المرأة والصحة

علاج القولون العصبي

الصباح العربي

القولون العصبيّ

يُعدّ القولون العصبي أو متلازمة القولون المُتهيّج، أو متلازمة الأمعاء الهيوجة، أو تهيّج القولون العصبيّ (بالإنجليزية: Irritable bowel syndrome) واختصارًا IBS أحد الاضطربات الشائعة التي تؤثر في الأمعاء الغليظة،ويتمثل هذا الاضطراب بالمعاناة من ظهور مجموعة من الأعراض التي قد تختفي لعدة أشهر ثم تظهر فجأة، ومن هذه الأعراض:

الانتفاخ، والشعور بآلام في البطن، وحدوث تغيرات في حركة الأمعاء مثل الإصابة بالإسهال أو الإمساك أو كليهما معًا على شكل نوبات واحدة تلو الأخرى، كما قد يلاحظ المصاب ظهور مخاط أبيض اللون في البراز وعلى الرّغم من أنّ هذا الاضطراب يرافقه ظهور أعراض مزعجة وغير مريحة للمريض إلا أنه يتميّز بعدم تسبّبه بأي تغيّرات في أنسجة الأمعاء أو بارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون.

في الواقع، يُعدّ مرض القولون العصبي من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية شيوعًا، وذلك بحسب دراسة أجريت عام 2016 م في المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية، حيث وضحت بأن معدلات انتشار القولون العصبي في جميع أنحاء العالم عمومًا تتراوح بين 10-15٪، ويجدر التنبيه إلى أنه يوجد ثلاثة أنواع لمرض القولون العصبي، وهي

القولون العصبي المصحوب بالإمساك (بالإنجليزية: Constipation-predominant irritable bowel syndrome)، ويتمثل هذا النوع ببطئ حركة الأمعاء مما يسبب الإصابة بالإمساك، والقولون العصبي المصحوب بالإسهال، حيث تكون حركة الأمعاء متكرّرة بشكل غير طبيعي، ويكون البراز مائيًّا، إضافةً إلى القولون العصبي المصحوب بالإمساك والإسهال معًا.

ولمعرفة المزيد عن القولون العصبي يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو القولون العصبي).

العلاج الدوائيّ

للقولون العصبيّ يمكن للمصابين بمتلازمة القولون العصبي اللجوء إلى استخدام العلاجات الطبية للتخفيف من شدّة الأعراض وتحسين صحة المصاب، وذلك لعدم وجود علاج طبي فعّال للمرض بحد ذاته، ويعتمد اختيار العلاج المناسب على شدة الأعراض؛ فالأعراض الخفيفة عادة ما يتم علاجها من خلال إجراء بعض التغيرات على نمط الحياة والنظام الغذائي وتجنّب التعرّض للتوتر والإجهاد -سيتم التطرق إليها تفصيلاً في المقال-، أمّا في الحالات التي تكون فيها الأعراض أكثر شدة فيتوجّب استشارة الطبيب وخاصة إذا كان المريض يعاني من الاكتئاب أو في حال كان التعرّض للتوتر يزيد من شدة الأعراض.

القولون العصبي المصحوب بالإمساك

يُعدّ القولون العصبي المصحوب بالإمساك أحد أشهر أنواع متلازمة القولون العصبي، ويصيب حوالي ثلث الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي، ويتمثّل بوجود حالة مزمنة من الإمساك المرافق للشعور بألم في البطن،

وفي الواقع يمكن القول بأنّ الفرد يُعاني من الإمساك حينما يكون البراز صلبًا يصعُب إخراجه، إذ عادةً ما يكون عدد مرّات إخراج البراز أقل من ثلاث مرات أسبوعيًّا، كما قد يشعر الفرد بعدم خروج كافة محتويات الأمعاء في بعض الأحيان، وفي ما يأتي ذكر لأهم العلاجات المستخدمة لعلاج القولون العصبي المصحوب بالإمساك:

المُليّنات المُشكّلة للكتلة: (بالإنجليزية: Bulking agents) تساعد هذه المُليّنات على إبطاء حركة الطعام داخل الجهاز الهضمي وبالتالي قد تقلّل من أعراض الإمساك، ومن الأمثلة على هذه المُليّنات السيلليوم، ونخالة القمح، وألياف الذرة.

مُليّنات البراز:

عادة ما تكون هذه الأدوية الخيار الأول لعلاج الإمساك المرافق للقولون، ويعود ذلك إلى اعتبار أنّ هذه المُليّنات تعتبر آمنة نسبيًّا، كما أنها متوفرة على نطاق واسع وغير مكلفة ماديًّا، ويقوم مبدأ عملها على تحفيز حركة الأمعاء، ونذكر فيما يأتي بعضًا من أنواع هذه المُليّنات:

المُلينات الأسموزية: (بالإنجليزية: Osmotic laxatives) تعمل هذه الأدوية على إعادة سحب الماء إلى القولون، الأمر الذي يُخفّف من صلابة البراز ويسهّل إخراجه من جسم المُصاب، وتجدر الإشارة إلى أهميّة التأكّد من شرب الكثير من الماء عند استخدام هذا النوع من المُليّنات لتجنّب المعاناة من الجفاف. المُلينات المُحفِّزة:

(بالإنجليزية: Stimulant laxatives) تحفز هذه المُليّنات العضلات الموجودة حول الأمعاء مما يساهم في زيادة الضغط على الفضلات الأمر الذي يؤدّي إلى تحرّك الفضلات خلال القولون، وتجدر الإشارة إلى أنّه ينصح بعدم استخدام هذا النوع من المُليّنات بشكل منتظم؛ وذلك لأنّ الاستخدام المستمر لهذا النوع من الملينات يؤدّي إلى أن يعتاد الجسم عليها وبالتالي عدم قدرته على إتمام عملية الإخراج بشكل طبيعيّ دون استخدامها.

المواد التي تزيد الإفراز:

يكمن عمل هذه الأدوية في زيادة المحتوى المائي لكلّ من البراز والأمعاء، الأمر الذي يؤدّي إلى زيادة حركة الأمعاء وجعلها أكثر تكرارًا، وتعدّ هذه الأدوية من أحدث الأدوية المستخدمة لعلاج متلازمة القولون العصبي المرافق للإمساك،

وفي ما يأتي بيان لهذه الأدوية بشيء من التفصيل:

لوبيبروستون: (بالإنجليزية: Lubiprostone) يمكن استخدام هذا الدواء لعلاج الإمساك الشديد والقولون العصبي لدى النساء اللاتي تزيد أعمارهنّ عن 18 عامًا؛ وتحديدًا اللاتي لم يستجبن للعلاجات الأخرى،ويعتمد مبدأ عمل اللوبيبروستون على تعزيز الإفراز من خلال قنوات الكلوريد الموجودة في الأمعاء والتي بدورها تعزز انقباضات العضلات الموجودة في الجهاز الهضمي، ممّا يؤدّي إلى دفع محتوياته عبر الجهاز الهضمي، وينصح بأخذ هذا الدواء بشكل منتظم حسب إرشادات الطبيب وذلك للحصول على الفائدة بشكل تامّ، كما ويفضل أخذ الدواء بنفس الموعد يوميًّا عن طريق الفم بعد تناول الطعام مع كوب من الماء، مع التأكيد على بلع الحبة كاملة وتجنّب كسرها أو مضغها.

ليناكلوتيد:

يستخدم ليناكلوتيد (بالإنجليزية: Linaclotide) لعلاج القولون العصبي المصحوب بالإمساك لدى المصابين الذين لم يستجيبوا للعلاجات الأخرى ممّن تزيد أعمارهم عن 18 عامًا، ويعتمد مبدأ عمله على زيادة حركة محتويات الجهاز الهضمي، كما أنّه يمنع الشعور بالألم الناتج عن حركة الأمعاء.

أدوية القولون العصبي المصحوب بالإسهال يمكن أن يعاني بعض المصابين من القولون العصبي المصحوب بالإسهال؛ المتمثّل بحركة مفاجئة ومُلحّة في الأمعاء، الأمر الذي يؤدي إلى جعل البراز يبدو رخوًا ومائيًّا، ويمكن علاج المصابين بهذه الحالة باستخدام الأدوية الآتية:

الأدوية المضادة للإسهال:

يوجد العديد من الادوية المضادة للإسهال (بالإنجليزية: Anti-diarrheal medications) التي يحتاج بعضها إلى وصفة طبية في حين أنّ البعض الآخر لا يحتاج لذلك، وفي ما يأتي يمكن بيان أهم هذه الأدوية بشيء من التفصيل:

لوبيراميد:

(بالإنجليزية: Loperamide) يُعدّ من الأدوية المضادة للإسهال التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، ويعتمد مبدأ عمله على تقليل تدفّق السوائل والمواد الكهرلية إلى الأمعاء بالإضافة إلى كونه يبطئ حركة الأمعاء الأمر الذي يقلّل عدد الحركات المعوية، وبالتالي ينظّم مرور الطعام عبر الجهاز الهضمي، وعليه فإنه يمكن أن يساعد في التغلّب على الإسهال لدى الأشخاص المصابين بالقولون العصبي المصحوب بالإسهال، ويتوفر اللوبيراميد على شكل حبوب أو كبسولات أو معلقات أو محلول سائل يؤخذ عن طريق الفم.

رابطات العصارة الصفراء:

(بالإنجليزية: Bile-acid binders) تساعد هذه المواد على التقليل من حركة الأمعاء، وبالتالي جعل البراز أكثر صلابة.

ريفاكسيمين:

يمكن استخدام المضادات الحيوية مثل الريفاكسيمين (بالإنجليزية: Rifaximin) لعلاج القولون العصبي المصحوب بالإسهال، وذلك لأنه يؤثّر على كمية البكتيريا الموجودة في الأمعاء، لذا بإمكانه تقليل الأعراض لمدة 6 أشهر تقريبًا عند استخدامه ضمن الجرعات المناسبة التي يحددها الطبيب، ويمكن إعادة استخدامه في حال ظهور الأعراض مرة أخرى.

الألوسيترون:

يستخدم الألوسيترون (بالإنجليزية: Alosetron) لعلاج حالات القولون العصبي المزمن الشديد المصحوب بالإسهال وتحديدًا في حال استمرّ هذا الإسهال لمدة 6 أشهر على الأقل لدى النساء المصابات به كأحد الأعراض الرئيسية للمعاناة من القولون العصبي؛ إذ يتم إعطاء الألوسيترون بعد فشل العلاجات الأخرى، ومن الجدير بالذكر أنه لم يثبت أن الألوسيترون فعال في الرجال المصابين بالقولون العصبي.

اليوكسادولين

يُعدّ اليوكسادولين (بالإنجليزية: Eluxadoline) من محفزات المستقبلات الأفيونية، الذي يقلل الحركة المعوية ويخفف من الألم المرتبط بها، لذا فهو يستخدم لعلاج متلازمة القولون العصبي المصحوبة بالإسهال، وتجدر بنا الإشارة إلى أنه عند استخدام اليوكسادولين بالجرعة التي يحددها الطبيب فإنه من غير الممكن أن يؤثر على وظائف الدماغ.

الأدوية التي تُساعد على تخفيف الألم يُعدّ ألم البطن أحد الأعراض المميّزة لمتلازمة القولون العصبي، وفي العادة تكون شدة آلام القولون العصبي متغيرة؛فقد تتراوح ما بين شدّة خفيفة إلى شديدة في بعض الأحيان، وفي ما يأتي ذكر لأهم الأدوية التي تساعد على تخفيف هذا الألم: مضادات الاكتئاب:

يمكن أن تساعد مضادات الاكتئاب على التخفيف من ألم البطن الناتج عن المعاناة من القولون العصبي، وحقيقةً يوجد نوعان من مضادات الاكتئاب التي يمكن استخدامها، وفي ما يأتي ذكر لهما:

مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات:

(بالإنجليزية: Tricyclic antidepressants) يمكن أن تساعد هذه الأدوية على علاج الاكتئاب كما أنها تثبّط نشاط الخلايا العصبية التي تتحكم في الأمعاء مما يساعد على تخفيف الألم، ومن الجدير بالذكر أن الطبيب سيصف جرعات منخفضة من هذه الأدوية للمصابين الذين يعانون من أعراض متلازمة القولون العصبي فقط دون المعاناة من الاكتئاب، ومن الأمثلة على هذه الأدوية إيميبرامين (بالإنجليزية: Imipramine)، وديسيبرامينور (بالإنجليزية: Desipramineor)، ونورتريبتيلين (بالإنجليزية: Nortriptyline)، ومن الآثار الجانبية لهذه الأدوية:

ضبابية الرؤية، والدوخة، وجفاف الفم، والنعاس الذي يمكن تجنبه بتناول الدواء في وقت النوم.

مضادات الاكتئاب المثبّطة لإعادة امتصاص السيروتونين:

(بالإنجليزية: Selective serotonin reuptake inhibitor) واختصارًا SSRIs، تساعد هذه المجموعة من الأدوية على علاج المصابين بالاكتئاب بالإضافة إلى القولون العصبي المصحوب بالإمساك وألم البطن معًا، ومن الأمثلة على هذه الأدوية فلوكستين (بالإنجليزية: Fluoxetine) أو باروكستين (بالإنجليزية: Paroxetine).

الأدوية المضادة للتشنّجات: (بالإنجليزية: Antispasmodics) يعتمد مبدأ عمل هذه الأدوية على تخفيف الألم الناتج عن القولون العصبي وذلك عن طريق انبساط العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، وقد أثبتت مضادات التشنّج فعالية معتدلة في تخفيف الألم الناتج عن القولون العصبي، وفي الواقع يوجد نوعان لمضادات التشنّج وفي ما يأتي بيان لكلّ منهما:

مضادات الكولين:

(بالإنجليزية: Anticholinergics) هي نوع من الأدوية المصمّمة لمنع عمل مركّب الأستيل كولين الأمر الذي يؤدّي إلى التقليل من شدة التشنجات العضلية، بالإضافة إلى التقليل من الإنتاج المفرط للمخاط، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأدوية قد تُسبّب الإمساك لذلك فإنها عادةً ما تستخدم للمرضى المصابين بالقولون العصبي المصحوب بالإسهال. ميبيفيرين: يستخدم الميبيفيرين (بالإنجليزية: Mebeverine) لتخفيف آلام الانتفاخ والتشنج في أسفل البطن التي عادةً ما تكون مصاحبة لمتلازمة القولون العصبي، إذ يعمل المبيفيرين على انبساط عضلات مُعيّنة موجودة في جدار الأمعاء.

مسكّنات الألم: يمكن استخدام بعض مسكّنات الألم مثل البريجابلين (بالإنجليزية: Pregabalin) والجابابنتين (بالإنجليزية: Gabapentin) لعلاج الألم الشديد والانتفاخ.

علاج القولون العصبي