الصباح العربي
الخميس، 28 مارس 2024 01:43 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

د. عبد الغفار عفيفى الدويك يكتب: إيران والإرهاب فى الشرق الأوسط

الصباح العربي

شهد الشرق الأوسط تاريخياً ثلاثة محاولات لتقسيم النفوذ الأولى: بعد الاتفاق الودى عام 1904 وانتهى بسايكس بيكو ووعد بلفور والثانية: بعد عام 1945م وقيام دولة إسرائيل ووضع المنطقة كلها على صفيح ساخن فى أثناء الحرب الباردة أما المرحلة الثالثة: فكانت مع بداية الألفية الجديدة التى خططت لها الخارجية الأمريكية بإستراتيجية الفوضى الخلاقة فى مراحلها المتعددة، كان أولها إسقاط رؤوس النظام، ومن المفترض أن يكون ثانيها هو الانتقال إلى الديمقراطية، وثالثها تثبيت الديمقراطية ورابعها نضوج هذه الديمقراطية, التى سبقتها سلسلة من الخطوات فى سيناريوهات كبرى (غزو العراق-الحرب على الإرهاب- تجميد القضية الفلسطينية) تمهيداً لانتفاضات فى العواصم العربية، كان هذا بوضوح هو المشروع الغربى الأمريكى الإسرائيلي. كان الحديث فى نهاية العقد الماضى قبل اعتماد الفوضى الخلاقة كإستراتيجية للتغيير باحتمال اندلاع حرب إقليمية، لكن سيناريو الفوضى خلق بيئة جديدة للحرب بالوكالة بين أطراف داخلية وخارجية فتم تفجير المنطقة واستغل ذلك المشروعان الايرانى والتركى لتحقيق أهدافهما المتوازية مع طموحات الغرب لتصب فى صالح إسرائيل.

بدأت تتبلور سياسة إيران تجاه المنطقة من خلال مشروع الحكومة العالمية للإسلام من عباءة المذهبية الشيعية، وظهور المهدى المنتظر بعد الغياب ليقيم حكومة العدل الإلهي، وقد بدأ النظام الإيرانى نشاطه فى هذا المجال، بدعوة علماء الدين فى العديد من البلدان الإسلامية، وتحركت تجاه الدول الإسلامية فى آسيا الوسطى التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتي، إضافة إلى باكستان وأفغانستان، وتحركت إيران على ثلاثة اتجاهات الأول: الإقليمى الشرق أوسطي. الثاني: الغربى الأوروبى وهو اتجاه يستدعى التاريخ الأري، الثالث: فى إفريقيا وهو ما يستهدف زعزعة مكانة مصر الإفريقية.

على مستوى الاتجاه الأول تنطلق الإستراتيجية الإيرانية تجاه الشرق الأوسط من خلال منطلقين:الأول أمنى حيث يرون أنفسهم أصحاب الحق فى رسم الخريطة الأمنية بالمنطقة وتصدير الثورة، ومنه انتقلت إلى تصدير العنف والإرهاب فى العديد من البلدان، وكان للحرس الثورى الإيرانى اليد الطولى فى تأسيس مليشيات فى لبنان والعراق وسوريا واليمن، تحت مزاعم تحقيق الأمن السياسي.

المنطلق الثاني: المصلحة فى خلق مناحى متعددة للأنشطة وتقديم المساعدات من خلال منظمات إقليمية مثل منظمة إيكوECOالتى تضم عشر دول سبع آسيوية وثلاث أوروبية أمانتها وقسمها الثقافى فى إيران ومكتبها الاقتصادى فى تركيا ومكتبها العلمى فى باكستان. ومن خلال هذا التوغل فى آسيا الوسطى خلقت لنفسها عمقاً إستراتيجياً يدعم مصالحها مع روسيا الاتحادية.

ونضرب مثالاً للتوغل الإيرانى فى أفغانستان بالتعاون مع طالبان وتمويلها بالسلاح والأموال والتدريب ونجحت فى زرع مجندين من السنة الأفغان اللاجئين فى ايران وتعدادهم ثلاثة ملايين لاجئ، كما أن هناك تعاونا ايرانيا روسيا فى افغانستان وآسيا الوسطى، ومباركة روسية لوجود إيرانى فى العراق، وقد نجحت ايران فى إنشاء ممر برى من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا بهدف تأمين وجودها على ساحل المتوسط بنشر ميليشياتها المسلحة، وتزعم إيران أنها فى صدام مع المشروع الإسرائيلى وهو صدام يصل لحافة الجرف دون السقوط فيه، وقد توالى سقوط أوراق التوت عن كذبها عندما ضربت إسرائيل قاعدة T4 فى حمص مؤخراً وقتل سبعة من العسكريين أغلبهم من الحرس الثورى ولم تحرك إيران ساكناً، وبدلا من إطلاق صواريخها تجاه الجولان المحتل أطلقتها تجاه نجران وجيزان فى عمى استراتيجى متعمد.

ويمكن رصد أهم المتغيرات التى طرأت على المشروع الإيرانى والتى تثير الكثير من التساؤلات وإن كان الواقع الملموس يجيب عليها، الأول: دورها فى العراق بسبب الغالبية الشيعية وإقرار الولايات المتحدة بدورها هناك. الثاني: هو استخدام إيران ورقة القضية الفلسطينية وهى فى الواقع لم تقدم لها شيئاً سوى استخدامها فى إثارة القلاقل فى المنطقة. الثالث: وهو المشروع النووى وقد نجحت فى تأمينه من خلال توقيع الاتفاق الدولى بشأنه وإن كان بالفعل مؤجلاً إلى حين وربما يشهد تحولا عند انسحاب ترامب من الاتفاق مما يجعل الخيارات مفتوحة ، الرابع: وهو الأقليات الشيعية فى دول الخليج ومحاولة استخدامها فى البحرين والكويت والزج بها فى صراعات داخلية نجحت المملكة فى إفشال غالبيتها. الخامس: إعلان إيران عن وجهها الحقيقى والانتقال من تصدير الثورة إلى تصدير الإرهاب فى لبنان وسوريا والعراق واليمن، وتدشين مليشيات مسلحة يدعمها ويؤهلها الحرس الثورى الإيراني.

إن كل القوى الإقليمية الرئيسية وهى إيران وتركيا وإسرائيل تراجع مشروعاتها فى ضوء نتائج الفوضى فى المنطقة، وأزعم أن من حقق نجاحاً لن يتراجع عنه، سواء تركيا شمال العراق وسوريا والوجود فى قطر أو إيران فى لبنان وسوريا وإن كانت تترنح فى اليمن وتمارس سياسة النفس الأخير، ويمكن الالتفات هنا إلى ثلاثة مصادر للتهديد الأمنى للدول العربية الأول: وهو السياسة الأمريكية الرمادية فى كل شيء. الثاني: وهو طموحات إيران التوسعية والإعلان رسمياً على قدرتهم على ملء الفراغ فى العراق وسوريا ولبنان مع التلويح عن قدرتهم على زعزعة الاستقرار فى المنطقة. الثالث: وهو التهديد التركى الإسرائيلى مزدوج الهوية والأهداف.

وأتصور أن نجاح الإستراتيجية الأمنية الخليجية العربية يتطلب العمل من خلال مجموعة من الأولويات الأول:احتواء كل أسباب الاحتقان والتأكيد على التماسك الوطني، والوحدة الوطنية، ولقد كان لانطلاق رؤية 2030 فى المملكة أهداف تنموية خلقت حالة من الرضا المجتمعى مع وجود مشروع وطنى يلزم الالتفاف حوله لضمان نجاحه، وهو ما قد ينتقل إلى باقى دول المجلس لتحقيق الأمن والاستقرار المجتمعى والثاني: العمل على سرعة الحل السلمى فى اليمن مع الاحتفاظ بقوة الردع الخليجية ضد التدخل الإيرانى فى جنوب الجزيرة العربية، والثالث: قيام الجامعة العربية بدورها الإقليمى على مستوى المحافل الدولية، خاصة بعد نجاح مؤتمر القمة العربى فى الظهران. وأخيراً العمل على منع نشوب حرب جديدة فى المنطقة لن يكون المستفيد منها سوى إيران وإسرائيل، ومجمعات الصناعات العسكرية فى العالم.

نقلا عن صحيفة الأهرام

د. عبد الغفار عفيفى الدويك يكتب إيران الإرهاب الشرق الأوسط

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq