من الاحتجاج إلى الانفجار.. هل تكتب طرابلس نهاية الدبيبة؟

تصاعدت حالة الخلاف والتوترات في الشارع الليبي خلال الأيام الأخيرة، وهذا بعدما شهدت العاصمة طرابلس احتجاجات واسعة النطاق قام فيها المواطنون بالتعبير عن استيائهم من أداء حكومة عبد الحميد الدبيبة، وطالبوا برحيله، قام المتظاهرون بالنزول إلى الشوارع معبرين عن رفضهم لما وصفوه بانفلات أمني وهيمنة للميلشييات المسلحة.
وردت التطورات الأخيرة بعد حادثة قتل عبد الغني الككلي، المعروف باسم غنيوة، الذي يعتبر أحد ابرز قادة الميلشييات في طرابلس ورئيس جهاز دعم الاستقرار، خلال اجتماع رسمي داخل مقر اللواء 444، وقد تم وصف هذه الحادثة بأنها نقطة تحول كبرى في موازين القوى داخل العاصمة.
حيث سيطرت قوات موالية للحكومة على مواقع تابعة للككلي فوراً بعد مقتله، في خطوة اعتبرت محاولة لإعادة ترتيب المشهد الأمني بالقوة.
ألا أن نتائج هذا التحرك كانت عكسية، إذ شهدت طرابلس اشتباكات عنيفة بين الفصائل المسلحة، مع ظهور علامات انقسام داخل التحالفات الأمنية التي كانت تعتمد عليها الحكومة في بسط نفوذها.
بجانب تطور الأحداث الذي كشف عن ضعف السيطرة المركزية، خاصه بعد أن امتنعت بعض الميليشيات عن تنفيذ أوامر الدولة، بل واستخدمت طائرات مسيرة في الاشتباكات، ما زاد من تعقيد المشهد.
كما تحركت دول الجوار بسرعة في محاولة لاحتواء الأزمة، فعقد اجتماع ثلاثي في القاهرة بين وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر، أكدوا خلاله دعمهم لوحدة الأراضي الليبية ورفضهم لأي تدخلات أجنبية قد تزيد الوضع اشتعالًا، كما دعوا إلى ضرورة تسريع التوصل إلى حل سياسي شامل يمهد لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في آن واحد.
الاحتجاجات الأخيرة لم تكن فقط تعبير عن الغضب من الوضع الأمني، بل حملت أيضا رسائل سياسية واقتصادية، مع اتهامات للحكومة بالتقصير في تحسين مستوى المعيشة وانتشار الفساد وسوء الإدارة.
كما ان التظاهرات التي انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي حملت نبرة يأس واضحة من قدرة الحكومة على تحقيق وعودها، وسط مطالب متزايدة بإعادة بناء مؤسسات الدولة وفق أسس مدنية.
عبد الحميد الدبيبة حاول احتواء الأزمة من خلال خطابات أظهرت تارة التزامه بمحاربة الميليشيات الخارجة عن القانون، وتارة أخرى استعانته بخطاب تعبوي يرتكز على البعد الجهوي، مستندًا إلى دعم قاعدته الشعبية في مصراتة، وهذا الأسلوب اعتبره كثيرون محاولة لكسب الوقت والمناورة السياسية في ظل أزمة تتعمق يوماً بعد آخر.
وفي ضوء التطورات المتسارعة، تبدو حكومة الدبيبة وكأنها تواجه أخطر لحظاتها منذ تشكيلها، في ظل تراجع واضح في قدرتها على ضبط الأمن، وتآكل ثقة الشارع، وتراجع الشرعية السياسية والشعبية.
ورغم تمتعها حتى الآن بدعم دولي، إلا أن هذا الدعم بات مشروط بضرورة تحقيق تقدم حقيقي نحو حل سياسي وإصلاح مؤسسي عاجل، وإلا فإن مستقبل هذه الحكومة قد يكون مهددًا بانهيار تدريجي أو تغيير مرتقب في المشهد السياسي.