مقالات ورأى

كرم جبر يكتب:الأخضر واليابس

الصباح العربي

الدانمارك أطلقت حملة "انجب من أجل وطنك"، وفرنسا تقدم دعماً حكومياً للطفل الثانى، وألمانيا تعوض عجز النسل بفتح أبواب الهجرة، وكل دولة تتخذ إجراءات تتناسب مع ظروفها.

لا يمكن أن نفعل مثل الصين التى تعاملت مع مشكلة الزيادة السكانية بمنع الطفل الثانى، أو التعقيم لعدم الإنجاب فى فترات سابقة، والحلول صعبة وتحتاج أكثر من حزمة إجراءات مشددة.

جربنا الحملات الإعلانية ولكنها لم تحقق الأهداف المرجوة، ربما لعدم الوصول إلى الطبقات المستهدفة، واعتمادها على النصائح والإرشادات أكثر من الخطاب الإعلامى المؤثر.

وتغلبت الأفكار الدينية الخاطئة، على المفاهيم الصحيحة، وزادت حدة المشكلة منذ السبعينيات، عندما تدفقت موجات الهجرة العشوائية إلى الخليج، وانتشرت الفتاوى التى تشجع الخلفة والإنجاب، حتى لو كان الإنسان غير قادر على تحمل أعبائها.

ولم تعبأ كثير من الأسر الفقيرة بأعباء الحياة، فترى بعضها ينجب سبعة وثمانية أطفال، ويتم رميهم فى الشارع دون صحة أو تعليم، مع تصور خاطئ أن كثرة الأولاد تجلب الرزق.

وربما ساعدت الخدمات المجانية فى تفاقم المشكلة، وأهمها التعليم والصحة والبطاقات التموينية، فلا تشعر الأسر الفقيرة بأعباء الخلفة.

وبقيت الطبقة المتوسطة صمام أمان، بالمحافظة على إنجاب عدد قليل من الأطفال، وتوفير الظروف المعيشية المناسبة لهم.

المشكلة تنحصر فى الفقر، وكلما زادت معدلاته زاد الإنجاب، مع أنه من المفترض أن يحدث العكس، وأن يتم علاج تلك الثغرة بالتوعية الثقافية والدينية، والوصول إلى الفئات المستهدفة.

طرح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى سؤالاً منذ فترة: تخيلوا ماذا يحدث لو توقفت مصر عن الإنجاب ثلاث سنوات؟

الإجابة: إنقاذ البلاد من سبعة أو ثمانية ملايين طفل جديد، يحتاجون رعاية صحية ومدارس ووظائف، بينما تحتاج البلاد وفقاً للوضع الحالى إلى مليون فرصة عمل سنوياً، لوقف شبح البطالة، بخلاف الراكد منذ سنوات.

المشكلة مزمنة منذ عشرات السنين، ولم تنجح الحلول فى كبح جماح الانفجار السكاني، الذى يأتى على الأخضر واليابس، ويلتهم كل معدلات التنمية، ولا يجعل البلاد تتنفس الصعداء وتتمتع بما تحققه من إنجازات.

ويبدو أن الحل هو ضرورة أن تشعر كل أسرة بالخطر، وأن حنفية الإنجاب يجب أن تتوقف عند حد معين، فلا يتمتع الطفل الثالث − مثلاً − بأى خدمات مجانية، خصوصاً البطاقات التموينية، وتحمل أعباء التعليم والمدارس رغم صعوبة ذلك.

ونحتاج خطاباً دينياً وتفانياً مؤثراً، يتغلغل فى القرى والنجوع والأحياء الشعبية، لينبه الناس إلى الخطر القادم، إذا استمرت معدلات الإنجاب كما هى عليه الآن.

نقلا عن اخبار اليوم.

كرم جبر يكتب الأخضر واليابس