الصباح العربي

من قرية منسية إلى متحف فني عالمي: كيف حوّل فنان كوبي خايمانيتاس إلى لوحة فسيفسائية نابضة؟

الإثنين 26 مايو 2025 07:04 مـ 28 ذو القعدة 1446 هـ
خوسيه فوستر
خوسيه فوستر

في خطوة فردية تحولت إلى ظاهرة فنية عالمية، نجح الفنان الكوبي خوسيه فوستر في تحويل قرية خايمانيتاس الصغيرة، الواقعة غرب العاصمة هافانا، إلى معلم سياحي فني يجذب آلاف الزوار سنويًا، ما بدأ عام 1994 كلوحة فسيفساء صغيرة على مدخل منزله، أصبح اليوم مشروعًا بصريًا متكاملًا غيّر وجه القرية بالكامل.

كانت خايمانيتاس مجرد قرية صيد منسية، لا يميزها شيء عن غيرها من القرى الكوبية، إلى أن قرر فوستر الاستقرار فيها وبث الحياة في جدرانها بالألوان والتفاصيل والرسوم الشعبية، مستعينًا بفسيفساء السيراميك والزخارف المستوحاة من التراث الكوبي، وهذا المشروع، المعروف اليوم باسم "فوسترلانديا" بات أحد أبرز وجهات السياحة الفنية في كوبا.

يعتمد خوسيه فوستر في أعماله على أسلوب الفسيفساء المستوحى من الحياة اليومية في كوبا، حيث تزين الجداريات والنقوش الملوّنة عشرات المباني، وتُجسّد مشاهد من الثقافة الشعبية إلى جانب رموز سياسية وفنية، ومن أبرز أعماله "برج الديك"، وهو منحوتة يبلغ ارتفاعها أربعة أمتار ومغطاة ببلاط ملون يلفت الأنظار.

لم يكن لفوستر أي دعم حكومي، بل موّل مشروعه بالكامل من بيع لوحاته ولوحات السيراميك، مؤكدًا أن شغفه بالفن ورغبته في إضفاء البهجة على القرية هما المحرك الأساسي لما وصفه البعض بـ"ثورة فنية فردية"، واليوم، تستقبل القرية أكثر من ألف سائح أسبوعيًا، يأتون خصيصًا لمشاهدة منازلها المبهجة ومعروضاتها المفتوحة في الهواء الطلق.

ما يميّز تجربة فوستر هو تأثيرها الجماعي، حيث انتقل شغف الفسيفساء إلى سكان القرية الذين طلبوا بدورهم تزيين منازلهم، ليشاركوا في إعادة تشكيل ملامح بلدتهم بأيديهم، مما منح المشروع طابعًا إنسانيًا وتشاركيًا فريدًا، لقد تحولت خايمانيتاس من مجرد مكان على الخريطة إلى رمز فني عالمي ينبض بالحياة الكوبية.

تظل "فوسترلانديا" واحدة من أنجح تجارب تحويل القرى إلى وجهات سياحية فنية، حيث امتزجت الفسيفساء بالتاريخ والهوية، لتعيد رسم صورة كوبا في عيون زوارها، إنها قصة فنان كوبي غيّر قريته بالفن، لتغدو مثالًا عالميًا على قوة الإبداع.