الصباح العربي
الجمعة، 19 أبريل 2024 03:21 صـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

 نبيل زكى يكتب: رد اعتبار لكاتب مصرى وطنى

الصباح العربي

التعليق على ما يكتبه من نحترمهم ونقدرهم من زملائنا الكُتاب.. واجب أدبى وأخلاقي. وهذا ما يدفعنى إلى أن أعلق على ما كتبه الصديق أحمد الجمال فى عدد «الأهرام» بتاريخ 15 فبراير الجارى تحت عنوان «الخيط بين عامر.. وعنان» وتناول فى سياقه أحد كبار الكُتاب والصحفيين المصريين، وهو أحمد عباس صالح.

وقد عرفت هذا الأخير عن قرب وعملت معه لعدة سنوات كمدير لتحرير مجلة «الكاتب» التى كان يرأس تحريرها. ولما كان عباس صالح قد انتقل إلى رحمة الله منذ سنوات ققد وجدت أن الأمانة تقتضى أن أنوب عن الراحل فى توضيح حقيقة موقفه. إذ يقول أحمد الجمال ان مجلة «الكاتب».. كانت منبرا للفكر القومى «وكانت لصالح ميول سياسية بعثية».. بل تردد أن عباس صالح «كان لفترة ما فى الخمسينيات منضما لحزب البعث وقريبا جدا من قيادة الحزب فى العراق».

يقول أحمد عباس صالح فى مذكراته، »عمر فى العاصفة« »لم أكن بعثيا، بل لعلى كنت ناقدا لفكر البعث... إننا فى مجلة الكاتب أدركنا أنه من الضرورى أن نعمل على إزالة التناقض ما بين النزعة القومية والانتماء العالمي. وقد فعلنا ذلك من خلال مجموعة من الدراسات قام بها كُتاب ماركسيون فى الأساس اشتغلوا بالقضايا الوطنية والقومية فى إطار ما يمكن أن يسمى بالثورة العالمية» وفى موضع آخر من مذكراته، يقول »كنت انتقد الفكر البعثى وأربط الفكرة القومية بالمشروع البورجوازى للوحدة قياسا على النقد الماركسى الذى ينسب النزعة القومية إلى سعى الطبقة البورجوازية لتوحيد السوق«. ويفسر عباس صالح موقفه قائلا انه لم ينضم إلى البعث «ليس فقط بسبب تلاعبهم بالكلمات» بل لأن انتماءه المصرى والعربى والإسلامى كان جزءا من التركيب الكلى لسكان هذا العالم.. ويضيف إلى ذلك أنه ربما لم ينضم إلى حزب البعث لأنه لم يكن فى طبيعته رجلا سياسيا.

وأخيرا يصدر أحمد عباس صالح حكمه النهائى على حزب البعث: »بدأنا نعرف أن مهمة هذا الحزب الأولى أصبحت أشبه بجهاز ضخم للمخابرات، إذ كانت تعاليم الحزب تقضى بأن على العضو أن يبلغ عن أى شيء يمس أمن الحزب حتى لو كان هذا الشيء متصلا بالأب أو الأخ أو القريب. وهكذا تحول الحزب إلى جهاز أمنى أكثر منه جهازا سياسيا«. هل يمكن القول، بعد ذلك، بأن أحمد عباس صالح كان بعثيا؟!

والآن ننتقل إلى ما أسماه الصديق أحمد الجمال »الدرس المهم والخطير« الذى »أعاد تصرف سامى عنان تذكيرنا به وحتم علينا قراءته مجددا«: يقول الجمال انه فوجيء عندما عرف من أحمد عباس صالح أنه هو الذى كتب استقالة المشير عامر فى 1962. وهنا يوجه أحمد الجمال اتهاما أكثر ترويعا لعباس صالح معتبرا إياه مثلا لظاهرة انتهاز بعض المعارضين من أهل السياسة المدنيين الفرصة لعلاقة ما مع أحد المحسوبين على القوات المسلحة وتحويله إلى بوق يردد ما يريدون«. وهكذا »استتر عباس صالح وراء عامر وجعل موقفه ـ كبعثى مناهضا لناصر ونظامه«، من وجهة نظره.

وحقيقة ما حدث هى أن محمد أبو نار، الذى كان على علاقة قوية بالمشير عامر طلب من عباس صالح أن يكتب استقالة المشير عندما احتدم الخلاف بين المشير والرئيس عبد الناصر. وبالفعل كتب استقالة متضمنة نصا اختاره من كلاسيكيات العمل الديمقراطي، وهو »الماجنا كارتا« أو »العهد الأعظم« فى القرن الثالث عشر فى بريطانيا. وقد اختفى هذا النص فى بيان سحب الاستقالة.

وهنا يقول عباس: »كان عبد الناصر حكيما، فقد ذهب إلى بيت عامر واستطاع استمالته وأن ينهى اللقاء بنوع من الصلح«. ويكرر عباس صالح فى مذكراته أن عبد الناصر اتجه بجدية إلى تحديث مصر، وإنه بذل جهدا كبيرا ليعيد بناء الجيش على أن الظروف لم تمهل الرجل، فقد توفى بعد حرب يونيو بثلاث سنوات.

ومعنى ذلك كله أن عباس صالح وجد فى تطوعه لكتابة استقالة عامر مناسبة لإعلاء شأن مطلبه أو حلمه بقيام دولة القانون، وأنه لم يكن فى الأمر «تحريض صريح ضد القوات المسلحة بغرض الوقيعة بينها وبين الشعب أو جريمة تزوير فى المحررات الرسمية أو مخالفة لوائح الخدمة لضباط القوات المسلحة. إذن.. أين ذلك الخيط بين عامر.. وعنان أو بين هشام جنينة وعباس صالح؟ كل ما فى الأمر أن عباس صالح وجد مناسبة لكى يصل صوت القوة الوطنية إلى أكبر رأس فى البلاد.

نقلا عن صحيفة الأهرام

 نبيل زكى يكتب رد اعتبار كاتب مصرى وطنى

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq