الصباح العربي

أبو الغيط ”الدبلوماسي الهادئ” .. أميناً للبيت العربي

الأحد 13 مارس 2016 06:25 مـ 3 جمادى آخر 1437 هـ

الدبلوماسي الهادئ وثعلب الدبلوماسية صاحب الصوت الرخيم والمواقف الواضحة هكذا يبدو أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية الأسبق الذي انتخب أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، في أحد أدق مراحل العمل العربي حساسية ليكون بذلك ثامن أمين عام للجامعة منذ تأسيسها، وبهذه النقلة الكبيرة والمتوقعة وجد الرجل نفسه أمام مسؤولية ضخمة تتمثل في إعادة ترتيب البيت العربي وجمع أوراق القوة في يده ليناور بها في لعبة الأمم حيث يعاد ترسيم مناطق النفوذ في المنطقة وحيث المطامع تحيط بالعرب من كل حدب وصوب.

واختير أحمد أبو الغيط آخر وزير خارجية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث تولى المنصب في عام 2004 واستمر فيه حتى عام 2011 لمنصب أمين عام جامعة الدولة العربية خلفا لنبيل العربي الذي تنتهي ولايته في نهاية يونيو المقبل، وجاءت الموافقة على تعيين أبو الغيط الذي عمل وزير لخارجية مصر لمدة سبع سنوات بعد إرجاء التصويت بسبب تحفظ دولتي قطر والسودان، ليشغل بذلك أبوالغيط المنصب لمدة خمس سنوات تنتهي في يونيو 2021.
تحفظ قطري
عقب إعلان الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية البحرين ورئيس جلسة اجتماع وزراء الخارجية العرب تعيين أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لمدة خمس سنوات اعتبارا من أول يوليو المقبل، أعلن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة أمام المجلس، إن بلاده تتحفظ على شخص المرشح.
وعلق وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على قرار تعيين أبوالغيط مؤكداً أن بلاده تطالب الأمين العام الجديد أن يعمل من خلال المنصب على إزالة أسباب تحفظها على تعيينه، معلنا موافقة بلاده على التعيين حفاظا على التوافق العربي.
وقال الوزير القطري: "كان بودنا أن يكون هناك توافق على شخص الأمين العام المرشح، لذلك كان هناك المزيد من التشاور حول هذا الموضوع، ورغبة منا وحرصا منا على ألا يؤثر ذلك على العمل العربي المشترك، فنحن سنكون مع هذا التوافق رغم تسجيل تحفظنا على شخص المرشح.
وأضاف وزير الخارجية القطري: "نأمل أن يضطلع الأمين العام بمسؤولياته وأن يتعامل مع جميع الدول العربية بما يخدم العمل العربي المشترك، وأن يثبت لنا من خلال عمله في الجامعة أنه أهل لهذا التوافق".
مسيرة حافلة مع الدبلوماسية
ومسيرة أبو الغيط حافلة مع الدبلوماسية، حمل خلالها عبء أن يكون صوتاً لمصر والعرب، في العديد من المحافل الدولية، وصادفه الكثير من النجاح، والقليل من العثرات، لكنه لم يتخل عن عروبته، ولا عن مصريته، ليصبح واحداً من ألمع أبناء مدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة.
ورجحت كفة أبو الغيط للموقع الجديد العديد من الأسباب رغم المناوشة السياسية القطرية، التي ترجع فيما يبدو لوقوف أبو الغيط ضد عقد مؤتمر لدعم غزة بالدوحة قبل سنوات، عندما كان وزيراً لخارجية مصر، إلا أن القطريين لحقوا بـ"الإجماع العربي"، في اللحظات الأخيرة، بعد جهد دبلوماسي للإمارات والسعودية، ليجلس أبو الغيط علي مقعد "الأمين العام"، ويسجل اسمه كثامن أمين عام لجامعة الدول العربية، بعد ستة مصريين هم حسب الترتيب التاريخي، عبدالرحمن عزام، عبدالخالق حسونة، محمود رياض، عصمت عبد المجيد، عمرو موسي ونبيل العربي، فضلاً عن التونسي الشاذلي القليبي.
الملف الإيراني
ولا يخفى على أحد أنه من بين ملفات عديدة عمل عليها أبو الغيط ويجيد التعامل معها، يبقى الملف الإيراني أحد العوامل التي حسمت أهمية تواجده في هذه اللحظة وفي هذا الموقع، فقد اصطدم أبو الغيط بإشارة العداء الإيراني لمصر والعرب عدة مرات وقف خلالها كالصخرة، فحينما هرول الإخوان تجاه إيران، وقال مرشدها الأعلى خامنئي ما يسيء لمصر ويتهمها، تخلى أبو الغيط عن هدوئه ودبلوماسيته ليقول صراحة: "إن تصريحات المرشد الأعلى تكشف عن حقد النظام الإيراني على مصر".
الإخوان
ولا شك أن جماعة الإخوان الإرهابية بصفتها أداة تخريب، وجماعة مطامع، يعتبر ملف آخر يجيد "الدبلوماسي الهادئ" كما يلقبه زملاءه ومرؤوسيه التعامل معه، لذلك بادرت الجماعة عبر أذرعها الإعلامية، وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الهجوم على الرجل، معتمدين علي كونه تولى وزارة الخارجية في عهد مبارك، متناسين أو متجاهلين تاريخاً طويلاً للرجل مع الدبلوماسية المصرية بدأ عام 1968، بعد أربعة أعوام من حصوله على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس.

انتقادات لاذعة
وتعرض أبو الغيط لانتقادات في مصر والعالم العربي بعدما أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني عام 2008 الحرب على قطاع غزة خلال مؤتمر صحفي معه في القاهرة.
وتسبب منصب الأمين العام للجامعة العربية في مشاكل في السابق بين مصر وبقية الدول العربية حيث تصر القاهرة على أن يكون الأمين العام من دولة المقر بينما ترغب عدة دول أخرى في أن يكون المنصب متاحا أمام بقية المرشحين.
وأثيرت آخر أزمة حول المنصب في عام 2011 عندما اضطرت مصر لترشيح نبيل العربي وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة التي أعقبت تنحي نظام مبارك، وفي البداية رشحت مصر مصطفى الفقي لشغل المنصب، لكن لم يحدث توافق عليه فاضطرت إلى ترشيح العربي الذي شغل المنصب بعدما سحبت قطر ترشيح عبد الرحمن العطية.
وشغل التونسي الشاذلي القليبي منصب الأمين العام للجامعة خلال فترة نقل المقر إلى تونس بعد توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979 وحتى عودة المقر إلى القاهرة في عام 1990.
تعهدات الأمين الجديد
وأكد أحمد أبو الغيط عقب اختياره أميناً عاماً جديداً للجامعة العربية، أنه يشعر بالامتنان العميق لكل التأييد الذي حصل عليه ترشيحه، وتوجه بالشكر والتقدير لكافة القادة العرب الذين رحبوا وأيدوا توليه مسئولية الجامعة العربية في هذا الظرف الدقيق من تاريخ الأمة العربية.
وأوضح أن الشكر موصول لكل وزراء الخارجية والمندوبين العرب في هذا السياق، مضيفاً أنه يستشعر القدر الأكبر من العرفان والتقدير للثقة التي أولتها له القيادة السياسية المصرية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي لتولي هذه المسئولية الكبيرة وهذا الموقع الهام، وكذلك للجهد المتميز الذي بذله سامح شكري، وزير الخارجية المصرية، وأعضاء وزارة الخارجية في هذا الإطار.
وأضاف أبو الغيط أنه يتواكب مع مشاعر التقدير والعرفان شعور آخر بثقل حجم المسئولية والتكليف الملقى على عاتقه من أجل العمل على رفع شأن الجامعة العربية والدفاع عن مصالحها – جامعة العرب كافة – في ظل وضع عربي صعب وغير موات.
وتعهد أبو الغيط ببذل كل جهد ممكن وبكل الإخلاص، خلال فترة توليه مسئولياته، من أجل النهوض بالأمانة العامة ودعم أدائها وكفاءتها وموظفيها المخلصين للعمل العربي المشترك، ومن أجل تقليص مساحات الخلاف وزيادة مساحات التوافق والعمل المشترك الفعال بين الدول الأعضاء حتى تتمكن الجامعة من مواجهة الظروف الخطيرة المحيطة بالأمة العربية، مؤكداً أنه سيبدأ على الفور في السعي من أجل متابعة تفاصيل كافة القضايا التي تستدعي مسئولياته الإلمام بها، وحتى يكون مستعدا بشكل كامل للقيام بهذه المهام عقب انتهاء ولاية الدكتور نبيل العربي.
أبو الغيط في سطور
أحمد أبو الغيط من مواليد  1942، وحصل على بكالوريوس تجارة من جامعة عين شمس عام 1964 وبعد تخرجه بعام التحق بوزارة الخارجية، وبدأ مشواره الدبلوماسي في قبرص سكرتيراً ثالثاً بالسفارة المصرية بها عام 1968، وبعد أربعة أعوام انتقل إلى مكتب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومي، وفي عام 1974 التحق بالبعثة المصرية بالأمم المتحدة، وفي عُين 1977 سكرتيراً أول بمكتب وزير الخارجية، وبعدها بعامين انتقل إلى موسكو مستشاراَ سياسياً.
وبعد ذلك تم تعيينه مستشاراً سياسياً لوزير الخارجية، وفي 1987 عين مندوباً مناوباً لمصر بالأمم المتحدة، وتنقل بعدها بين السفارة المصرية في إيطاليا ومنظمة "الفاو" إلى أن عاد مندوباً دائماً لمصر في الأمم المتحدة، عام 1999، لمدة خمس سنوات اختير بعدها وزيراً للخارجية، وأعيد تعيين أبو الغيط كوزير للخارجية في آخر حكومة في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، التى تم تشكيلها أثناء اندلاع الثورة، برئاسة أحمد شفيق، وبعد رحيل مبارك.