”الصباح العربي”ترصد تطورات الأزمة الليبية في ضوء مباحثات”جنيف”
تطورت أوضاع الأزمة الليبية بصورة كبيرة خاصة مع دخول جميع الأطراف في نزاع سياسي وعسكري غير واضح الأبعاد والمدى على الإطلاق ، الأمر الذي أثار حالة من القلق العربي والدولي علي حد سواء ، برغم تعهد جميع الأطراف الليبية بإنهاء تلك الأزمة التي تهدد استقرار البلاد.
جاء ذلك في ختام محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة الأمريكية تحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا "برناردينو ليون " الذي أكد أن انعقاد المباحثات تم في أجواء إيجابية عكست اتفاق الجميع علي إعلاء المصالح الوطنية الليبية العليا فوق المصالح الشخصية والحزبية .
وفي السياق ذاته ، توصل ممثل الأمم المتحدة خلال الاتفاق إلى تشكيل حكومة وفاق وطني ليبية خلال ثلاثة أسابيع ، ليكون السؤال العالق أمام الجميع في الوقت الحالي : هل يمكن لهذا الاتفاق أن يتجاوز كافة العراقيل التي تهدد بحل الأزمة الليبية أم لا ؟! خاصة بعد سيطرة تنظيم الدولة الإرهابية "داعش " على مدينة سرت وسط حالة من الغياب الكامل للجيش والشرطة ، لاسيما وأن ليبيا باتت تمثل ضغطا وخطراً كبيرا على المنطقة بأكملها منذ اللحظة الأولي التي قام خلالها المسلحون في ليبيا بمساندة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التي تنطلق من خلال الحدود الليبية إلى الدول والعربية الأوروبية التي تنزعج كثيراً من تلك الأوضاع غير المستقرة التي تهدد أثارها الاقتصاد والاستثمار في عدد من الدول التي شهدت عمليات تفجيرية خاصة في دول الخليج التي تولت عليها العمليات الإرهابية سواء في دولة الكويت أو المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين إضافة لتونس ومصر وسوريا التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية خاصة داعش التي أربكت الحسابات السياسية والعسكرية والأمنية للعالم .
في سبيل الخروج من عنق الزجاجة الليبية عقدت عدد كبير من الدول العديد من الاجتماعات التي تساهم في مساعدة السلطات الليبية والقوى الوطنية في تشكيل ما تسمي بـ"حكومة الوفاق الوطني "خلال الأيام القليلة المقبلة المتوقع لها أن تشهد انتهاء الحظر المفروض على الجيش الليبي باستيراد الأسلحة ، فضلا عن احتمالية التدخل العسكري والبري والجوي سواء من قبل الدول الأوروبية والعربية للإسراع في تسوية الأزمة الليبية تمهيداً للتوقيع على الاتفاقية بداية من شهر سبتمبر القادم .
في السياق ذاته ، قال الدكتور محمود جبريل رئيس الوزراء الليبي السابق ورئيس تحالف القوى الوطنية الليبية ، إن الوضع السياسي في ليبيا يعد في أصعب مراحله خاصة بعد أن تعددت المواجهات والعناصر في مشهد واحد ، مما أدي لتعقيد الأزمة الليبية ، لاسيما إضافة المزيد من العراقيل أمام سُبل الخروج من تلك الأزمة بطريقة صحيحة من شأنها إجهاض المخططات الخارجية والدولية التي تسعي منذ أعقاب 2011 لتقسيم دول المنطقة بما يخدم مخطط إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط من جديد ذلك المخطط الذي لم يهدأ بعد في ظل استمرار المشاريع الغربية في المنطقة والتي تقوم بتنفيذها التنظيمات الإرهابية خاصة تلك التي تنتمي لتيار الإسلام السياسي الذي يمثل أحد أهم العقبات الأمنية والسياسية ليس في ليبيا فحسب وإنما في المنطقة العربية.
وأشار رئيس مجلس الوزراء الليبي إلى أن الرئيس الراحل معمر القذافي ترك الدولة في حالة تصحر سياسي على مدار أكثر من أربعين عامًا ، برغم أنه ترك كميات وفيرة من الموارد النفطية ؛ إلا أنها لم تسخر لتنمية المواطن الليبي الذي عانى حرمانًا حقيقيًا وقمعًا سياسيًا مستمرا حتى اللحظة التالية التي يسيطر خلالها حالة من الضبابية على المشهد داخل المدن الليبية .
وطالب مستشار لجنة الحوار بالبرلمان الشرعي الدكتور عبدالله عثامنة ، الجامعة العربية بضرورة التحرك في اتجاه واحد وحاسم من اجل حسم الأزمة الليبية بصورة نهائية ، موضحاً أن سيطرة الجامعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية على العديد من المدن في ليبيا من شأنه تهديد الأمن القومي الذي يستدعي تضافر الجهود العربية تحديداً مثل مهام اللجنة الخماسية التي تضم كل من دولة جمهورية مصر لعربية ، ودولة الإمارات المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وليبيا) ، مؤكداً أن الاستمرار في بناء القوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب ، وتقديم الدعم المناسب للقيادة العسكرية والسياسية الشرعية لليبيا وإظهار الدور الإيجابي للجيش في مكافحة الإرهاب وإعادة الاستقرار بالبلاد ، وكذلك التوظيف الكامل للمساحة الإعلامية بكافة الوسائل لتوضيح خطر تنظيم الدولة الإسلامية داعش علي مؤسسات الدولة ، وإقامة الحوار الوطني الليبي تحت إشراف الجامعة العربية .
وبدورها ، أوضحت مدير مركز البحوث العربية والإفريقية الدكتورة شهيدة الباز ، أن غياب دور الدول الأقطاب في شمال إفريقيا أدي لتفاقم الأزمة الليبية ، بجانب ترك المجال أمام الدول الصغيرة والناشئة مثل قطر وتركيا في تصدر المشهد السياسي الذي يشهد علي إراقة دماء المئات من الشعب الليبي المندي والأعزل على أيدي الميلشيات المسلحة التي تعمل علي تدمير ليبيا سياسياً وامنياً ، ومن ثم تحديد شمال إفريقيا المتوقع له خلال الفترة المقبلة أن يشهد حالة من الشد والجذب الخطيرة .














