منوعات

سر القميص المسحور فى المتحف الاسلامى

 القميص المسحور
القميص المسحور

قال الدكتور عبد الحميد عبد السلام، مدير إدارة التدريب والنشر العلمي بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة، إن السينما ساهمت بشكل حقيقي في إبراز وشيوع الوقائع التاريخية، ومنها فيلم الفيل الأزرق الذي عرض في دور السينما، والذي يتناول قصة القميص المسحور بمتحف الفن الإسلامي.

ويعد الدكتور عبدالحميد عبدالسلام أول باحث مصري قام بدراسة علمية لفك طلاسم وألغاز القميص المسحور، بمتحف الفن الإسلامي وهو من مجمل 8 قمصان تتواجد في متاحف العالم المختلفة مثل مصر وإيران وتركيا وألمانيا، يطلق عليها "القمصان المسحورة" وتحمل نفس المسمي "القمصان المسحورة".

وأوضح عبدالسلام ، أن القمصان كانت تحمل كتابات غامضة وكان الأمراء وقادة الجيوش يرتدونها كوقاية من غمار المعارك الحربية، مؤكدا أنه لا توجد رسالة علمية استطاعت فك شفرات القميص السحري بشكل علمي، وبخاصة القميص الموجود بالمتحف الإسلامي بالقاهرة، الذي له من العمر 349 سنة، والذي به آثار دماء غطت على بعض الكتابات المحفورة فيه.

الرسالة العلمية للباحث عبدالحميد عبدالسلام، التي حاز عليها درجة الماجستير بجامعة عين شمس في التمائم المحفوظة بالمتحف الإسلامي بالقاهرة، كانت أول رسالة علمية في مصر والعالمين العربي والإسلامي تحدثت بشكل علمي عن القميص السحري الذي كان يتم ارتداؤه في وقت الحرب والذي اتخذته رواية أحمد مراد، المأخوذ منها فيلم "الفيل الأزرق"، حيث جاء ذكر القميص الموجود في المتحف الإسلامي بالقاهرة في مشهد جسده الفنان كريم عبد العزيز في الجزء الأول، متحدثا عن سرقته من المتحف في أولى مشاهد الفيلم والكثير من الوقائع الأخرى من الفيلم.

الدكتور عبد الحميد عبد السلام قال إن القميص السحري، المصنوع في عهد الدولة الصفوية بإيران مسجل بالمتحف الإسلامي بالقاهرة، لافتا إلى أن المتحف تسلم القميص في عهد ماكس هرتز الذي كان يشرف آنذاك على المتحف الإسلامي بالقاهرة، مشيرا إلى أنه قام بشراء القميص بمبلغ 5 جنيهات من شخص يدعى مصطفى بك شمس الدين، وتم إنهاء كافة إجراءات البيع للقميص الذي يوجد عليه دم يغطي جنباته في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث إن له من العمر 349 سنة.

لماذا تخلص مصطفي بك شمس الدين من القميص السحري بأبخس الأثمان رغم أنه من أفضل قمصان العالم كما يؤكد الأثريون، وكيف استطاع شمس أن يمتلك القميص المسحور الذي تمت صناعته في إيران؟

وهل كان شمس الدين مجبرا أن يتخلص من القميص السحري بأي ثمن؟

وهل كانت له مواقف في التخلص من قطعة القماش التي كان يرتديها أمير مجهول تحفل بدمائه كل أنسجة القماش؟

كل هذه الأسئلة لا أحد يعرف الإجابة عنها، بخاصة أن المعلومات عن شمس الدين قليلة، بل تكاد تكون منعدمة.

يوضح عبدالسلام في دراسته، أن كلاً من: سليمان الصفوي وسليمان القانوني العثماني زوج الملكة هويام، كانا يرتديان القميص ذاته ككل الأمراء في عصرهما، الذين يخوضون المعارك وهم يرتدونه كوقاية وحماية كملبس داخلي لايظهر للعيان، كما يؤكد الباحث عبدالسلام، لافتا إلى أن القميص يندرج تحت بند التمائم والأحجبة المصنوعة من النسيج، التي كان لها شيوع في عصرها، مضيفا أن القميص كان يرتديه أصحاب المذهب الشيعي وأصحاب المذهب السني على حد السواء، وكان يضم ابتهالات شيعية وسنية، بالإضافة إلى آيات قرآنية وأسماء الصحابة والملائكة.

نجحت الدولة الصفوية حين أسست نفسها كدولة قوية أن تجعل إيران تعتنق المذهب الشيعي كما كان صفي الثاني بن عباس الثاني الذي عرف باسم سليمان الأول، والذي حكم بين عامي (1666-1694) وهو الابن الأكبر للشاه عباس الثاني الصفوي من جاريته الشركسية ناكيهات خانم، وهو ولد وترعرع في الحريم وكان يقول عليه المنجمون والفلكيون إنه منحوس الطالع.

كان اهتمام سليمان الأول الصفوي بشئون السياسة قليلاً مفضلاً الاهتمام بالحريم، حيث وضع القرار السياسي بيد كبار وزرائه أو لمجلس خصيان الحريم، الذين تعاظم نفوذهم في عهده.

وانتشر الفساد في الإمبراطورية الصفوية في عهده، وضعف الانضباط في الجيش بشكل خطير، ولم يبادر سليمان الأول الصفوي لاستغلال ضعف العدو التقليدي للصفويين، أي الإمبراطورية العثمانية، بخاصة بعد هزيمتهم في معركة فيينا عام 1683، كما عانت الإمبراطورية الصفوية من غارات القبائل.

توفي سليمان الأول الصفوي في 29 يوليو 1694، واختلف المؤرخون في سبب موته، إما بسبب إفراطه في شرب الخمر، أو بسبب داء النقرس. وقام خصيان الحريم بتنصيب ولده الأكبر حسين خلفا له، الذي حمل لقب سلطان حسين، مما يجعل السؤال ضروريا كيف لملك مثله أن يرتدي هذا القميص وهو الذي لايحبذ القتال؟

لا أحد يعرف هل ارتدى سليمان الصفوي المنحوس هذا القميص الذي صنع في عهده، إلا أنه من المرجح أن من ارتداه مات مقتولا، كما يقول الباحث عبد الحميد عبدالسلام، لافتًا إلى أن القميص يظهر البنية الشكلية للشخص الذي ارتداه، وسماته الجسدية، مشيرا إلى أن القميص الذي كان يصنع من خلال قوالب توضع فيها الابتهالات والتعاويذ كحماية، كان يستخدمه الأمراء والقادة، بالإضافة إلى الملوك أيضا.

يضيف الباحث عبد الحميد عبد السلام أن القميص يبلغ طوله 137سم، كما يبلغ عرض الصدر 89 سم، ويبلغ اتساع الوسط 92 سم، أما طول الذراع فيبلغ 20سم واتساعه 30سم، وفتحة الرقبة تبلغ 16سم وهو ثوب غير مخيط بكمين ومصنوع من الكتان يتكون من تقسيمات هندسية.

مساحة الوسط التي تبلغ 92 سم يدل علي أن من كان يرتديه ممتلئ الجسد، وذو بطن بارز، كما يظهر مساحة عرض الصدر التي تبلغ 89 سم أنه عريض الأكتاف، وتدل مساحة الكم 30 سم أن سواعده مفتولة العضلات ضخم البنية، وأنه مهيأ لأن يكون رجلاً محاربا، ويتخذه للحماية والوقاية من المهالك.

يوجد بالقميص أرقام وآيات قرآنية وعبارات دعائية كتبت بالمدادين الأسود والأحمر، كما يوضح الباحث، لافتا إلى أن الكتابة بها بهتان ومحو، وبها آثار دماء، أما بجوار الرقبة من الجهة اليسري فتوجد كتابات وشكل مستطيل مقسم لـ42 مربعا، شغلت جميعها بالأرقام.

رغم أن القدماء اعتقدوا أن هذا القميص مسحور وأنه حماية لمن يرتديه من السهام والسيوف، فإن من ارتداه قتل. وتبقى تساؤلات معلقة حول كيفية استخدام الأمراء والملوك للقميص، والطريقة التي قتل بها الملك المنحوس.

سر القميص المسحور المتحف الاسلامى