الصباح العربي

سورية الحائرة بين انتهاكات” أوباما ”وسياسات” ترامب” الغامضة  

الخميس 17 نوفمبر 2016 03:32 مـ 16 صفر 1438 هـ

ارتفع مؤشر التوقعات بوقوع تغيرًا في السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية عقب فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية خلفاً للرئيس الديمقراطي "باراك اوباما " ، لاسيما عقب تصريحات ترامب بضرورة التنسيق مع روسيا لمحاربة الإرهاب وتشكيكه بماهية من تدعمهم واشنطن تحت تسمية "معارضة معتدلة" واستعداده للتعاون مع موسكو وحلفائها حول ضرب تنظيم الدولة الإسلامية داعش وتقليص نفوذه وتحجيم قوته من خلال قطع المساعدات والإمدادات التي تقوم بها الدول الراعية للإرهاب وفي مقدمتها إدارة البيت الأبيض في ظل رئاسة أوباما المتعلقة بالشأن السوري والتي اسفرت عن فشل الاتفاقات الروسية - الأمريكية حول وقف القتال بحلب والتنسيق في محاربة الإرهاب ووصولاً لتعليق مشاركتها في المفاوضات بشأن الوضع في سوريا لحين الانتهاء من انتخابات الرئاسة الأمريكية .

ترامب يشيد بالأسد

 في الوقت الذي قال ترامب من قبل ولعدة مرات خلال حملته الانتخابية :"إن أولوياته بشأن الشرق الأوسط تضع على رأس القائمة مكافحة الإرهاب ، وأن الرئيس السوري بشار الأسد "رجل سيئ" لكنه يجيد "قتل الإرهابيين". واستطرد في توضيح موقفه من سوريا بشكل أكثر وضوحا في مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، أكد خلالها على استعداده لاستخدام القوة العسكرية في مواجهة الإرهاب ، منتقدا في الوقت ذاته سياسة أوباما التي وصفها بـ"غير المدروسة في سوريا" .واستشهد ترامب بالتدخل الأمريكي العسكري لإسقاط صدام حسين، مشيرا إلى أن العراق اليوم "بات كارثة"، متوقعا سقوط البلاد تحت سيطرة إيران و"داعش"، واستنتج قائلا: "أعتقد أنه علينا أن نركز على أنفسنا" مشيراً إلى أن السياسات الضعيفة التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الأخيرة أدت على تفشي ظاهرة الإرهاب في العالم وليس في العراق وسوريا وليبيا فحسب .

وأستطرد ترامب خلال إحدى مناظراته أمام المرشحة المنافسة له "هيلارى كلينتون" التي هاجمت روسيا واعتبرت عمليتها العسكرية في سوريا لا تستهدف تنظيم "داعش" على الإطلاق ، مؤكداً أنا لست معجبا بالأسد على الإطلاق، لكن الأسد يقتل "داعش" ، وهو الهدف المشترك بيننا وبين الأسد خاصة وأنه أقوى بكثير الآن مما كان عليه قبل نحو ثلاث سنوات _ على حد تعبير ترامب .فضلا عن تشكيك ترامب بتوجهات المعارضة السورية المسلحة التي تدعمها واشنطن، والتي حذر من أن ممثلي تلك المعارضة قد يكونوا موالين لـ "داعش" بتوجيهات من الرئيس الأمريكي باراك اوباما والتي يسعي لتغيير تلك السياسات التي وصفها بـ"المدمرة "على واشنطن قبل الشرق الأوسط .

هدف ترامب وبوتين

شهدت العلاقات الروسية الأمريكية تحسنا واضحا عقب فوز المرشح ترامب بالرئاسة الأمريكية ، والتي تصاعدت معه أمال عربية عامة وسورية على وجه التحديد أن يعمل ترامب على معالجة العديد من المشاكل التي خلفتها الإدارات الأمريكية السابقة في العراق وسوريا وليبيا وأخيرا في سوريا والتي تتمثل في ظاهرة الإرهاب ذات المسميات المختلفة والهدف الواحد وهو "تفتيت منطقة الشرق الأوسط "وفقا لمشروع إعادة تقسيم المنطقة العربية .

وفي الصدد ذاته ؛ قال غازي حمدان إنه بات على الإدارة الأمريكية الجديدة التحرر من القيود الكثيرة التي وضعتها إدارة أوباما على نفسها والتصورات الخاطئة التي كبّلت يديها، فيما ظهر بوتين كبطل لأنه لم يضع قيودًا على سلوكه". ويبين الكاتب أن حالة الغليان التي تشهدها المؤسسات العسكرية والأمنية الأمريكية احتجاجًا على سياسات أوباما تجاه روسيا في سوريا وغيرها تثبت أن ثمة خيارات ستكون الإدارة المقبلة مجبرة على اتخاذها".

لم تقتصر أهمية مكافحة الإرهاب على ترامب فحسب ، بل خرج الرئيس بشار الأسد عن صمته ليعلن للجميع أن الوضع الذي تواجهه سوريا الآن أشبه بحرب دولية ضدها وأن الخيار الوحيد أمامنا هو الانتصار على الإرهاب مبينا أن استخدام الإرهاب أو الجهاديين أو المتطرفين لخدمة أي أجندة سياسية "أمر غير أخلاقي".

وأضاف أن محاربة الإرهاب في سورية لا تصب في مصلحة سورية أو الشعب السوري وحسب بل في مصلحة الشرق الأوسط وأوروبا نفسها وهذا أمر لا يراه العديد من المسؤولين في الغرب أو لا يدركونه أو أنهم لا يعترفون به".

وحول التوقعات من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب " ، قال الاسد إنه ليس لدينا الكثير من التوقعات لأن الإدارة الأمريكية لا تتعلق بالرئيس وحده بل تتعلق بقوى مختلفة داخل هذه الإدارة، مجموعات الضغط المختلفة التي تؤثر على الرئيس ولذلك علينا أن ننتظر ونرى عندما يبدأ مهمته الجديدة أو يستلم مهام منصبه داخل هذه الإدارة كرئيس بعد شهرين، لكننا نقول دائما إن لدينا تمنيات بأن تكون الولايات المتحدة غير منحازة وتحترم القانون الدولي ولا تتدخل في الدول الأخرى في العالم وبالطبع أن تتوقف عن دعم الإرهابيين في سوريا".

تفاؤل تونس بترامب

أعرب وزير الشئون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي ، عن تفاؤله في أن يؤدي التقارب الأمريكي الروسي المتوقع بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية إلى حل نهائي للأزمة في سوريا.

قال وزير الشئون الخارجية التونسي ، إن الأوضاع في سوريا تطورت بشكل كبير في الفترة المقبلة، وينتظر أن تشهد تطورات أكبر مستقبلا في ضوء المتغيرات الجديدة بعد انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لافتا إلى أن الشأن السوري أصبح خارج الإطار العربي إلى إطار دولي بين القوى العظمي في العالم.

وأضاف أن الفترة الماضية شهد فيها الوضع في سوريا خلافات جوهرية واستراتيجية بين القوى العظمي، "نتمنى أن ينتهي ذلك في الفترة القريبة المقبلة وأن يؤدي التقارب الأمريكي الروسي إلى الإسراع بإيجاد حل للأضاع في سوريا لمصلحة الشعب السوري وليس الأشخاص".

وأشار إلى أن تونس لها قنصيلة في دمشق ونتابع الأوضاع في سوريا بشكل يومي، وهناك تونسيين على الأراضي السورية، لافتا إلى أن بعض التونسيين الذين انضموا لبعض التنظيمات الإرهابية في سوريا وغيرها لم ينضموا لإيمانهم بالفكر العقائدي لها وإنما بسبب الأوضاع الاقتصادية والمادية لهم التي ساءت بعد ثورة 2011.

 وعلى الصعيد الأوروبي ، قال المدير العلمي لمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية فيتالي نعومكين ، إن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية يعني التأكيد على الانهيار الكامل لسياسة الإدارة الأمريكية السابقة إزاء الأزمتين في سورية وأوكرانيا ، مؤكداً أن من أسباب وصول ترامب إلى سدة السلطة وانتخابه رئيسا للولايات المتحدة فشل السياسة الأمريكية بشكل كامل في العراق وأفغانستان وإزاء الأزمة في سورية وفي كل مكان في منطقة الشرق الأوسط بالرغم من أن هذه المنطقة كانت من الأولويات في سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما .

واعتبر نعومكين أن العلاقات الروسية - الأمريكية فيما يتعلق بتسوية الأزمة في سورية “ستتطور نحو الأفضل لأن ترامب لم يتطرق على الأقل في حملته الانتخابية إلى الحديث عن تهديدات تحدثت عنها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون سابقا .

ويضيف المدير العام للمجلس الروسي للشؤون الخارجية أندريه كارتونوف في مقابلة مماثلة ، أن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية يفتح نافذة لفرص تحسين العلاقات الروسية الأمريكية وقال : هذه الفرص ستشمل بالتأكيد التعاون في حل القضايا الدولية العالقة وأهمها ما يدور اليوم في منطقة الشرق الأوسط وكذلك في إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مجراها الطبيعي معربا عن أمله في أن تكون هناك مشاركة أمريكية نشطة وبناءة في حل الأزمة الأوكرانية.

وأضاف الخبير الروسي أن الوضع إزاء سورية كان سيصبح أسوأ لو فازت كلينتون بمنصب الرئاسة الامريكية لأن نظرتها نحو سورية تميزت عن مواقف ترامب خلال السنوات الماضية بعدوانية أكبر واستعداد أشد لاستخدام القوة العسكرية ولكان لنا معها مشكلات شائكة كبيرة”.