بأقلام القراء

‏كواعب البراهمي.. تكتب.. سحر الصوت أو صوت السحر

‏كواعب البراهمي  محامية بالنقض
‏كواعب البراهمي محامية بالنقض

سحر الصوت أو صوت السحر , كلا المعنيين عندي واحد , وأقصد بهما عبد الحليم حافظ . عبد الحليم حافظ ليس فنانا عاديا وهبه الله حلاوة الصوت وفقط . عبد الحليم حافظ ظاهرة لم ولن تتكرر أبدا . كنت وأنا طفلة قبل ذهابي للمدرسة أترنم بأغنيات عبد الحليم وأغني معه عندما يغني بالإذاعة , ولم أكن أفهم الكلمات بالطبع , ولكن كنت أحبه وأحب أغني معه , وأذكر يوما كان يغني رسالة من تحت الماء لنزار قباني وكنت أسبقه في الغناء , وقال أني أتنفس تحت الماء فرددت بسرعة أني أغرق أغرق أغرق .

 

فسألني أبي هو سيقول ذلك قلت نعم , فهز رأسه تعجبا أو إستنكارا للمفهوم من الجمله وأبتسم وتركني أغني معه . ظللت أحب عبد الحليم حافظ طوال فترة طفولتي وصباي وشبابي , كنت احب نجاة الصغيرة وأحفظ كل أغانيها وأرددها , وكثيرون من صديقاتي بالمدينة الجامعية وزميلاتي بالمدرسة يعرفون قرب صوتي من صوتها في الغناء .

 

ولكن مع ذلك أستمر عشقي لعبد الحليم . أحببت أم كلثوم وبعض أغاني فريد ومحمد قنديل ورشدي , وصباح وفيروز وأصالة وعلي الحجار وهاني شاكر وكاظم , وكثيرين جدا أحببت لهم أغاني . ولكن لم أحبهم كما أحببت عبد الحليم حافظ عبد الحليم حافظ كان به شئ في شخصه هو يختص به .

 

 ونعمه من الله أنعم بها عليه تجعلك تحبه دونما سبب . ما زال صوت عبد الحليم ينقلني من أية حالة أنا فيها إلي حالة من الشجن , أوإلي حالة من الحزن , وأحيانا إلي حالة من الفرح . صوت عبد الحليم حافظ ما زال يجعلني أبكي وحتي لو كنت في حال مخالف تماما لحال الأغنية التي أسمعها وفي مود بعيد عن مضمونها .

 

يمتلك عبد الحليم حافظ بصوته كل المؤثرات الفنية , والحالات الإنسانية , فيهزني من الداخل , يوقظ بداخلي مشاعر جميلة أو مشاعر حزينة . هذا الصوت الذي أعتقدت يوما أنه مرحلة من مراحل عمري , كما يعتقد البعض أن عبد الحليم حافظ هو مطرب مرحلة المراهقة .

 

 ولكن أكتشفت أن هذا الصوت يمتلك السفر عبر الزمن فينقلني فعلا لمرحلة المراهقة ويكسبني الشعور الجميل البدائي والعفوي بالحب أو بالحزن أو بالفقد . أشتركنا أنا و شقيقي عبد الناصر الله يرحمه في عشق صوت عبد الحليم وكان صوت عبد الناصر غاية في الروعة عندما يغني لعبد الحليم .أول مره سمعته يغني له كان بعد إنتهاء دراسته الثانوية . لم يكن مثلي دائم الغناء فقد أغني طوال اليوم , وكانت أمي دائمة الشجار معي بسبب هذا الغناء . الآن سكت الغناء ما عدت أريد الغناء .

ولكن بقي صوت عبد الحليم هو الذي أذهب إليه لأجد نفسي , ولأري روحي من داخلها , ولأعيش دقائق جميلة من الشجن والسعادة وحتي لو أبكتني كلمات الأغنية وصوت عبد الحليم حافظ .