الصباح العربي
الخميس، 25 أبريل 2024 07:39 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

د. شوقى السيد يكتب: الديمقراطية بين الفوضى وأنياب القانون !

الصباح العربي

توقعت في مقال نشر يوم 7 فبراير الجاري بمناسبة الطريق الى الاتحادية، كثرة الشائعات والفتن والأكاذيب، وانتشار البلاغات والشكايات والقضايا أمام سلطات التحقيق وساحات المحاكم، وأن الغالب الأعم منها انتهاز للحالة القائمة بالبلاد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، وهو ما حدث بالفعل خلال الأيام الماضية ولم أكن أتمناه، وعلينا أن نتذكر ما حدث منذ يناير 2011 أى منذ سبع سنوات، وقد سادت حالة الإضطراب والفوضى والعدوان الغاشم على مؤسسات الدولة وقوات الأمن في البلاد، تمكنت خلالها الجماعة الإرهابية من السطو على رئاسة البلاد بالبلطجة والتهديد بحريق القاهرة، تماماً مثلما حدث في 26 يناير 1952، وكأن السيناريو يتكرر مع صور أخري للإخراج، واستمرت السيطرة على مؤسسات الدولة وتسخيرها لصالح الجماعة الإرهابية وتجار الدين، فازدادت الفوضى وعم الاضطراب، حتى ثار الشعب في 30 يونيو 2013 وبعد سنة واحدة، واستعادت الدولة وجودها بإصدار الدستور في يناير 2014 واختيار رئيس للبلاد في يونيو 2014، وسارت الدنيا بعدها في طريق الاستقرار والتنمية رغم كل الصعوبات ومهما كانت النتائج، كما أن الدولة تخوض معركة شاملة بسيناء 2018 للحرب على الإرهاب، وتستعد كذلك لانتخابات رئاسية جديدة واجتياز الصعاب، كل ذلك خلق حالة من محاولة إثارة الفوضى وبث الشائعات والفتن لتكون عائقاً أمام استكمال الطريق.

ووسط هذا المناخ يأتى الحديث عن الديمقراطية، وأحد معانيها «الحرية» التى تحترم حقوق الآخرين، وكذا حرية النقد والتعبير الذى يستهدف المصلحة العامة والبعد عن التشهير وإثارة الفتن، وسماع الرأى والرأى الآخر عن علم وموضوعية، وممارسة الحق في المعارضة، ووسط الديمقراطية الناعمة يزداد الضجيج.. ويتصاعد الدخان ويعلو الصخب وتكثر الفتن والشائعات التى تهدد البلاد، وإذا كانت الديمقراطية تعنى في أحد معانيها سيادة القانون وخضوع الجميع لأحكامه بما فيها الدولة ذاتها بكل سلطاتها، وهى تعنى أيضاً في أحد روافدها سيادة الشعب على إرادة الحكام ليحكم الشعب نفسه بنفسه، فضلاً عما تحمله الديمقراطية من معان أخري براقة، لكنها بكل تأكيد في كل صورها ومعانيها لا تمثل حقوقاً مطلقة بغير حدود، كما لا يمكن أن تعنى حالة الفوضى بالبلاد ومهما كان إتساع دائرة الديمقراطية، ومهما تعددت صورها، فأنه لا يمكن أن تستسلم للفوضى، لأن الحياة الآمنة حق لكل أنسان، وتلتزم الدولة دستورياً بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها بل ولكل من يقيم على أراضيها.

والدولة بكل سلطاتها مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها الدستورية والحفاظ على الأمن القومى للبلاد ومكافحة الأرهاب بكل صوره، وقد وردت هذه الالتزامات حصرياً في الدستور، بلغ عددها في باب المقومات الأساسية للمجتمع وفي باب الحقوق والحريات والواجبات العامة 51 التزاماً وردت حصرياً في مواد الأبواب الثلاثة الأولى من الدستور، وقبل نصوص نظام الحكم، ومازال يقع على عاتق الدولة الكثير.

وقد أكد لنا الدستور، في ديباجته، استكمال بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية تصون الحرية وتحمى الوطن، والمساواة في الحقوق والواجبات, ولا يكفي لتحقيق هذه الأمانى المدة التى مضت منذ صدور الدستور وحتى الآن، لأن مثل هذه الالتزامات الدستورية تستلزم من الدولة الخطط والجهد والوقت، وهى مسئولة عن وضع الإستراتيجية لتحقيقها، كما أنها لا تملك ذلك وحدها، وقد يحدث في الطريق الثغرات أو السقطات أو العقبات وقد تحدث كذلك المعجزات على أيدى المصريين، كل ذلك وارد.. لكن عندما تُطل الفوضى برأسها على المجتمع فإن الدولة عليها واجب أساسي، أن تصون أمن المجتمع وأن تتصدى لذلك بكل قوة وهى مسئولية وطنية، وبالقانون الذى ليست نصوصه كلها ناعمة، وإنما تجمع نصوصه أيضاً الأنياب لتستخدم عند اللزوم في مواجهة درء الأضرار الأشد جسامة وضراوة، وتعمل على تحقيق المصالح الضرورية قبل الحاجية، والتحسينية، وتحقيق المصالح العامة ثم المصالح الجماعية ثم أخيراً المصالح الخاصة.. وعليها مراعاة قواعد الترجيح والموازنة بين الأهم والمهم وفقاً للمخاطر والأولويات والحاجات في المجتمع وأولها الحياة الآمنة، والحفاظ على الأمن القومى للبلاد والوقوف ضد الفتن والشائعات.. كل ذلك بالقانون وبأنياب القانون أحياناً، وليس بأى شئ آخر!!

نقلا عن صحيفة الأهرام

د. شوقى السيد يكتب  الديمقراطية الفوضى وأنياب القانون !

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq