مقالات ورأى

كرم جبر يكتب: عودة الروح

الصباح العربي

بعد الإطاحة بحكم محمد مرسى، أصدر يوسف القرضاوى عدة فتاوى، تحرض على القتال ضد الجيش المصرى، وجواز قتل الجنود والضباط، وخاطب الإرهابيين قائلاً "اقتلوهم أينما وجدتموهم"، مؤكداً أن من يفجر نفسه فى الجيوش الظالمة، شهيد فى سبيل الله!

عاشت مصر ودفنت فتاوى القرضاوى فى مقابر الخيانة، ولن يعود إليها ويا ليت قبره يكون بعيدا عن ثراها الطيب، ولن تفتح البلاد ذراعيها من جديد لألاعيبه حين امتطى منبر الأزهر، غازياً إخوانياً جاء من كهوف التطرف، مرتدياً ثياب الثعالب، متباكياً على مصر بدموع الذئاب، وكانوا جميعاً يفضلون مصر الضعيفة المهانة، للمتاجرة بأوجاعها، أما مصر القوية المتعافية مرفوعة الرأس، فهم ضدها على طول الخط ولا يحبونها.

ماذا فعلتم غير غسل عقول الشباب، ودفعهم إلى ارتداء أحزمة الديناميت، بدلاً من أن تملأوا عقولهم بالعلم النافع، ليكونوا مهندسين ومدرسين وأطباء وأساتذة، يخدمون أوطانهم وينفعون أهاليهم، ويطرحون الخير فى كل شبر يسيرون فيه، وفى الوقت الذى ترسلون فيه الشباب إلى القبور، تبعثون أولادكم إلى الغرب، ليتعلموا فى أكبر جامعاته ويتزوجون أجنبيات، ويعملون فى البنوك ويمتلكون الشركات، أما أولاد الفقراء فهم حطب الجهاد، والدماء التى تضخ ملايين فى حساباتهم بالبنوك.

بعد أحداث يناير كان المصريون جميعاً شهود عيان، على أكبر مؤامرة تتعرض لها البلاد فى تاريخها، لنزع هويتها وتاريخها وحضارتها وثقافتها، واستبدالها بدولة المرشد وقوانينه وميليشياته، وكان المصريون جميعاً شركاء فى انتزاع وطنهم من أنياب الشيطان، واسترداد وطن عظيم، قوامه التسامح والمحبة والتعايش السلمى، واحتواء جميع الثقافات والديانات والحضارات، وليس العنف والقتل والإقصاء والإبعاد.

ولم تستوعب الجماعة الإرهابية دروس التاريخ، التى تؤكد فضح الكذابين ونهايتهم السوداء مثلما حدث مع هتلر ووزير دعايته جوبلز، ولم يستفيدوا من مشوارهم الدامى مع كل أنظمة الحكم فى مصر، منذ ظهورهم المشئوم سنة 1928، ومن عاداتهم الانتهازية أن يتحالفوا مع كل رئيس ثم يتآمروا عليه، فعلوا ذلك مع فؤاد وفاروق قبل ثورة 1952، وقتلوا الخازندار والنحاس، وصدرت التعليمات بحل جماعتهم، وتصفيتها وتكرر ذلك مع كل الرؤساء الذين حكموا مصر.

لم تكن لهم خطة ولا برنامج للتعامل مع التحديات التى تواجه البلاد، حتى فى الفترات التى كان لهم فيها عدد كبير من النواب فى البرلمان، واعتمدوا فقط على عنصرين.. الأول استغلال المشاكل والأزمات لتأليب المصريين على حكامهم.. والثانى إطلاق مضخة الشائعات بكامل قوتها، والتركيز على الأمور المعيشية، والقضايا التى تمس أكبر عدد من المواطنين.. وكانت 30 يونيو هى استعادة الأمل وعودة الروح.

نقلا عن اخبار اليوم

كرم جبر يكتب عودة الروح