الصباح العربي
الأحد، 28 أبريل 2024 09:58 مـ
الصباح العربي

فن وثقافة

باحث عماني يحصل على درجة الدكتوراة في تطور العلاقات العمانية المصرية

الصباح العربي

حصل الباحث والدبلوماسي العماني سالم بن سيف الحربي على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية عن موضوع (تطور العلاقات العمانية المصرية 1970 ـ 2011 بين الاستمرارية والتغير وتأثيرها على قضايا الأمن الإقليمي)، وذلك من جامعة بور سعيد، كلية التجارة قسم العلوم السياسية والإدارة العامة، تحت إشراف الأستاذ الدكتور جمال زهران أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بالكلية، والدكتور أحمد محمد العايدي مدرس العلوم السياسية بالكلية.

 وأكد الباحث العماني في دراسته على تميز العلاقات العمانية ـ المصرية، ولازالت، بالخصوصية القائمة على الاحترام والتقدير المتبادل بين البلدين، وذلك على مدار فترة الدراسة خاصة (1970 ـ 2011 م)، وعامة خلال عموم العلاقات بين البلدين .
 وقد انطلقت الدراسة من مقدمات لهذه العلاقات ذات الخصوصية بين البلدين، وسعت للإجابة على العديد من التساؤلات.
 أشار الباحث إلى أن الدراسة انطلقت من البحث عن إجابة لإشكالية البحث وهو طبيعة العلاقات العربية ـ العربية، وموقع العلاقات العمانية ـ المصرية  كحالة لهذه العلاقات في إطار المعطيات الإقليمية والدولية التي شهدتها الساحة العربية خلال العقود الأربعة الأخيرة، وكيف تبلورت هذه العلاقات الثنائية في شكل قضايا بين البلدين ألقت بظلالها وتأثيراتها على الأمن الإقليمي، ومن ثم البحث في السبل والوسائل التي من شأنها الارتقاء بتلك العلاقات نحو الآفاق وإضاءة الطريق لتوسيع نطاق التفاعل بينهما من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والعمل على صيانة ودعم العمل العربي المشترك.
وأشار إلى أن السؤال الرئيسي هو: ما هي طبيعة العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية خلال فترة الدراسة ؟ وكيف أثر ذلك في صياغة المواقف المشتركة من قضايا استراتيجية ومحورية بينهما؟ وما هو المدى الذي يمكن أن تلقي به تطورات العلاقة بظلالها على الأمن الإقليمي في شقيه العربي العام والخليجي الفرعي سلبًا أو إيجابًا؟
ولفت إلى أن الدراسة طرحت عدة تساؤلات فرعية، تبلورت في خمسة تساؤلات هي:ـ
1. ما هو المنحى الذي اتخذه مسار العلاقات العمانية ـ المصرية خلال فترة الدراسة، وموقع تلك العلاقات من المسار العام للعلاقات العربية ـ العربية بشقيها الصراعي والتعاوني؟
2.   إلى أي مدى يمكن أن يلعب متغير القيادة والنسق العقيدي لها، دوره في عملية صنع قرار السياسة الخارجية؟
3. إلى أي تلعب المحددات الإقليمية والدولية دورًا في التأثير على مسار العلاقات العمانية ـ المصرية، في إطار التأثيرات البيئية المحيطة ؟
4. إلى أي مدى تؤدي القضايا والتوجهات الخارجية إلى التوافق بين البلدين في الإطارين الإقليمي والدولي، خاصة ما يتعلق منها بمسار الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية وقضايا الأمن في منطقة الخليج العربي والأوضاع في العراق، ووضع إيران وإصرارها على امتلاك القوة النووية في المنطقة؟
5. ما هي أسس رسم صورة لمستقبل العلاقات العمانية ـ المصرية في ضوء المعطيات الراهنة والتحولات التي تشهدها الساحة العربية في ظل اندلاع الثورات العربية وما ترتب عليها من تغييرات وردود أفعال إقليمية ودولية؟
وأشار إلى أنه للوصول إلى إجابات على ذلك التساؤل الرئيسي، وتلك التساؤلات الفرعية، فقد اتبع في دراسته إطارًا منهاجيًا تركز على منهج تحليل النظم، ورائده (ديفيد إيستون) كمنهاجية أساسية في التحليل، باعتباره أكثر المناهج ملاءمة لتحليل موضوع هذه الدراسة والتمكن من الوصول إلى فهم طبيعة وتطور العلاقات العمانية ـ المصرية.
ولذلك تم تقسيم الدراسة إلى بابين رئيسيين، خصص الباب الأول لصياغة وبلورة الإطار النظري للدراسة وتحليل بيئة العلاقات العمانية ـ المصرية، ويشمل فصلين:
الأول، يتعلق بالإطار النظري للدراسة والثاني، يتعلق ببيئة العلاقات العمانية ـ المصرية (الداخلية والإقليمية والدولية) كما خصص الباب الثاني، لتحليل العلاقات العمانية المصرية، وذلك في ثلاثة فصول، الأول لتحليل تطور العلاقات في إطارها الثنائي، الثاني لتحليل قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية، وموقف الدولتين منها ومدى تلاقيهما أو تباعدهما، والثالث، خصص لتحليل قضايا الأمن في منطقة الخليج العربي ومدى التوافق والتنسيق بين الدولتين إزائها.
وأوضح في هذا السياق إلى أن الدراسة من خلال تقسيمها إلى بابين، وخمسة فصول، و (14) مبحثا، استطاعت أن تصل إلى عمق هذه العلاقة وتطورها، والإجابة على التساؤلات الرئيسية منها والفرعية، ومحاولة استشراف مستقبل هذه العلاقات الثنائية في إطارها الأشمل العلاقات العربية ـ العربية، وفي ضوء التحولات الراهنة وتأثيراتها المستقبلية.
وأضاف أن هذه الدراسة استطاعت صياغة إطار نظري واضح قائم على فكرة الترابط بين الأمن القطري لكل دولة عربية، وبين الأمن القومي العربي، على خلفية أن الأخطار التي تهدد الأقطار العربية واحدة، ولأن مستقبلها أو مصيرها واحد، ولأن الأمن القومي العربي يستمد قوته وأهميته من صفته القومية، باعتباره كل لا يتجزأ.
وذكر أنه انطلاقا من هذا الترابط بين الأمن القومي القطري والأمن القومي العربي، فإن تبني والتزام الدراسة بمنهج التحليل النسقي لـ(ديفيد إيستون)، الذي يعتمد على منظومة المدخلات والمخرجات، باعتبار أن أية مخرجات وهي المتعلقة بالقرارات والسياسات، هي نتاج مدخلات معينة انبثقت من بيئة موضوعية داخليا وإقليميا ودوليا، وهو الأمر الذي ساعد على التحليل الموضوعي لتطور العلاقات بين دولتي سلطنة عمان وجمهورية مصر العربية.
وقال أن الدراسة خصصت الفصل الثاني من الباب الأول لتحليل بيئة العلاقات العمانية ـ المصرية، سواء على المستوى الداخلي بشرح الخصائص القومية للدولة، والبيئة النفسية لصانع القرار، وعلى المستوى الخارجي بشرح البيئة الإقليمية والبيئية الدولية لهذه العلاقات العمانية ـ المصرية. وذلك انطلاقا من ذلك الترابط بين البيئة الشاملة المحيطة بصانعي القرارات في البلدين (عمان ـ مصر)، وبين تطور العلاقات الشاملة بينهما.
 فقد كشفت الدراسة على أن ذات المدخلات التي كانت بمثابة البيئة الداخلية والإقليمية والدولية تواجه سلطنة عمان، هي ذات المدخلات والبيئة التي كانت تعيشها جمهورية مصر العربية، انطلاقا من الإدراك المشترك بينهما لذلك الترابط بين الأمن القطري والأمن القومي العربي، مما ساعد على تقارب بل وتوحيد المواقف بين الدولتين خلال فترة الدراسة، إزاء كافة القضايا محل الدراسة وهو ما تكشف عنه الدراسة في الباب الثاني.
حيث خلصت الدراسة في هذا الباب إلى أن العلاقات العمانية المصرية، ليست بالعلاقات الحديثة ولكنها ضاربة في التاريخ القديم إلى ما قبل 3500 سنة، الأمر الذي أدى إلى إنتاج تشابكات تجارية واقتصادية واسعة، تطورت مع الوقت وبعد قيام سلطنة عمان الحديثة، إلى إنتاج أهداف سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية واسعة، ومن ثم فإن تلاقي الأفكار والمواقف بين الدولتين تجاه قضايا المنطقة لم يأت من فراغ، بل كان للتاريخ والجغرافيا الأثر الكبير في بلورة مواقف مشتركة بين الدولتين. ولذلك تم تناول تطور العلاقات العمانية المصرية في ثلاث مراحل هي (1970 ـ 1980)، (1981 ـ 2000)، (2001 ـ 2011)، وهو مجرد تقسيم زمني وإجرائي في ضوء المحطات الهامة في تطور هذه العلاقات. وقد خلصت الدراسة في هذا الجزء إلى عمق العلاقات في كافة المجالات بين البلدين، وكان ذلك دافعا إلى التنسيق في المجالات السياسية والاستراتيجية والأمنية.
وقد حللت الدراسة أيضا في إطار الباب الثاني، مواقف الدولتين من قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، ابتداءً من اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام، ثم مسارات التسوية، ثم وصول حماس للسلطة في غزة والتطورات التي لحقت بالقضية الفلسطينية، وذلك في سياق فترة الدراسة (1970 ـ 2011)، وقد خلصت مواقف الدولتين إلى التوافق إلى حد التطابق.
 وفي هذا الإطار يقول الباحث والدبلوماسي العماني أيضًا أنه يكفي الإشارة إلى أن سلطنة عمان هي الدولة العربية الوحيدة التي وقفت بجانب مصر في أعقاب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس عام 1977، وما ترتب على ذلك من توقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التي نجم عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر، بينما سلطنة عمان ببصيرتها وعمق العلاقات مع مصر، كانت هي الدولة التي لم تتخلى عن مصر بغض النظر عما حدث، لمكانة مصر الرفيعة وحسن تقديرها للأمور شعبا وقيادة.
وتابع قائلا: لقد تحملت في المقابل سلطنة عمان ضغوطا لا حصر لها سواء من دول الخليج العربي أو من العديد من الدول العربية الأخرى، جراء هذا الموقف المتفرد.
كما حللت الدراسة أيضا في إطار الباب الثاني، مواقف الدولتين في قضايا الأمن في منطقة الخليج العربي، ابتداء من الثورة الإيرانية وأزمة الخليج الأولى المتمثلة في الحرب العراقية الإيرانية، ثم أزمة الخليج الثانية عندما غزا العراق دولة الكويت (90/1991) وما ترتب على ذلك من تدخل دولي لتحرير الكويت، ثم أزمة الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وأخيرًا الملف النووي الإيراني وما لحقه من تطورات في المنطقة لا زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.
 وقال أنه قد تأكدت أيضا مواقف الدولتين المشتركة في هذه الأزمات في سياق عمق العلاقات بين الدولتين والبعد التاريخي لها من جانب، ومن جانب أخر تلك الرؤية المشتركة لكلتا الدولتين في علاقة الأمن القطري بالأمن القومي العربي وتداخلهما وترابطهما، وأنهما ذات علاقة عضوية بحيث يصعب فصل أحدهما عن الأخر. ولذلك جاءت المواقف متقاربة إلى حد التطابق، ومشتركة دون خلافات.
وأوضح أنه على مدار الدراسة في الجزء النظري والجزء التطبيقي، استطاعت الدراسة أن تجيب على التساؤلات الرئيسية والفرعية، ليتأكد أن العلاقات بين الدولتين (عمان، ومصر) قد شهدت تطورات هامة للأمام، وكان نصيب درجة الاستمرارية غالبا إلى حد كبير، بينما نسبة التغير ـ وليس التغيير ـ كان محدودا، أكدته مواقف الدولتين المشتركة في القضايا محل الدراسة، وهما القضيتان الرئيسيتان في النظام الإقليمي العربي (قضية الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وقضية الأمن في الخليج العربي وما يواجهها من تحديات جسيمة)، ومن ثم فقد كان للتطور الذي شهدته العلاقات بين الدولتين، والتي اتسمت بالإيجابية، الأثر الفعال على تغليب الاستمرارية على التغيير، والتأثير الإيجابي على صياغة وبلورة مواقف مشتركة من قضايا الأمن الإقليمي كما أوضحته صفحات الدراسة.
وأضاف الباحث العماني أنه يهدي هذا البحث لباني نهضة عمان الحديثة، صاحب الفكر والرؤية الحكيمة الذي غرس بذور السلام والمحبة والوئام، في علاقاته السياسية القطرية والإقليمية والدولية، منذ توليه زمام القيادة لهذا البلد العريق الضارب في جذوره في عمق التاريخ، حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ حفظه الله ورعاه، والذي أهلنا أن نقتبس منه الحكمة والرأي الرشيد من خلال إدارة جلالته للأمور مع الدول الشقيقة والصديقة.
سائلا المولى أن تكون هذه الدراسة لبنة إضافية من لبنات الدراسات التي سبقتها في مجال العلوم السياسية.
 وتقدم بالشكر لسعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي سفير سلطنة عمان في مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية بالقاهرة، وزملائه أعضاء السفارة والملحقية الثقافية العمانية لتقديمهم له الدعم المعنوي الذي كان له الأثر الإيجابي في تسهيل الصعوبات التي واجهته خلال فترة الدراسة.
 

العمانية علاقات صمر الدكتوراة

فن وثقافة

click here click here click here altreeq altreeq