الصباح العربي
الجمعة، 29 مارس 2024 12:34 صـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

سامى شرف يكتب: ضرورات إعادة بناء الدولة

الصباح العربي

إن عملية إعادة بناء الدولة علي أسس جديدة ليست مسألة بسيطة، وتحتاج إلي فترة زمنية قد تطول أو  تقصر نسبة إلي  مستوي التحديات التي يمكن أن تواجهها، والمؤامرات التي تحاك ضدها من قبل قوي تري  أن تلك العملية قد تضر مصالحها.

ومن أولي ضرورات عملية البناء هي ما يحاول أن يرسخه الرئيس السيسي في صياغة رؤية واضحة وشاملة، ومشروع محدد المعالم، يقوم علي وحدة فكرية وتوافق قومي حول منهج البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. مشروع يهدف لبناء مصر جديدة قوية متطورة، قادرة علي اللحاق بركب التطور والتنوير.

وفي هذا السياق أيضا، تأتي دعوته إلي ضرورة ضبط السلوك العام للأفراد والجماعات بنفس القدر ودون استثناء؛ لأن القيم والسلوكيات العامة ترتبط وتؤثر علي عملية بناء الأمة؛ فإما تدفعها للأمام وتحفزها، أو تقيد حركتها وتعرقل كل محاولات النهضة والبناء.

وللحق فالرجل يدرك جيدا أنه دون ذلك سوف تستمر مصر حبيسة مرحلة انتقالية دائمة، لا تعبر فيها أبدا من عنق الزجاجة كما يريد لها أعداؤها بل الأخطر من ذلك؛ فإن غياب مثل تلك الرؤية الشاملة التي يتبناها السيد الرئيس  لمستقبل البلاد يهدد باختزال الوطن، واختطاف مستقبله من خلال تغيير ملامح هويتنا، وفرض نماذج مجتمعية ليست منا، ولا من عصرنا تتسم بتصلب الفكر وضيق الأفق. ولذا، أعتقد أن أفضل ما أنجزه الرئيس السيسي إلي الآن هو أنه وضع مشروع إعادة بناء الدولة المصرية علي المسار الصحيح، وتحمل في سبيل ذلك ما خشي أن يتحمله غيره من القادة، خاصة في ظل ما تشهده البيئة الداخلية والخارجية من تحديات خطيرة.

وكما كان الرجل علي موعد مع القدر في تحمل المسئولية، صنع الشعب كعادته معجزته؛ فقد تحمل المصريون ما لم يتحمله شعب قط، هذا الشعب ثار مرتين فيما يقرب من عامين؛ الأولي من أجل العيش والكرامة والحرية، والثانية دفاعا عن الهوية والدولة الوطنية، وفي كل مرة ارتفع سقف طموحه لعنان السماء، ووجد في المرتين من دغدغوا مشاعره وداعبوا أحلامه واستغلوا آماله ليصدروا له الوهم، إلي أن ظهر المشير عبد الفتاح السيسي، وكان صادقا منذ البداية مع نفسه أولا ومع المصريين ثانيا؛ وأكد أن الطريق نحو  البناء صعب وشاق، وأن ثقته في النجاح كبيرة ما دام المصريون يدعمونه.

لقد أدرك هذا القائد الوطني أن تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري لا يمكن أن يتحقق دون إعادة هيكلة للدولة المصرية، كما آمن بقدرات ووعي هذا الشعب، وفي سبيل ذلك اتخذ قرارات  كثيرة أقل ما توصف به بأنها جريئة واستراتيجية، وهي تلك القرارات التي لا يقدم علي اتخاذها سوي القادة العظام، أصحاب المشروعات الكبري، والرؤي الاستراتيجية، التي لا تظهر نتائجها كاملة سوي بعد سنوات طويلة، ويسجلها تاريخ الوطن بين صفحاته المضيئة.

غامر الرجل بشعبيته ومصداقيته عند المصريين في سبيل انجاز مشروعه الوطني، وراهن علي أن الأمة المصرية لديها من الوعي ما يمكنها من التمييز بين من يعمل للمصلحة العامة ومن يعمل لمصلحة شخصية أو فئوية أو طبقية؛ وأن الشعب المصري يتحمل ويغفر كل شيء ما دامت ثقته في  قائده لم تهتز. والحقيقة أن أي منصف يتابع ما تم انجازه علي أرض مصر خلال السنوات الأربع الماضية، سوف يدرك أن بذرة الدولة الوطنية القوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا غرست في التربة المصرية، وتروي الآن بدماء وعرق أبنائها، وإرادة قائدها.

ولكي تؤتي هذه البذرة أكلها لابد أن يواصل جميع هذه الأطراف رعايتهم لها بكل عزيمة واصرار، وأن يشارك الجميع، فلا مجال للتخاذل أو الحياد. وكما يقول مارتن لوثر كينج «إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يقفون علي الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية الكبري».

نقلا عن صحيفة الأهرام

سامى شرف يكتب ضرورات إعادة بناء الدولة

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq