كم مرة أعلنت إسرائيل مقتل ابو عبيدة القسام؟ روايات كاذبة وصمت مُبرر من حماس

أعلن الجيش الإسرائيلي في الثلاثين من أغسطس الماضي تنفيذ عملية استهدفت المتحدث باسم كتائب القسام في قطاع غزة المعروف بـ"أبو عبيدة"، واصفًا المحاولة بأنها اغتيال مباشر، لكنه لم يؤكد نجاحها في حينه، بينما عاد وزير الجيش يسرائيل كاتس في اليوم التالي ليصرّح بأن "أبو عبيدة" قُتل خلال عملية مشتركة بين الجيش وجهاز الشاباك داخل مدينة غزة، وهو ما اعتبرته تل أبيب إنجازًا عسكريًا نوعيًا.
جاء الإعلان الإسرائيلي بعد يومين فقط من خطاب مسجل ظهر فيه أبو عبيدة وهو يتوعد باحتمال وقوع عمليات أسر جديدة لجنود إسرائيليين داخل القطاع، متهمًا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وطاقمه الوزاري بارتكاب جرائم حرب، ومع ذلك لم تُصدر حركة حماس حتى اللحظة بيانًا رسميًا ينفي أو يؤكد اغتياله، بينما لمح نتنياهو إلى أن غياب الرد من الحركة قد يكون مؤشرًا على فقدانها القدرة على إعلان الموقف.
ورغم توظيف إسرائيل للخبر في دعايتها السياسية والعسكرية، فإن صمت حماس ترك المشهد غامضًا، حيث رأى محللون أن الحركة تتعمد إبقاء حالة الترقب قائمة، بما يخدم معركتها النفسية ضد الجيش الإسرائيلي، خصوصًا أن تل أبيب سبق أن أعلنت اغتيال أبو عبيدة في ثلاث مناسبات سابقة قبل أن يظهر حيًا ليدحض تلك المزاعم.
وسائل إعلام إسرائيلية أكدت أن محاولة استهداف المتحدث باسم القسام ليست وليدة الحرب الجارية، بل تعود إلى سنوات سبقت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، موضحة أن أبو عبيدة شكل هدفًا استخباريًا معقدًا يصعب الوصول إليه، إذ نجا من عدة محاولات خلال الأعوام 2008 و2012 وعمليات لاحقة.
ويُعرف أبو عبيدة بأنه أحد أبرز القيادات الميدانية في كتائب القسام منذ عام 2002، وصعد اسمه بقوة عام 2004 عندما تولى منصب المتحدث الرسمي للجناح العسكري، وكان ظهوره الأول المثير للانتباه حين أعلن ملثمًا أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الحين ارتبطت صورته بالعمليات النوعية للحركة.
محاولات اغتياله تكررت مرارًا، كان أبرزها استهداف مبنى ضخم تواجد داخله بعد عملية أسر شاليط، إلا أنه خرج منها دون إصابة، كما فشلت المحاولات الأخيرة المعلنة مؤخرًا في القضاء عليه، لتبقى هويته الحقيقية مثار جدل، خاصة مع ما أورده المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بأن اسمه هو حذيفة الكحلوت، بينما لم تعقب حماس على تلك الادعاءات، واكتفت بالحفاظ على صورته كـ"الملثم" الذي تحول إلى أيقونة إعلامية وشعبية.
ويرى مراقبون أن رمزية أبو عبيدة تجاوزت كونه متحدثًا عسكريًا، إذ تحول إلى أداة رئيسية في الحرب النفسية لحماس، وصار رمزًا للمقاومة الفلسطينية في نظر قطاعات واسعة من الشارع العربي والإسلامي، وهو ما يفسر الاهتمام الكبير بإعلانات إسرائيل المتكررة حول اغتياله، رغم غياب أي تأكيد رسمي من الطرف الآخر حتى الآن.
ومع استمرار الحرب منذ السابع من أكتوبر وحتى نهاية أغسطس الماضي، والتي أودت بحياة نحو 63 ألف فلسطيني وأصابت ما يقارب 160 ألفًا وفق بيانات وزارة الصحة في غزة، يظل السؤال مطروحًا: هل ستخرج حماس لتعلن رسميًا فقدان أحد أبرز وجوهها الإعلامية، أم يظهر أبو عبيدة مجددًا لينفي مقتله كما حدث في المرات الثلاث السابقة؟