الصباح العربي

رحيل ابن الجبل.. من هو محمد بكري الذي أرعب إسرائيل بفنه؟

الخميس 25 ديسمبر 2025 01:02 مـ 5 رجب 1447 هـ
من هو محمد بكري الممثل الفلسطيني
من هو محمد بكري الممثل الفلسطيني

رحل الفنان الفلسطيني محمد بكري يوم أمس عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد صراع مع أمراض في القلب والرئتين، تاركاً وراءه مسيرة فنية طويلة حملت في طياتها صوت القضية الفلسطينية إلى العالم.

بدأ ظهوره الأول اللافت في السينما العالمية من خلال فيلم إخراج كوستا غافراس عام 1983، حيث أدى دور شاب يدافع عن حقه في أرضه المسلوبة، وتساعده محامية في سعيها لإنصافه رغم الضغوط المحيطة.

لفت أنظار الجمهور بملامحه الجذابة ونظرته الحادة التي تعكس إصراراً داخلياً، حتى في ظل الظروف القاسية التي يفرضها الاحتلال، مما جعله يبدو كرمز للصمود الهادئ الذي يحمل في طياته قوة هائلة.

أثار الفيلم جدلاً واسعاً في وقته، وواجه مخرجه ضغوطاً شديدة من جهات مؤثرة، لكنه ساهم في إيصال الرواية الفلسطينية إلى جمهور غربي واسع.

في التسعينيات، شارك في أعمال فلسطينية بارزة مثل فيلمين شاهدتهما في مهرجانات سينمائية، أحدهما يشبه قصص الأطفال الساحرة والآخر يدور حول شخصية متشردة في أجواء اتفاقيات السلام الجزئي.

جسد فيهما شخصيتين متباينتين تماماً، إحداهما أب يشارك في رحلة خيالية والأخرى رجل يعيش على هامش الأحداث السياسية الكبرى.

التقى به شخصياً في بداية الألفية الجديدة خلال فعالية ثقافية في باريس، حيث سار بخطى سريعة قوية جعلت الآخرين يلهثون وراءه، وعندما طلبوا منه التباطؤ ضحك وقال إنه اعتاد ذلك من أيام الجبل، وبقي هذا الانطباع عالقاً، فهو يجسد شموخ الجبال وعزتها مع لين الريف وكرمه.

كما أخرج فيلماً وثائقياً أولاً يوثق أحداث مخيم جنين، شارك في مهرجانات دولية لكنه واجه صعوبات في العرض المحلي بسبب إجراءات معقدة، حيث كان عملاً جريئاً خاصة من فنان يعمل داخل البيئة الإسرائيلية، مما أدى إلى ملاحقات قضائية ومنع من العمل، وصودر الفيلم بحكم نهائي، في حين أنه سجل جزءاً من هذه التجارب في عمل لاحق شبه سيرة ذاتية يعكس جوانب إنسانية عميقة.

ومع تطور السينما الفلسطينية في العقود الأخيرة، أدى أدواراً في أفلام متنوعة لمخرجين فلسطينيين، بالإضافة إلى مشاركات دولية وقصيرة وتلفزيونية، كذلك برز خصوصاً في المسرح، حيث قدم شخصية مستوحاة من رواية أدبية شهيرة لسنوات طويلة، وهي إنجاز يتمنى الكثيرون توثيقه بشكل أفضل.

هذا فضلا عن أنه حصد عشرات الجوائز من مهرجانات عربية وعالمية، مؤكداً موهبته الكبيرة، لكنه اختار البقاء ملتزماً بجذوره بدلاً من فرص أخرى قد تجلب شهرة أوسع، تتماهى مع شخصياته في أعماله الأخيرة، كأنها امتداد لحياته، وزرع حب الفن في أبنائه وفي جيل جديد من السينمائيين الفلسطينيين.