الصباح العربي
الجمعة، 29 مارس 2024 07:49 صـ
الصباح العربي

فن وثقافة

مع عودته إلى الأضواء..

”سمير الأسكندراني” يعيد أمجاد الفخر بالهوية المصرية

سمير الأسكندراني
سمير الأسكندراني

عاد النجم القدير "سمير الأسكندراني" إلى الساحة الفنية من جديد، بعد ظهوره في الحملة الدعائية المصاحبة لإحدى خطوط الاتصالات المصرية، الراعية للمنتخب الوطني المصري الذي يشارك في مونديال روسيا للعام الجاري، بعد غياب عن المحفل العالمي لمدة 28 عامًا.

و في الثمانين من العمر، ظهر سمير الأسكندراني بخفة ظل، روح دعابة، صوت استثنائي في الإعلان، بينما تغنّى برائعته "بنعاهدك يا غالية"، المعروفة بـ "اللي عاش"، بينما رُفعت الرايات المصرية بهُتاف حار لأرض الكنانة، تحت شعار "لا للمستحيل".

و بينما تواجه الهوية المصرية خطر اليأس السرطاني، ظهر صوت سمير الأسكندراني و حضوره ليعزز من الشعور بالفخر، ليؤكد على دور الفن في مداعبة مشاعر المواطن، و دعم الانتماء في المقام الأول.

لكن مع تألقه كفنان من الطراز الرفيع، إلا أن سمير الأسكندراني يعتبر بطلًا حقيقيًا عاصره الأجيال، حيث ضم قصته إلى ملفات المخابرات المصرية السرية.

قصة بطولة

حيث جاءت قصة الأسكندراني مع البطولة - كما تم رصدها - بعد أن كان ضابط الموساد الإسرائيلى «شميت» قد بعث برسالة إلى سمير الإسكندرانى أبلغه فيها، بأن هناك صديقاً يقيم فى القاهرة سوف يتصل به تليفونياً، وسوف يرسل إليه النقود التى طلبها ليواصل نشاطه فى التجسس على مصر.

وذات صباح، فوجئت والدة سمير الإسكندرانى بشخص يتحدث الانجليزية ويطلب محادثة سمير، وعندما أبلغته بأنه غير موجود، أبلغها فى أدب عن معاودة الاتصال مرة أخرى فى السابعة من مساء نفس اليوم.

لم يكن ضباط المخابرات المصرية بعيدين عن تفاصيل المكالمة التليفونية التى تمت بين هذا الرجل المجهول ووالدة سمير.. كانوا أيضاً على الخط.. ولسرعة المكالمة لم يتوصلوا إلى المكان الذى تحدث منه هذا المجهول أو حتى رقم التليفون.

وبلغت درجة الاستعداد أقصاها قبل موعد الاتصال الثانى، كان كل شيء على ما يرام.. ضباط المخابرات انتشروا فى الأحياء والفنادق الهامة بالقاهرة استعداداً لصدور الأوامر بتتبع ورصد أحد الأشخاص، ووضع تليفون سمير الإسكندرانى تحت المراقبة لتسجيل المكالمة، وتحديد مصدرها.

داخل منزل الأسرة بشارع عبدالعزيز، جلس «سمير» أمام التليفون منذ السادسة مساءً فى حالة ترقب وقلق شديدين.. ولاحظت والدته ذلك.. ولم تسأله وفضلت السكوت، لأنها يئست من تصرفاته الغامضة خلال الأشهر الأخيرة، والتى لم تعد تعرف لها مبرراً.

ووسط هذا الجو المشحون بالتوتر، دق جرس التليفون.. التقط «سمير» السماعة بشغف، كان المتحدث أجنبياً، أبلغ «سمير» تحيات السيد «شميت» من روما.. وأكد له أن النقود التى طلبها تم ارسالها على صندوق البريد الخاص به، والذى حصل على رقمه من «شميت».

سأله سمير: هل تتحدث من القاهرة؟

أجاب: نعم

سمير: هل هناك إمكانية تحديد موعد للقاء؟

أجاب: ليس الآن، وسوف أعاود الاتصال بك مرة أخرى

سمير: هل هناك تعليمات جديدة؟

أجاب: «شميت» يبلغك تحياته وإعجابه بوفائك.

كان هذا الرجل الغامض يتحدث من الكابينة رقم «5» بفندق النيل هيلتون بميدان التحرير بوسط القاهرة.. وتبين أنه نزيل بفندق شبرد القريب منه.. ومن واقع بياناته المدونة بالفندق اتضح أنه يقيم فى الإسكندرية وليس فى القاهرة، وأنه هولندى الجنسية، وأسمه «مويس جود سوارد».

وبمجرد أن وضع هذا الاسم أمام ثعلب المخابرات المصرية، قفز من فوق مقعد مكتبه، وأخذ يقلب صفحات أحد التقارير فى ملف سمير الإسكندرانى، وتوقف عند احدى الرسائل التى بعث بها شميت إلى سمير يبلغه فيها بإرسال الطرود التى تحوى الأفلام والصور إلى صندوق بريد فى الإسكندرية، والذى تبين أنه باسم سيدة يونانية، لكنه خاص بشخص غير معروف اسمه «مويس جود سوارد»!

المفاجأة كانت مثيرة، وكشفت الكثير من الغموض حول النقاط التى توقف عندها رجال المخابرات المصرية وأوقعتهم فى حيرة دون أن يتمكنوا من حل ألغازها.

وبدأ رجال المخابرات المصرية يتتبعون خطوات «سوارد» الذى ظهر فجأة على مسرح العمليات دون سابق انذار، تتبعوا خطواته فى الإسكندرية، ووضعوا منزله تحت الرقابة الصارمة والمحكمة.

إنه يسكن فى المنزل رقم 8 شارع الأدوس بحى جليم.. الشقة مكونة من 5 حجرات، استأجرها مفروشة، وهى تقع فى أعلى دور بعمارة على ربوة عالية تكشف البحر.. وليس فوقها سطح، وقد أحسن «جود سوارد» اختيار موقعها لكشف أى عمليات مراقبة تتم بشأنه.. والشقة لا يتردد عليها سوى خادمة، لا يسمح لها «جو سوارد» بالبقاء فيها بمفردها، بينما هو يقضى بها فترات طويلة وحده، ويسهر ليلاً فى منزله حيث يقوم بالاتصال اللاسلكى السرى مع المخابرات الإسرائيلية.

ومن واقع ملفات أجهزة الأمن وتقارير المراقبة، تبين أن «سوارد» دخل مصر ثلاث مرات، وأقام بها فى المدة من 25 نوفمبر 1957 حتى 28 ابريل 1958 بتأشيرة دخول للعمل، ومن 30 يوليو 1958 حتى 26 مارس 1959.. ومن 4 يوليو 1959 ولديه اقامة حتى 18 ديسمبر 1959 للسياحة.. وكان يتحايل للحصول على تأشيرات لدخول مصر، ومد اقامته بها دائماً بدون مبررات قوية.

ومن هولندا جاء تقرير أعده أحد ضباط المخابرات المصرية عن تاريخ حياة «مويس جود سوارد» تبين أنه كان يعمل منذ عام 1929 حتى عام 1942 فى أعمال تجارية بهولندا، وأنه خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وتحديداً منذ عام 1942 حتى عام 1945 كان يعمل مع مجموعة من الشباب الهولندى عمليات سرية ضد الألمان، وعمل بعد ذلك فى مؤسسة تجارية، ثم سافر منذ عام 1952 حتى عام 1954 إلى جنوب أفريقيا لتمثيل بعض الشركات الهولندية بها.

وعاد «جود سوارد» إلى هولندا عام 1955، وكانت حالته المالية سيئة جداً، خصوصاً بعد أن طلق زوجته، وكانت التزاماته المالية قبلها كثيرة.. واستغل بعض أصدقائه اليهود فى هولندا ظروفه الصعبة فقدموه إلى نائب القنصل الإسرائيلى ب«أمستردام» الذى عرض عليه أن يكون عميلا لهم فى مصر نظير أجور مغرية «300 دولار شهريا بخلاف تكاليف السفر والمصروفات» ودون تردد، قبل «سوارد» هذا العرض المغرى.

ثم أوفدته مخابرات إسرائيل إلى باريس، حيث أمضى هناك 4 أشهر كاملة للتدريب على أعمال اللاسلكى، وهى ارسال واستقبال رسائل التجسس بالشفرة.. كما تدرب على رموز الشفرة وحلها والكتابة بالحبر السرى وإظهار الكتابة السرية والتصوير.

ويبدو أن هذا التدريب الطويل لم يوفر له الخبرة الكافية التى يطلبونها فى جاسوس خطير كهذا الرجل، فأعيد تدريبه فى باريس مرة أخرى، بعد رحلته الأولى إلى مصر.

وكان اتصاله اللاسلكى من الإسكندرية بالموساد الإسرائيلى يتم ستة أيام فى الأسبوع.. ثلاثة أيام للإرسال، والأخرى للاستقبال، وكان يستعمل الشفرة الرقمية من رسائله بعد تشفيرها من كتاب متفق عليه.. كما كان يبعث برسائله بالحبر السرى فى الخطابات العادية.

أما المعلومات التى طلبتها المخابرات الإسرائيلية من «جود سوارد» على وجه السرعة، فى أول رسالة وقعت فى أيدى رجال المخابرات المصرية، ومررتها على «سوارد» فكانت:

1 - أية معلومات تتعلق بتحصينات عسكرية أو معدات بطريق المعادى.

2 - أية معلومات عسكرية تتعلق باستحكامات دفاعية أو تحصينات بميناء الإسكندرية.

3 - تصوير الأهداف العسكرية التى يشاهدها، أو القطع البحرية التابعة للأسطول المصرى.

هذه المعلومات الثمينة التى تجمعت فى قبضة ثعلب المخابرات العامة، كانت نتاج عمل شاق ومضن، قام به فريق من رجال المخابرات المصرية، ظلوا يعملون ليل نهار ما بين القاهرة والإسكندرية وامستردام.

وبعد أن تأكد ثعلب المخابرات أن «جود سوارد» جاسوس من الوزن الثقيل، وأنه رأس الأفعى وزعيم الشبكة داخل مصر، قرر أن يقتحم شقته، وأن يلقى القبض عليه متلبساً.. وكان هذا الأمر يتطلب وقتاً قصيرة للإعداد الجيد من جانب، واختيار اليوم المناسب من جانب آخر، وذلك بهدف تلافى الأيام الثلاثة التى يستقبل فيها الرسائل اللاسلكية من الموساد، وكذلك الأيام الثلاثة الأخرى التى يبعث فيها برسائله إلى تل أبيب.. وبالفعل وقع الاختيار على اليوم السابع لتنفيذ المهمة.

كل شيء كان هادئاً فى الإسكندرية فى ذلك الليل البارد.. السماء ملبدة بالغيوم تنذر بقدوم يوم أمطاره غزيرة.. الشوارع شبه خالية إلا من بعض السيارات القليلة المسرعة التى تندفع بشدة وكأنها تطارد بعضها البعض.. أما شارع «الأدوس» بحى جليم والذى يقع فيه منزل الجاسوس «سوارد» فقد كان خالياً تماماً من المارة فى ذلك الوقت المتأخر من الليل.. ولم تكن هناك سوى قليل من النوافذ المضيئة والتى تشير إلى أن أصحابها لم يسكنوا إلى النوم بعد.. من بينها نافذة فى شقة «سوارد».

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل عندما فوجئ «سوارد» بعدد من رجال المخابرات المصرية فوق رأسه، ويلتفون حول سريره.. فى البداية ظن أن الخمر لعبت برأسه، وأن ما يراه ويشاهده مجرد خيالات.. أخذ يفرك عينيه غير مصدق.. وأفاق «سوارد» ليجد نفسه قد وقع فى الفخ.

بدأ رجال المخابرات تفتيش شقة «جود سوارد» تفتيشاً دقيقاً وهادئاً.. كان كل منهم يعرف دوره جيداً، والمهمة المكلف بها.. أما ثعلب المخابرات المصرية فقد رابض بجوار «جود سوارد»، أشعل له سيجارة، وأعد له كأساً من الخمر، وطلب منه - فى أدب جم - أن يلتزم الهدوء، بعد أن أصابته رعشة قوية هزت كيانه، وإزداد وجهه الشاحب اصفراراً، وبدأ يتصبب عرقاً رغم برودة الجو، كان «جود سوارد» مذهولاً فاقدا التوازن، غير قادر على الحركة أو حتى يسأل هؤلاء الغرباء: من أنتم وماذا تريدون؟.. لذا ظل جالساً على مقعده الخشبى العتيق دون أن ينطق بكلمة واحدة، بينما عيناه الزائغتان تتبعان تحركات رجال المخابرات وهم يفتشون كل شئ داخل شقته، ويجمعون أدوات التجسس ويضعونها أمام الثعلب.

داخل شقة «جود سوارد» تم العثور على جهازى ارسال واستقبال للإشارات اللاسلكية، والشفرة الخاصة بالتراسل، وزجاجتى حبر سرى ومظهر، وبلوك نوت يحتوى على ورق خاص للكتابة بالحبر السرى، وآلة تصوير، وصور لسفن حربية وهوائيات محطة ارسال لاسلكية، ومفكرة تضم أسماء وتليفونات لأشخاص داخل مصر وخارجها من بينهم اسم وعنوان وصندوق بريد سمير الإسكندرانى، كذلك عناوين المراسلة لضباط الموساد فى روما ونابولى، ومبالغ مالية بالجنيه المصرى والدولار وشيكات لم تصرف بعد.

ثلاثة أشهر كاملة، ظل خلالها ضباط المخابرات المصرية رابضين فيها داخل شقة «مويس جود سوارد»، وملاصقين له تماماً.. حتى عندما كان يدخل الحمام لقضاء حاجته، كان برفقته أحد الضباط.. لم يغب عن عيونهم ولو للحظة واحدة، حتى فى منامه كانوا يتناوبون على مراقبته.. وكانوا هم الذين يتولون الاتصال بالمخابرات الإسرائيلية باللاسلكى، وعن طريق الخطابات المكتوبة بالحبر السرى مستخدمة اسم العميل الإسرائيلى «مويس جود سوارد».. فقد كانت هناك أهداف أخرى لا تقل أهمية عن القبض على «جود سوارد».. كانوا ينتظرون اصطياد عملاء أخرين للموساد داخل مصر، ممن يتصلون ب«سوارد» أو يتصل هو بهم!

وبدأ الجواسيس يتساقطون فى قبضة رجال المخابرات المصرية.. كان ثانى جاسوس بعد «جود سوارد» هو الجاسوس «رايموند دى بيترو».

فقد جاءت رسالة سرية إلى الجاسوس «سوارد» تطلب منه الاتصال بشخص فى القاهرة اسمه «رايموند دى بيترو».. وعرفت المخابرات العامة هذا الجاسوس الذى سبق جمع المعلومات عنه منذ استلام سمير الإسكندرانى أدوات التجسس من فندق «لونشان» بالزمالك، حيث كان يعمل مديراً للفندق وله اهتمامات بجمع المعلومات عن الخبراء العسكريين الروس المقيمين به.

واتضح ان «بيترو» من مواليد الإسكندرية، وعمره 29 عاماً، وهو ايطالى.. وكان يعمل مديراً لفندق «لونشان» بالزمالك والذى تملكه الفنانة أمينة نور الدين، ثم ترك هذا العمل واشتغل مديراً لفندق العجمى بالإسكندرية.. وكان يسكن فى شقة بالمنزل قم 92 بشارع منفيس بحى الإبراهيمية.. وهو متزوج من ايطالية اسمها «روزا» وعمرها 26 عاماً، وهى من مواليد القاهرة، وله منها بنت عمرها سنتان.

بدأت قصة «رايموند» مع الموساد الإسرائيلى فى حى الزمالك بالقاهرة.. كان فندق «لونشان» وقتها مركزاً لتجمعات عدد غير قليل من الدبلوماسيين، ومجموعة من الخبراء الروس، وواحداً أو اثنين من الأجانب الذين يترددون على القاهرة أو يمرون بها عدة أيام.

عندما سقط «رايموند دى بيترو» فى قبضة رجال المخابرات العامة، عثروا فى بيته على زجاجة حبر سرى، وأوراق مما تستخدمها المخابرات الإسرائيلية فى الكتابة السرية، ومظروف أول خطاب أمسكت به المخابرات وتركته يمر حرصاً على سلامة العملية.. كانت هذه المضبوطات دافعاً إلى أن يعلن «رايموند» استعداده للاعتراف الكامل بجميع الوقائع.. ودافعاً أيضاً إلى أن يرشد بنفسه عن زجاجة حبر سرى أخرى، وزجاجة محلول لإظهار الكتابة، وبلوك نوت، وأدوات كتابة، أخفاها فى مكتبه بفندق العجمى.

كان «رايموند» صريحاً.. فأرشد عن مفكرة تحتوى على عناوين التراسل مع المخابرات الإسرائيلية فى روما، ثم راح يسرد تفاصيل اتصاله بمخابرات إسرائيل ومراسلاته معها.. خطوة بخطوة.

واعترف «رايموند» بأنه بعث بمعلومات عن الخبراء الروس فى القاهرة، وطبيعة عملهم، وأماكن اقامتهم، وأين يذهبون حينما يريدون قضاء أوقات فراغهم.

واستطاعت المخابرات العامة أن تحقق الهدف الأول من استخدام «مويس جود سوارد» فى خداع الموساد واصطياد عملائه داخل مصر.. واستطاعت بضبطها للمفكرة التى تحوى عناوين التراسل لمكاتب الموساد فى ايطاليا أن تضع يدها على أوكار صناعة الجواسيس لتحقق الهدف الثانى.. ثم استطاعت أن تصل إلى اكتشاف «جيوفانى» الذى يقيم فى روما ويعرض على القادمين من مصر، التجسس لحساب إسرائيل، وهو الهدف الثالث من أهداف خديعة مخابرات إسرائيل.

ثم كان الهدف الرابع.. الوصول إلى أخطر عملاء الموساد فى مصر.. «فرناندو دى بتشولا».

وعلى الرغم من أن اسم «فرناندو دى بتشولا» قد جاء عرضا خلال أول حديث دار بين «جيوفانى» و«رايموند دى بيترو» إلا أنه كان أهم وأخطر مما يبدو من مجيء اسمه على هذه الصورة العرضية خلال الحديث.

ان الملف الخاص به فى أرشيف المخابرات المصرية يقول:

اسمه بالكامل.. فرديناندو انجالا بتشولا.. ايطالى كاثوليكى من مواليد عام 1918.

جاء إلى القاهرة عام 1948 ليعمل لدى البحرية المصرية خبيراً فى الغطس، ثم خبيراً لقوات الكوماندوز البحرية خلال الفترة من 28 يونيو 1948 حتى 2 فبراير 1949، ثم لفترة أخرى بدأت فى 20 ابريل 1951، وانتهت فى 20 أغسطس 1954.

عمل خبير انتشال سفن فى مصلحة الموانئ.

منح ميدالية فلسطين، ونيشان النيل من الدرجة الخامسة نظير خدماته.

حصل على شهادتين من القوات البحرية المصرية، تثبت عمله فيها وتقديرها له، والنياشين التى منحت له.

حصل على امتداد اقامة إلى تاريخ 6 فبراير 1959 انتظاراً للتعاقد مع المكتب الدولى التجارى بشارع عبدالخالق ثروت، ومع شركة عبدالمؤمن مصطفى ببورسعيد لانتشال الباخرة عكا.

رحل على الباخرة «اسبيريا» يوم 24 مارس 1959 بعد انتهاء مدة اقامته.

ومن خلال تلك المعلومات، وجدت المخابرات المصرية أن «فرناندو» واحد من أخطر الجواسيس المطلوب القبض عليهم.

ذلك أنه عمل فترة فى السلاح البحرى، وان مشاهداته تمكنه من الحصول على معلومات عسكرية هامة بسهولة، يمكن أن تفيد إسرائيل. وأنه لم يرع حرمة للتكريم الذى منحته مصر إياه.

ثم كانت أهميته أو خطورته أيضاً فى أنه - على عكس ما جاء فى اعترافاته المكتوبة بخط يده- كان هو المسئول الأول عن ترشيح أسماء القادمين من مصر إلي إيطاليا للعمل جواسيس لحساب إسرائيل.

لذلك كله، صممت المخابرات المصرية على أن تجيء به إلى القاهرة، وتقبض عليه وتقدمه للمحاكمة.

ووضعت خطة لاستدراج «فرناندو» إلى القاهرة.

بعثت المخابرات إلى من يعرض عليه «رسمياً - العمل من جديد كخبير فى مصر.

وكانت المخابرات تتوقع أن «فرناندو» لن يرفض العرض.. بل سيرحب به. لأنه لن يجد أفضل من هذه الفرصة، فرصة يستطيع أن يجيء فيها إلي مصر، وأن يعمل خبيراً فى البحرية، فيستطيع أن يحصل على ما يشاء من المعلومات.

وبالفعل قبل «فرناندو» العرض من أول لحظة.. ورحب به.

ثم ركب طائرة مصر للطيران من روما يوم 17 يناير 1960.

وفى منتصف الليل، وصل «فرناندو».. وبدلاً من عقد العمل الذى كان يتوقعه، كان رجال المخابرات المصرية فى انتظاره عند باب الطائرة.

حاول «فرناندو» فى اعترافه أن يتملص من مسئولية ما أقدم عليه من جرم.. لكنه انهار واعترف بأنه عمل لحساب المخابرات الإسرائيلية، وأنه كان يمدها بالمعلومات العسكرية.

كشفت عملية «سمير الإسكندرانى» بعد سقوط «مويس جود سوارد» و«رايموند دى بيترو» و«فرناندو دى بتشولا»، أن لإسرائيل 5 خلايا تكون فى مجموعها شبكة التجسس الموزعة بين القاهرة والإسكندرية.

الخلية الأولى: إبراهيم رشيد المحامى

الخلية الثانية: محمد محمد مصطفى رزق.. الشهير ب«رشاد رزق» مدير المستخدمين بشركة فورد بالإسكندرية.

الخلية الثالثة: نيقولا جورج لويس مصمم الفاترينات بشركة ملابس الأهرام فرع مصر الجديدة.. وجورج استامايتو الموظف بمحلات جروبى.. وبوسط القاهرة.. وهما يونانيان.. وكان «استامايتو» هو الذى يشرف على اعداد الحفلات الرسمية الكبرى ويشرف على اعداد الطعام فيها.. وحسب الخطة الموضوعة من قبل الموساد وكشف عنها «استامايتو» فيما بعد، كان مقرراً أن يتم التخلص من الرئيس جمال عبدالناصر عن طريق دس «سم» بطئ المفعول، فى طعام الرئيس جمال عبدالناصر.. وكانت هذه العملية يشرف عليها بن جوريون وجولدا مائير معاً.

الخلية الرابعة: محمد سامى عبدالعليم نافع.. ومرتضى التهامى.

الخلية الخامسة: فؤاد محرم على فهمى، مساعد طيار بشركة مصر للطيران.

وكان وراء هذه الخلايا الخمس، والتى تعمل داخل مصر، عدد كبير من ضباط الموساد المحترفين، المرابضين فى تل أبيب.. وروما، وباريس، وسويسرا، وأمستردام، وأثينا.. يخططون ويديرون، ويصدرون الأوامر والتعليمات والتوجيهات لعملائهم.. يتبادلون الخطابات السرية.. ويتلقون المعلومات عبر شبكة اتصالات كبيرة ومعقدة، منتشرة فى كل هذه العواصم.

لكن رجال المخابرات العامة المصرية كانوا أكثر ذكاءً، عندما نجحوا فى أن يصطادوا بالشاب سمير الإسكندرانى كل هؤلاء الجواسيس.

سمير الأسكندراني الهوية المصرية مونديال روسيا

فن وثقافة

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq