رحلة إنسانية تتحول إلى أزمة دولية.. ماذا حدث لسفينة مادلين في طريقها إلى غزة؟

أبحرت السفينة المدنية "مادلين" التابعة لتحالف أسطول الحرية باتجاه قطاع غزة، محملة بشحنات إنسانية ومتطوعين من مختلف الجنسيات، في محاولة جديدة لتحدي الحصار المفروض على القطاع، والذي تصفه جهات حقوقية دولية بأنه حصار غير قانوني يستهدف تجويع المدنيين ومعاقبتهم جماعيًا.
حملت السفينة اسم "مادلين" تكريمًا لأصغر صيادة فلسطينية ظهرت في غزة عام 2014، وجسّدت آنذاك رمزية الكفاح المدني تحت الحصار، وقد شارك في الرحلة شخصيات معروفة، من بينهم عضو البرلمان الأوروبي ريما حسن، والناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، بينما شملت المساعدات المنقولة حليبًا للأطفال، وأغذية أساسية، ومستلزمات طبية، وأجهزة لتحلية المياه، إلى جانب أطراف صناعية للأطفال ومستلزمات نسائية صحية.
اعترضت البحرية الإسرائيلية مسار السفينة فور اقترابها من المنطقة البحرية المحظورة، واقتادتها بالقوة نحو ميناء أسدود، كما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان رسمي، وأكدت أن جميع الركاب سيُعادون لاحقًا إلى بلدانهم.
أصدر تحالف أسطول الحرية بيانًا فجر اليوم، أشار فيه إلى أن الجيش الإسرائيلي نفّذ عملية اقتحام مسلحة للسفينة "مادلين"، وانقطع الاتصال بها منذ لحظة الهجوم، بينما أظهرت صورة بثها الائتلاف ركاب السفينة يرتدون سترات نجاة رافعين أيديهم، وسط تأكيدات بأن الاتصال انقطع تمامًا بعد السيطرة على القارب.
ذكرت صحيفة عبرية أن الجيش الإسرائيلي باشر عملية السيطرة على السفينة، واحتجز 12 ناشطًا كانوا على متنها بهدف ترحيلهم، فيما أكدت وسائل إعلام أخرى أن البحرية لم تسجّل أي إصابات خلال العملية، وأن السفينة تسحب حاليًا باتجاه الميناء الإسرائيلي.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن ما وُصف بـ"الكمية المحدودة من المساعدات التي لم تُستهلك خلال الرحلة"، سيتم تحويله إلى غزة عبر مسارات إنسانية رسمية، بينما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه أمر بمنع السفينة من الوصول إلى القطاع، مهاجمًا المتطوعين على متنها ووصفهم بأنهم "أبواق دعاية".
في بث مباشر من على متن السفينة، أوضحت النائبة الأوروبية ريما حسن أن طائرة مسيّرة إسرائيلية ألقت سائلًا أبيض غير معروف فوق السفينة، بينما ظهرت لقطات حية تُظهر اقتراب زوارق عسكرية إسرائيلية في محاولة لإجبارها على التراجع، وفق ما نقله تحالف أسطول الحرية الذي أشار إلى أن ستة زوارق حاصرت "مادلين" قبل أن يتم تنفيذ الاقتحام.
أكد عضو الائتلاف تياغو أفيلا أن ما جرى يمثل "جريمة حرب"، بينما أبلغ قادة الرحلة بأن أربعة زوارق إسرائيلية اقتربت دون أن تهاجم في البداية، مع تفعيل صفارات إنذار داخل السفينة استعدادًا لأي تصعيد محتمل.
طالب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، المجتمع الدولي وخاصة بريطانيا وفرنسا، بالتحرك الفوري لضمان سلامة من كانوا على متن السفينة، مشيرًا إلى خطورة الوضع وتداعيات التصعيد العسكري ضد بعثة إنسانية.
وصفت الناشطة التركية ياسمين أجار، التي كانت ضمن الطاقم، أي هجوم إسرائيلي محتمل بأنه "جريمة حرب تُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات"، وقالت في بث مباشر إن الفريق لا يحمل أي سلاح وإن مهمته إنسانية بحتة، مشيرة إلى أن الاتصال بالإنترنت بدأ يتراجع بشكل ملحوظ منذ لحظة حصار السفينة.
اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية اعتراض السفينة "مادلين" انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي و"جريمة قرصنة في المياه الدولية"، وقالت في بيان إن إسرائيل منعت بالقوة وصول متطوعين مدنيين كانوا يحملون مساعدات ضرورية، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم، محملة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامتهم.
أكدت الحركة أن تصرف إسرائيل يعمّق من عزلتها، ويكشف للعالم طبيعة سلوكها، كما دعت المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل من أجل كسر الحصار المفروض على القطاع، منددة بجرائم التجويع والمنع المتعمد لوصول المساعدات.
في السياق ذاته، طالبت المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي بريطانيا بالتحرك السريع لضمان الإفراج عن طاقم "مادلين" مشيرة إلى أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يستدعي توضيحًا عاجلًا من السلطات الإسرائيلية، وأكدت في منشور عبر منصة "إكس" أن السفينة كانت تنفذ مهمة إنسانية مشروعة، ويجب السماح لها بإكمال وجهتها نحو غزة.