الصباح العربي

هل هناك فرق في التعافي بين الرجل والمرأة؟ دراسة تكشف قدرة الدماغ على إعادة بناء نفسه بعد الإصابات الرضية

السبت 20 ديسمبر 2025 04:50 مـ 29 جمادى آخر 1447 هـ
إشاعة رنين على الدماغ
إشاعة رنين على الدماغ

أظهرت دراسة علمية حديثة أن الدماغ يمتلك قدرة مدهشة على استعادة وظائفه بعد التعرض لإصابات قوية، من خلال اعتماد الخلايا العصبية التي لم تتضرر على آلية تعويضية تساعدها على إعادة بناء التواصل العصبي.

هذه العملية تسمح بعودة الإشارات العصبية للعمل تدريجيًا، حتى في الحالات التي يحدث فيها تلف واضح بالمسارات العصبية الأساسية.

وتشير النتائج إلى أن هذا التعافي لا يحدث بنفس الكفاءة لدى الجنسين، ما يفتح المجال لفهم أعمق لآليات الشفاء العصبي.

وبحسب ورقة بحثية نشرت في مجلة JNeurosci، أجرى فريق من جامعة جونز هوبكنز تجارب على الفئران لدراسة تأثير إصابات الدماغ الرضية على الجهاز البصري، الذي يعتمد على نقل الإشارات من خلايا العين إلى الدماغ لتمكين الرؤية.

وأوضحت الدراسة أن تعرض هذا الجهاز للتلف يؤدي إلى انقطاع التواصل العصبي، وهو ما ينعكس مباشرة على القدرة البصرية.

وخلال متابعة ما يحدث بعد الإصابة، لاحظ الباحثون أن التعافي لم يكن ناتج عن نمو واسع لخلايا عصبية جديدة، كما كان يعتقد سابقًا، بل عن تكيف الخلايا العصبية التي نجت من الإصابة.

فقد بدأت هذه الخلايا في تكوين فروع إضافية سمحت لها بالاتصال بعدد أكبر من الخلايا العصبية داخل الدماغ، وهي عملية تعرف بالتفرع العصبي.

وساهم هذا التفرع في تعويض الخلايا التالفة وإعادة بناء المسارات العصبية بين العين والدماغ تدريجيًا، إلى أن عاد عدد الاتصالات العصبية إلى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل الإصابة.

ولم يقتصر الأمر على إعادة التوصيل من الناحية الشكلية فقط، بل أظهرت قياسات نشاط الدماغ أن هذه المسارات الجديدة تعمل بكفاءة وتنقل الإشارات العصبية بشكل طبيعي.

وكشفت الدراسة عن فروق واضحة بين الذكور والإناث في سرعة وكفاءة التعافي، فقد أظهرت ذكور الفئران استجابة أسرع وأكثر اكتمال من خلال التفرع التعويضي، بينما كان تعافي إناث الفئران أبطأ، وفي بعض الحالات لم تعد الاتصالات العصبية إلى مستوياتها الطبيعية قبل الإصابة.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تسلط الضوء على وجود آليات تعافي مختلفة باختلاف الجنس، وهو ما يتماشى مع ملاحظات سريرية لدى البشر، حيث تعاني النساء غالبًا من أعراض أطول مدة بعد الارتجاج أو إصابات الدماغ مقارنة بالرجال.

ويرى الفريق البحثي أن فهم أسباب تأخر أو ضعف عملية التفرع العصبي لدى الإناث قد يساعد مستقبلاً في تطوير طرق علاجية أكثر فاعلية.

ويعتزم الباحثون مواصلة دراستهم للكشف عن العوامل البيولوجية التي تتحكم في هذه الفروق بين الجنسين، على أمل الوصول إلى استراتيجيات جديدة تعزز التعافي العصبي بعد إصابات الدماغ المختلفة، سواء كانت ناتجة عن ارتجاجات أو صدمات عصبية أخرى.