بأقلام القراء

د. محمد ابراهيم بسيوني يكتب: الصراع بين المتطلبات الصحية وتفادي الأزمة الاقتصادية

الصباح العربي

بسبب كورونا covid-18 يمر العالم بايام عجاف فهناك صراع حقيقي في كل دول العالم بين اختيار ما فرضته المتطلبات الصحية وبين تفادي الازمة الاقتصادية. كل دول العالم اضطرت إلى الإغلاق التام لتفادي الانتشار السريع لفيروس كورونا.

ولكن مع استمرار الأزمة والإغلاق تسيطر المخاوف من أزمة اقتصادية طاحنة تطل برأسها اذا استمر الحال. فأصبح السؤال: هل هو الموت السريع بالكورونا؟ أو البطيء مع خسائر اقتصادية لم يشهدها العالم من قبل؟

المانيا تقود الاتحاد الأوروبي في عملية إعادة فتح البلاد وتحمل المخاطر المصاحبة وتؤكد انها خطوة مدروسة. فالمانيا هي الدولة الأكثر اجراء لاختبارات كورونا بمعدل نحو ٢١ الف اختبار لكل مليون شخص، تليها هونج كونج ب١٥ الف و٥٠٠ اختبار ثم سنغافورة بنحو ١٢ الف و٥٠٠ اختبار لكل مليون شخص.

تعيد المانيا فتح بعض الاعمال التجارية مثل المكتبات ومعارض بيع السيارات والدراجات في القريب العاجل، وفتح المدارس في اوائل شهر مايو، مع إبقاء المطاعم والحانات والملاعب مغلقة لحين إشعار آخر وقد صرحت ميركل أن المانيا طورت إمكاناتها التي تمكنها من تعقب تحركات أي شخص يثبت إصابته بالفيروس مستقبلاً. والجدير بالذكر أن عدد الوفيات في المانيا وصل الي ٤,٣٥٢ شخص بينما تجاوز عدد الإصابات ١٤١ الف، مما يجعلها من الدول التي تشهد أقل نسبة في الوفيات.

أما إيطاليا التي تجاوز عدد الوفيات فيها ٢٢,٧٤٥ شخص وعدد الإصابات ١٧٣,٤٣٤ فهي أيضا قررت إعادة الحياة تدريجياً والبدء بافتتاح المكتبات ومحال ملابس الأطفال والإعلان عن مرحلة جديدة في اوائل شهر مايو القادم لكن تظل المدارس مغلقة حتى شهر سبتمبر وقد يكون السبب الذي دفع إيطاليا إلى المخاطرة رغم الظروف، مخاوف من انهيار قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة التي أفادت تقارير أنها مهددة بالإفلاس إذا امتد الإغلاق حتى شهر مايو. والجدير بالذكر أن المشروعات المتوسطة والصغيرة تمثل ٩٩،٩٪ من إجمالي الاعمال في إيطاليا وتوظف ٨١٪ من القوة العاملة وتشكل أكثر من ٦٨٪ من القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني.

النمسا واسبانيا وبولندا أيضا أعادوا فتح بعض المحال التجارية الصغيرة والتي لا تزيد مساحتها عن ٤٠٠ متر مربع. الدنمارك أعادت فتح بعض المراحل الدراسية.

مقاطعة كويبك الكندية وبيرو فقد أعادا عمال المناجم إلى العمل. وقطاع المناجم من القطاعات الحيوية حيث تبلغ صادرات البيرو من النحاس والحديد والرصاص والفوسفات والمنغنيز والذهب والفضة نحو ٣٠ مليار دولار سنوياً، بينما تمثل مناجم الذهب في كويبك ٧٥٪ من إنتاج المعدن الأصفر في كندا. وتنتج مقاطعة كويبك نحو ٢ مليون اوقية من الذهب سنوياً، وقد شهدت أسعار الذهب خلال أزمة كورونا أكبر ارتفاع لها منذ سبع سنوات حيث تجاوز سعر الأوقية ١٧٠٠ دولار.

فرنسا التي بلغ فيها اعداد الإصابات نحو ١٤٧,٩٦٩ والوفيات نحو ١٨,٦٨١ شخص، اعلن رئيسها ايمانويل ماكرون، ان الحادي عشر من شهر مايو ستبدأ مرحلة تخفيف حالة العزل تدريجيا، بدءا برياض الأطفال والمراحل الدراسية المختلفة وبعض المحال التجارية.

المملكة المتحدة التي واجهت انتقادات شديدة لكيفية تعاملها مع الفيروس مازالت مترددة في تحديد موعد لبدء العودة إلى الحياة الطبيعية رغم مطالبات بتحديد موعد لإعادة فتح المدارس. المملكة المتحدة تجاوز عدد الوفيات فيها حتى الآن ١٤,٥٧٦ شخص وعدد الإصابات ١٠٨,٦٩٢.

الولايات المتحدة التي تشهد صراعاً بين رئيسها دونالد ترامب الذي يسعى إلى فتح البلاد في أسرع وقت وتيار يقوده الحزب الديمقراطي يسعى الى استمرار الإغلاق، تحولت فيها أزمة كورونا الى صراع انتخابي يسعى كل طرف فيه استخدامه لصالحه من أجل الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة في شهر نوفمبر القادم وتفاوتت معدلات الإصابة بين الولايات حيث تصدرت ولاية نيويورك القائمة بنحو ٣٠٪ من إجمالي الإصابات، حيث تجاوزت ٢١٤ ألف شخص والوفيات ١٤ ألفا، بينما بلغ إجمالي عدد الإصابات في الولايات المتحدة ٧١٠,٢٧٢ والوفيات ٣٧,١٧٥ شخص.

أما الصين مركز انطلاق الفيروس حيث توفي ٤,٦٣٢ شخص واصيب ٨٢,٧١٩ فلم تكتف بإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد الإعلان عن السيطرة التامة على الفيروس، إلا أنها أيضا أعادت فتح أسواق بيع الحيوانات الحية أو ما يطلق عليها "wet markets" وهي التي يعتقد كانت نقطة منشأ الفيروس الذي أوقف حال العالم وتسبب في خسائر في الأرواح تجاوز حتى اليوم ١٥٤ الف شخص وإصابة أكثر من اثنين مليون ومائتين الف شخص، وخسائر اقتصادية تقدر بمئات المليارات وخسارة ملايين الأشخاص وظائفهم حول العالم.

الصراع بين المتطلبات الصحية وتفادي الأزمة الاقتصادية