الصباح العربي

مشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن.. أجندة إسرائيلية أمريكية لإعادة تشكيل المنطقة

الإثنين 28 يوليو 2025 11:46 صـ 2 صفر 1447 هـ
مشروع صفقة القرن
مشروع صفقة القرن

منذ أن تم غزو العراق في بداية القرن الواحد والعشرين، بدأ مشروع أمريكي صهيوني ينكشف بوضوح، وذلك المشروع الهدف منه إعادة تشكيل الشرق الأوسط بالكامل سواء جغرافياً وسياسياً وثقافياً، وعلى الرغم من الشعارات البراقة عن الحرية والديمقراطية، إلا أن جوهره كان دائماً تفكيك الدول وترسيخ الهيمنة، وفرض واقع جديد يعمل على وضع إسرائيل في مركز القوة في المنطقة.

صفقة القرن التي تم الكشف عنها من قبل الرئيس دونالد ترامب الأمريكي وصهره عام 2020، لم تكن مجرد خطة سلام فقط، بل كانت بمثابة محاولة من أجل فرض الاستسلام على الفلسطينيين، ومن أهم بنودها تصفية حق العودة وإلغاء القدس كعاصمة لفلسطين، وإقامة دولة فلسطينية مجزأة دون سيادة حقيقية، بجانب القيام بتوطين اللاجئين بصورة دائمة، وكل ذلك يتم تسويقه كسلام اقتصادي حيث يتم خلاله استبدال الحقوق التاريخية بالمساعدات والمشاريع الاستثمارية.

أما بالنسبة لمصطلح الشرق الأوسط الجديد، فهو ليس جديدًا، إذ ظهر في كتابات صهيونية وتبنته إدارة أمريكا بعد حرب العراق ليتحول إلى استراتيجية إقليمية، وتركز تلك الاستراتيجية على تقسيم البلاد الكبرى وإشغال الشعوب بحروب داخلية لا تنتهي، بجانب تهميش القضية الفلسطينية، ودمج إسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا، كما أن السيناريوهات التي نشهدها في بعض الدول مثل سوريا واليمن والسودان وليبيا ليست مصادفة، بل هي نتائج مباشرة لهذا المخطط الذي يسعى لكسر إرادة الشعوب من الداخل.

وعلى الرغم من الرفض العربي والفلسطيني الرسمي لصفقة القرن، إلا أن تنفيذها يسير بخطة سريعة على أرض الواقع، مع نقل السفارات إلى القدس، وتهجير الفلسطينيين من غزة، وشرعنة الاستيطان، وتسريع وتيرة التطبيع مع إسرائيل، كل هذا مؤشرات عليها.

صفقة القرن أو الشرق الأوسط ليست مجرد خطط سياسية، بل هي محاولة ممنهجة لإعادة تشكيل وعي الإنسان العربي، إنما تستهدف الذاكرة والانتماء والمقاومة والقيم، والهدف هو أن ننسى أو نُرهَق ونفقد الإيمان بالقضايا الكبرى مثل فلسطين.

ألا إن مقاومة ذلك المشروع ستبدأ من استعادة الوعي الجمعي والكرامة العربية بجانب الرفض الشعبي لكل محاولات فرض الواقع الجديد، حيث أن هذا الصراع لا يتم حسمه في دهاليز السياسة فقط، بل في قلوب الناس، في التعليم والإعلام وفي كل بيت مؤمن بأن القدس ليست للبيع وفلسطين ليست صفقة.