الصباح العربي

ارتفاع أسعار النفط.. 6 أسباب تقود للصعود السريع

الثلاثاء 12 أغسطس 2025 06:34 مـ 17 صفر 1447 هـ
ارتفاع أسعار النفط.. 6 أسباب تقود للصعود السريع

يعد فهم ديناميكيات ارتفاع أسعار النفط أمرًا محوريًا للاقتصاد العالمي، حيث لا يخضع سعر برميل النفط لعامل واحد، بل يتأثر بشبكة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية، وحتى الطبيعية، التي يمكن أن تدفع الأسعار للقفز بشكل حاد ومفاجئ.

وفي حين أن الأسواق قد تشهد فترات من الاستقرار أو حتى الانخفاض، كما حدث في مطلع أغسطس 2025 حين أدت المخاوف من تباطؤ الطلب وزيادة المعروض إلى تراجع الأسعار، فإن العوامل التي تقود إلى الصعود تظل كامنة وقادرة على تغيير مسار السوق بسرعة.

ويشكل تحليل هذه المحركات الأساسية حجر الزاوية للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء، إذ إنها تحدد مسار الطاقة والتضخم والنمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.

تابع أحدث الأخبار الدولية والمحلية لحظة بلحظة عبر موقع العلم الآن – كن أول من يعرف!

أسباب ارتفاع أسعار النفط الرئيسية

من خلال تتبع الأحداث والبيانات، يمكن تحديد 6 أسباب رئيسية تقف خلف موجات الصعود السريعة في أسعار النفط، وتشمل

قرارات "أوبك+"

يمثل تحالف "أوبك+"، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها وعلى رأسهم روسيا، القوة الأكثر تأثيرًا في سوق النفط.

وبحسب الإحصائيات، يسيطر هذا التحالف على حصة ضخمة من احتياطيات وإنتاج النفط العالمي، مما يمنحه قدرة فريدة على التأثير في الأسعار من خلال التحكم في المعروض، فعندما يقرر التحالف خفض الإنتاج، كما حدث في مناسبات عديدة لمواجهة تراجع الطلب، فإنه يخلق نقصًا مصطنعًا في السوق يؤدي مباشرة إلى ارتفاع أسعار النفط.

وعلى العكس، فإن قرار التحالف زيادة الإنتاج، مثلما حدث في أغسطس 2025، كان أحد العوامل التي ضغطت على الأسعار نحو الانخفاض، مما يؤكد دوره المحوري في تحديد اتجاه السوق.

اختلال العرض والطلب

تخضع أسعار النفط، مثل أي سلعة أخرى، للقانون الأساسي للعرض والطلب، فعندما يشهد الاقتصاد العالمي نموًا قويًا، كما في فترات التعافي بعد الأزمات، يزداد الطلب على الطاقة من المصانع ووسائل النقل والمستهلكين.

وإذا لم يواكب المعروض هذا النمو في الطلب، يحدث ارتفاع أسعار النفط بشكل طبيعي. وقد شهدت الأسواق العالمية هذا السيناريو مرارًا، بينما أظهرت بيانات من الصين وأوروبا في أغسطس 2025 كيف أن تباطؤ النشاط الاقتصادي وضعف طلب المستهلكين يمكن أن يكون لهما تأثير معاكس، مما يدفع الأسعار إلى الهبوط.

التوترات الجيوسياسية

تعتبر منطقة الشرق الأوسط، التي تضم الحصة الأكبر من احتياطيات النفط العالمية، هي الأكثر حساسية وتأثيرًا على استقرار السوق، فأي توتر سياسي أو نزاع عسكري في المنطقة يمكن أن يثير مخاوف المستثمرين من تعطل إمدادات النفط، مما يدفع الأسعار للقفز.

وخير دليل على ذلك ما حدث في يونيو 2025، حين أدت الضربات المتبادلة بين الكيان وإيران إلى ارتفاع سعر خام برنت من 69 دولارًا إلى 79 دولارًا للبرميل في غضون أسبوع واحد فقط، خوفًا من انقطاع الإمدادات أو إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، وهو ما يوضح كيف أن التوترات الجيوسياسية هي أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار النفط بشكل مفاجئ.

الكوارث الطبيعية

يمكن للكوارث الطبيعية أن تتسبب في صدمات عنيفة ومفاجئة للمعروض من النفط، فعلى سبيل المثال، عندما ضرب إعصار كاترينا جنوب الولايات المتحدة في عام 2005، أدى إلى توقف ما يقرب من 20% من إمدادات النفط الأمريكية، مما تسبب في قفزة سعرية بلغت حوالي 14 دولارًا للبرميل.

وتؤثر مثل هذه الكوارث على منصات الإنتاج البحرية والمصافي وخطوط الأنابيب، مما يخلق نقصاً فورياً في السوق يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.

العوامل الاقتصادية وتكاليف الإنتاج

تلعب مجموعة من العوامل الاقتصادية دورًا هامًا أيضًا، فمع نضوب حقول النفط الرخيصة في الاستخراج، يتجه الإنتاج نحو مصادر أكثر تكلفة، مثل النفط الصخري أو الرمال النفطية في كندا، مما يرفع من التكلفة الإجمالية للإنتاج ويضع حدًا أدنى للأسعار.

كما أن مستويات المخزون المنخفضة في المراكز الرئيسية مثل كوشينغ في الولايات المتحدة، تشير إلى شح في المعروض وتدعم ارتفاع أسعار النفط، وبالإضافة إلى ذلك، تميل أسعار الفائدة المنخفضة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وبالتالي زيادة الطلب على النفط.

المضاربات وتوقعات السوق

لا يتم تحديد أسعار النفط بناءً على الاستهلاك الفعلي فقط، بل تتأثر بشكل كبير بأسواق العقود الآجلة، حيث يراهن التجار على الأسعار المستقبلية.

وعندما تنتشر توقعات ارتفاع أسعار النفط بسبب أي من العوامل المذكورة سابقًا، يتسابق المضاربون لشراء العقود الآجلة، مما يرفع سعرها ويؤثر بدوره على السعر الفوري للنفط.

ويمكن لهذا العامل النفسي وتوقعات السوق أن يضخّما من موجات الصعود، مما يجعل ارتفاع أسعار النفط اليوم نتيجة للمراهنة على شح الإمدادات غدًا.

بالأرقام والصور – إنفوجرافيك: أسباب تراجع أسعار النفط

آثار ارتفاع أسعار النفط على الدول المستهلكة والمنتجة

لا شك أن لتقلبات أسعار النفط تداعيات متباينة على اقتصادات العالم، فبالنسبة للدول المستوردة للطاقة، تؤدي موجات الصعود إلى ما يمكن تسميته بآثار ارتفاع أسعار النفط على الدول المستهلكة، حيث ترتفع تكاليف الوقود والنقل، وتزيد تكاليف الإنتاج في المصانع، مما يؤدي إلى ضغوط تضخمية قد تجبر البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة، وهو ما قد يبطئ النمو الاقتصادي.

على الجانب الآخر، يمثل ارتفاع أسعار النفط في السعودية وبقية الدول المنتجة دفعة قوية لاقتصاداتها، إذ يؤدي إلى زيادة الإيرادات الحكومية بشكل كبير، مما يمكنها من تمويل المشاريع التنموية الضخمة، مثل تلك التي تندرج ضمن رؤية 2030 في المملكة، وتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي، وتقوية مراكزها المالية.

وفي الختام، فإن تفاعل هذه الأسباب الستة يجعل سوق النفط نظامًا شديد الحساسية، ويؤكد أن أي ارتفاع أسعار النفط هو نتيجة لتوازن دقيق قد يختل في أي لحظة.

لا تدع الأحداث تفوتك – موقع العلم الإخباري ينقل لك الصورة كاملة لحظة بلحظة.