصر التى تتضمنها تلك الإستراتيجية؟ تتضمن أولا مواجهة أسباب أو منابع الإرهاب، الأسباب الثقافية (الأفكار الدينية المتطرفة، التدهور الفكرى العام،...إلخ) والتعليمية (تدهور بل وانهيار التعليم النظامى، واختفاء المدارس..!) والاجتماعية (التفكك الأسرى وقلة النوادى والمنتديات الاجتماعية...إلخ), ثم تتضمن ثانيا مواجهة مقومات الإرهاب، أى المقومات الفكرية..أى مضمون الأفكار المتطرفة، ثم العناصر البشرية التى تكون مؤهلة للانجذاب لذلك الفكر.

وتتضمن الاستراتيجية ثالثا مواجهة الأساليب والأشكال المختلفة للفعل الإرهابى (عمليات انتحارية، عبوات ناسفة...إلخ). وأخيرا، فإن المواجهة على تلك المستويات الثلاثة، لا يمكن أن تتم بنجاح إلا بالاعتماد على كوادر مؤهلة ومدربة تدريبا راقيا، تصقله الخبرة المتراكمة، ليس فقط فى أجهزة الأمن والشرطة، وإنما فى كل المؤسسات المعنية الثقافية والتعليمية والإعلامية.

نقلا عن صحيفة الأهرام