أصدر النائب العام بياناً الأربعاء الماضي، سجل فيه ما لاحظته النيابة العامة من محاولة قوى الشر المساس بأمن وسلامة الوطن ببث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعى ، وكلف السادة المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة، كلا فى دائرة اختصاصه، بالاستمرار فى متابعة تلك الوسائل والمواقع ، وضبط ما يبث منها ويصدر عنها عمداً من أخبار وبيانات أو شائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب فى نفوس أفراد المجتمع.

أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة، واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات جنائية، كما طالب الجهات المسئولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، انطلاقاً من التزامها المهنى ودورها الوطني، إخطار النيابة العامة بكل ما يمثل خروجاً عن مواثيق الإعلام والنشر . وعقب نشر هذا البيان ، تساءل البعض عن السر وراء إعلان هذا البيان فى هذا التوقيت بالذات، وعن تأثير ذلك على حرية الرأى والتعبير والنقد ، بحسبانها من الحريات والحقوق الدستورية فى البلاد، وعما إذا كان من شأن ذلك المساس بها ، وسرعان ما تتبدد هذه التساؤلات أو الشكوك، سواء كانت قد أثيرت بحسن نية أو بغيرها، إذا ما تبين أن هذا البيان الصادر من النائب العام، قد وجهه إلى وكلائه فى أنحاء مصر من المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة، بتنفيذ أحكام القانون، باعتبار أن النيابة العامة، هى الأمينة على الدعوى العمومية. وأنها وحدها التى تختص برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ، ولهذا كان البيان موجها إلى وكلائه بتطبيق أحكام القانون ، ضد كل من يرتكب الفعل ، من قوى الشر أو غيرها ، دون توقف على تقديم شكوى أو ورود تحريات من الأجهزة المعنية، وهو ما يدخل فى صميم عمل النيابة العامة وحدها. كذلك كان فضل هذا البيان، أنه تضمن إعلاماً للرأى العام بأن النيابة العامة لن تقف متفرجة أمام ما يقع من جرائم ضد أمن وسلامة الوطن عند بث ونشر الأكاذيب والأخبار غير الحقيقية ، من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وأنه سيتم تتبعها وضبطها، واتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، حتى يكون الجميع على بينة من الأمر وقبل اتخاذ أى إجراءات ، كذلك فإن بيان النائب العام إحاطة وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي، بالبعد عن بث الأخبار الكاذبة أو الشائعات المغرضة التى من شأنها أن تكدر الأمن العام، أو تلقى الرعب فى نفوس أفراد المجتمع، أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة ، لأن هذا الفعل يعد جريمة فى القانون، وهى إحاطة توجه الى رجال الإعلام والصحافة أيضاً باتخاذ واجبات الحذر ومراعاة الالتزام بمواثيق الشرف المهنية وإعمال الرقابة الذاتية والتدقيق قبل إذاعة الخبر أو تداوله، سواء فى وسائل الإعلام المختلفة أو مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكد من صحته وتدقيقه لأنهم جميعاً مسئولون. كذلك طالب النائب العام فى بيانه الهيئات المسئولة عن الإعلام والتواصل الاجتماعى انطلاقاً من التزامها المهني، بإخطار النائب العام بكل ما يمثل خروجاً على مواثيق الإعلام والنشر، وهو تكليف بما هم مكلفون به أصلاً وفقاً لمسئولياتهم المهنية والوطنية.

ويظل بيان النائب العام فيما أعلنه ، فى مواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة ، بعيداً عن دائرة حرية التعبير والنقد والرأي، لأن الحرية لا تعنى إذاعة الأخبار الكاذبة أو الشائعات والتى يجب أن تكون دوماً صادقة وموثقة ولا تحتمل شكاً، لأن كلمة شائعة لغة، كما ورد فى القواميس والمعاجم، هى الخبر الكذوب وغير الموثوق فيه بل وغير المؤكد وغير المتثبت منه، ولا أساس له من الصحة وغير ثابت ويتناقله الناس ، فما بالنا إذا أحدث ذلك الخبر الكاذب والشائعات تكديراً للأمن العام أو إلقاء الرعب فى نفوس أفراد المجتمع أو إثارة الفزع بين المواطنين أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، لأن ذلك كله ليس من حرية الرأى فى شئ، ولا يعد من النقد أو صور التعبير، وهو فعل لا يجوز السكوت عنه.. أو الانتظار لتقديم بلاغ بشأنه أو ورود تحريات ، وكنت قد كتبت فى هذا المكان عن توقع انتشار الشائعات فى هذا الوقت بالذات والتزام الدولة دستورياً بتوفير الحياة الآمنة والحفاظ على الأمن القومى للبلاد ، وأن نصوص القانون التى تعبر عن الديمقراطية بنصوص ناعمة، فإنها أيضاً تعبر عن مواجهة الشائعات والفتن بأنياب القانون، وعلى النيابة العامة أن تتصدى لذلك بحكم مسئولياتها كأمينة على الدعوى العمومية، وأنها وحدها المختصة بإقامة الدعوى الجنائية، وهو عين ما تضمنه بيان النائب العام فى مواجهة حرب الشائعات ضد كائناً من كان !

نقلا عن صحيفة الأهرام