الجمعة 13 يونيو 2025 06:50 صـ 16 ذو الحجة 1446 هـ
×

في ذكرى مولده.. يوسف وهبي صاحب النهاية المكتوبة

الخميس 17 يوليو 2014 05:33 مـ 19 رمضان 1435 هـ

"يندر أن أهنأ بسبات عميق ، فذكريات الماضي يحلو لها أن تهاجمني في الليل البهيم ، وشريطه السينمائي يعرض في أعماقي طوال الليالي ،كثيراً ما أمسكت القلم وأنا معتزم أن أكشف عن ماضي،عشرات السنين بين مد وجزر في قصور فاخرة ، وفي غرفة على السطح يشاركني فيها الدجاج ، دوامة لا تهدأ فقر وغنى ، شظف وترف ، ظلام وبهرة أضواء ،قامرت ،وربحت، وخسرت، انتصرت وانهزمت ،ولكنني لم أسلم سلاحي ولم أخضع للأقدار "بهذة الكلمات كتب "يوسف بك وهبي"  في مذكراته  "عشت ألف عام "يصف فيها ما مربه من مواقف وتجارب في حياته .
وفي ذكري ميلاده ترصد "الصباح العربي" أغرب المواقف التي مرت بعميد المسرح العربي "يوسف بك وهبي"
بداية
ولد الفنان يوسف وهبي بمدينة الفيوم في 17 يوليو 1900،نشأ في أسرة غنية حيث كان والده يعمل مفتشا للري.
شغف بالفن لأول مرة في حياته عندما شاهد مسرحية " عطيل" بأداء فرقة الفنان اللبناني سليم قرداحي ،وذلك حين عرضتها الفرقة في سوهاج ،بدأ هوايته بإلقاء المنولوجات وأداء التمثيليات في النادي الأهلي والمدرسة،مارس المصارعة فترة من عمره.
سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى بإغراء من صديقه القديم" محمد كريم"،وفي ايطاليا تتلمذ على يد الممثل الايطالي "كيانتوني" احد كبار المسرح الايطالي،وعاد الى بلاده عام 1921 بعد وفاة والده.
كون فرقة رمسيس بالتعاون مع عدد من فناني فترته وقدم المئات من المسرحيات والأفلام السينمائية.
من أهم مسرحياته: الموت المدني، راسبوتين، ابن الفلاح، بنت مدارس، اولاد الشوارع، ناكر ونكير، وبيومي أفندي. من أهم أفلامه "بنت ذوات، جوهرة، سيف الجلاد، ابن الحداد، غرام وانتقام، سفير جهنم، وملاك الرحمة".
مواقف غريبة في حياة يوسف وهبي  
إيمانه بالأرواح
كان يوسف وهبي يؤمن بالأرواح ورسائل العالم الآخر، وكان يحضرجلسات تحضير الأرواح، حتي إنه وافق ذات يوم علي إجراء عملية جراحية "روحانية" للقولون دون استخدام أدوات طبية أو جراحية، ثم خرج بعدها ليؤكد أنه أصبح تام الشفاء، وحينما مرضت خطيبة عبدالحليم حافظ وكان مرضا ميئوس منه وفشل الأطباء في الخارج في علاجها  أخذها يوسف وهبي أخذها وأمها وحليم بسيارة خاصة في رحلة طويلة الي الطبيب الروحاني.
وإيمانه بالأرواح جعله يردد -وفقا لكتاب دكتور لوتس عبد الكريم  "يوسف وهبي..السيرة الأخري لعميد المسرح -بأن روح الفنانة الراحلة "أسمهان" قد أتته قبل عرض فيلم "غرام وانتقام" -الذي شاركت في بطولته، لكنها لقيت مصرعها في حادث سيارة قبل الانتهاء منه- لتقول له «مبروك»، ليفاجأ في اليوم التالي بالملك فاروق يمنحه لقب الباكوية داخل أول عرض للفيلم في سينما ريفولي.
الجنية التي سرقت القش
في إحدى المرات ذهب مع فرقته ليعرض احدى مسرحياته خارج القاهرة في نواحي دمنهور بوسط الدلتا وفكر في بناء مسرح من القش فنزل الى احدى القرى واشترى من الفلاحين كمية كبيرة من القش وصنع بها مسرحا عرض عليه مسرحية اولاد الذوات وشاهدها كل اهالي القرى وهم يقفون على ارجلهم، وكان يوسف وهبي يتجه مع الفرقة يوميا الى استراحة خصصتها لهم المحافظة ثم في اليوم التالي يعود للقرية التي عرض فيها فيكتشف ان القش غير موجود، وعندما سأل عن سر اختفائه قيل له أنها الجنية التي تخرج ليلا من الترعة قد سرقت كل القش .
وتكررت الحكاية حتى وقف يوسف وهبي على خشبة المسرح «القش» ذات ليلة واخذ يصرخ وصوته يتردد صداه عليك اللعنة أيتها الجنية الغبية اخرجي لي لو تمتلكين شجاعة المواجهة وهنا صمت الناس كأن على رؤوسهم الطير عندما ارتجل أحد الممثلين صوتا من خلف الكواليس قائلا أنا الجنية انا ما سرقتش حاجة الحرامي موجود بين الناس ولازم يطلع والا هأذيه
والمدهش أن أحد اللصوص خرج من بين الناس ليطلب من يوسف بك وهبي الصفح والعفو لأنه يسرق القش ليلا ليبيعه له نهارا، وهنا دعا يوسف وهبي ممثل فرقته الذي ادى صوت الجنية ليؤكد للناس انه ليس هناك جنية على الإطلاق.
تجسيد النبي في فيلم تركي
في عام  1926حاول الفنان يوسف وهبي أن يجسد شخصية الرسول (صلي الله عليه وسلم ) من خلال فيلم بالتعاون مع المخرج التركي دواد عرفي..وفتح هذا المشروع النيران عليه ..واجه كثير من الانتقادات من قبل علماء الأزهر ورجال الدين الذين رفضوا تجسيد صورة الأنبياء والصالحين ،لدرجة أن الملك فؤاد هدده بسحب الجنسية المصرية منه.
حاول "وهبي" الخروج من هذا المأزق الذي أضر به وبأعماله وإنتاجه السنيمائي لفترة طويلة، حيث كادت هذه المشكلة ان تقضي علي تاريخه الفني ..وأخذ يبرر ويعدد الأسباب التي جعلته يقدم علي هذه الفكرة ، مشيراً إلى أنه كان يريد من خلال تقديم هذا الفيلم بكل صدق وشفافية ان يظهر للغرب الدين الاسلامي في صورته الصحيحة .
النهاية  في كتاب  
في يوماً ما، جلس وهبي لقراءة كتاب، ووردت في الكتاب قصة شاب سقط أثناء دخوله الحمام، وتهشمت جمجمته، وبعد قليل ترك وهبي الكتاب، وقام ليلحق بميعاد كان ارتبط به،  وأثناء إسراعه سقط من على سلم منزله، فكسر مفصل ساقه، وعندما فشلت عملية المسمار البلاتيني التي أُجريت له في مصر أصيب بالشلل، ومن هنا كانت النهاية.
سافر بعد هذا الحادث إلى لندن لاستكمال علاجه، وكان ذلك عام 1962، وعاد بعدها ليعيش أيام صعبة تخللها الجحود ونكران الجميل من تلاميذه وزملائه، باستثناء عدد قليل جداً ممن كانوا يحرصوا على الاطمئنان عليه أبرزهم؛ أمينة رزق و عمر الحريري.
 لازمه المرض  حتى أن الإذاعة بثت خبر وفاته أكثر من مرة قبل حدوثه، وهو ما أزعجه كثيراً، وأصابه باكتئاب شديد، ثم أُصيب باختناق في الحلق، ووافته المنية في مستشفى  المقاولين عام 1982 عن عمر يناهز 84 عاما.