مقالات ورأى

أكرم القصاص يكتب: «تويتر» والمعايير المزدوجة ضد العنف

الصباح العربي

واضح أن قرار تويتر بوقف حساب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يشكل تحولا فى عمل أدوات التواصل الاجتماعى وتويتر بشكل خاص، فقد كان قرار شركة تويتر بوقف حساب ترامب بسبب ما أسماه الموقع «خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف».

ونشر موقع التدوينات القصيرة، بيانا أعلن فيه «أن إطار المصلحة العامة للشركة قائم على تمكين الجمهور من الاستماع مباشرة إلى المسؤولين المنتخبين وقادة العالم.. وهذه الحسابات ليست فوق قوانين أو قواعد الاستخدام بشكل كلى ولا يمكنها استخدام تويتر للتحريض على العنف، من بين أمور أخرى.. وسنواصل التحلى بالشفافية بشأن سياساتنا وإنفاذها».

وذكر «تويتر» أنه إذا لم يتم حذف التغريدات، التى واصل فيها الرئيس الزعم دون أساس من الصحة بحدوث تلاعب فى الانتخابات، فسيظل الحساب مقفلا، وهو ما يعنى أن الرئيس لن يتمكن من نشر تغريدات من هذا الحساب، وقد تلقى ترامب عقوبات من قبل فيس بوك، وتم حذف فيديو من يوتيوب يردد فيه ترامب اتهاماته بالتزوير.

ترامب كان أحد أكثر الرؤساء فى العالم استعمالا لأدوات التواصل، خاصة تويتر بعد صدامه الكبير مع الإعلام والصحافة بشكل غير مسبوق، وقد ساهم تواجد ترامب فى تضاعف أعداد المتابعين، فضلا عن وسائل الإعلام التى كانت تنتظر تغريدات ترامب لأن كلا منها يمثل خبرا مهما سواء ما يتعلق بزلات «اللسان» أو التغريدات العادية التى لم تخل من صدام واتهام وتقاطعات مع معارك ترامب السياسية.

إيقاف الحساب من تويتر بدعوى الترويج للعنف، يمثل تحولا، وهناك تساؤلات عما إذا كان تويتر يقصر هذه القواعد على الولايات المتحدة، أم أنه سيعممها؟ خاصة أن تويتر هو أكثر مواقع التواصل التى سمحت طوال السنوات الماضية بالترويج للعنف، بل إن تنظيمات مثل داعش والقاعدة كانت لها حسابات تنشر فيها بيانات التحريض على العنف بل وتروج وتسوق لعمليات إرهابية، وفيما يتعلق بمصر تحديدا، ما زال أرشيف تويتر يتضمن مئات الفيديوهات التى يحرض فيها إرهابيون على الإرهاب والتفجير، وقتل المصريين من الجيش والشرطة.

كما أن تويتر ظل منصة لدعاة التظاهر العنيف والحرق والقتل، فضلا عن مقاطع تحمل فتاوى تكفير وتحريض على قتل المصريين.

كل هذا يشير إلى أن سياسات تويتر المضادة للعنف والإرهاب إنما ظهرت فجأة، وربما تتعلق فقط بالولايات المتحدة، أو أن الموقع الشهير يكيل بمكيالين، فهو ينشر للإرهابيين والمحرضين على العنف فى مصر والسعودية وأوروبا بينما يمنعها عن الولايات المتحدة وهو ما يبدو نوعا من الخوف من تهديدات بمقاضاة الموقع فى حال استمرار السماح لترامب بالتغريد من تويتر.

وبشكل عام فإن إيقاف تغريدات ترامب بعد اتهامه بالتحريض على العنف يمثل منعطفا خطيرا، وسوف تطالب دول العالم المختلفة بتطبيق نفس المعايير معها فى مواجهة الإرهاب، ومنع كل الحسابات التى تدعو للعنف وتروج للإرهاب، وهناك مئات الحسابات على تويتر تمثل لجانا إلكترونية لجماعات وتنظيمات مسلحة.

فضلا عن حروب تتجدد بتحريض واضح ضد مصر وغيرها من الدول العربية، ولهذا يبدو قرار وقف حساب ترامب مخصصا لترامب دون غيره.. ومن الصعب على إدارة تويتر التعامل بالمثل فى كل الحالات ربما لأن الموقع يحقق أرباحا مباشرة وغير ومباشرة من حسابات وهمية أو محرضة على العنف والإرهاب وهو ما يجعل من الصعب على تويتر وقفها مثلما فعل مع ترامب.

نقلا عن اليوم السابع.

أكرم القصاص يكتب تويتر والمعايير المزدوجة ضد العنف