الصباح العربي
الخميس، 2 مايو 2024 11:23 مـ
الصباح العربي

مقالات ورأى

لواء . محمد عبد المقصود يكتب: المجلس الوطنى الفلسطينى بين الواقع .. والمأمول

الصباح العربي

دعت القيادة الفلسطينية مختلف القوى والفصائل المشاركة فى منظمة التحرير لعقد اجتماع المجلس الوطنى (يمثل الهيئة التشريعية العليا للشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة وفى الشتات) بمدينة رام الله اليوم لمناقشة تطورات الوضع الفلسطينى الذى يمر بمرحلة دقيقة وحساسة فى ظل التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية وإستمرار حالة الانقسام التى أضعفت الحركة الوطنية وإطارها منظمة التحرير، حيث يسعى هذا الاجتماع لاختيار هيئات قيادية جديدة وإقرار برنامج سياسى ونضالى يتوافق ومتطلبات المرحلة التى تستهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967 وحل قضية اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وذلك بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على آخر جلسة للمجلس الوطنى بقطاع غزة عام 1996، ووفاة أكثر من ثمانين من أعضائه، ولتصل الأمور حد فقدان النصاب فى لجنتها التنفيذية إذا ماتغيب عضو عن الحضور، فى حين رفضت حركتا حماس والجهاد الإسلامى والجبهتان الشعبية والديمقراطية المشاركة فى إجتماع المجلس دون توافق وطنى.

تتصرف قيادات حركتى فتح وحماس المتنازعتان فيما بينهما على كل شيء للحفاظ على المصالح الحزبية والتنظيمية الضيقة، وتجسيد نفوذهما فى الضفة والقطاع، وبما أدى إلى ترسيخ الانقسام الذى وجه ضربة قاصمة للوحدة الوطنية الفلسطينية، ولوحدة الشعب الفلسطينى نفسه، وأضر بمصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم أصبحنا أمام حالة استقطاب جغرافى وسياسى يُنذر بتهديد حقيقى لمنظمة التحرير كممثل وعنوان وحيد للشعب الفلسطيني، وحتى لاتكون الدورة دورة تكريس الانقسام وامتداده لمنظمة التحرير ذاتها فإن المأمول أن تستنهض منظمة التحرير نفسها وتصلب مواقفها حتى تقطع الطريق على المخططات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا كان يستدعى من الجميع حضور المجلس الوطنى دون وضع أية شروط لمشاركة ممثلى الفصائل فى الخارج الذين يمكنهم المشاركة من خلال دائرة الربط التلفزيونى (الفيديو كونفرنس) من إحدى العواصم العربية القريبة. ورغم امتلاك القيادة الفلسطينية سلاحاً قوياً يتمثل بعدالة قضيتها الوطنية، معبراً عنها بقرارات الأمم المتحدة، وهى جميعها منصفة لصالح فلسطين بدءاً من قرار التقسيم 181، وقرار حق عودة اللاجئين 194، وحل الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515، ورفض الاستيطان 2234، وقرارات اليونسكو وغيرها، وكلها تؤكد على شرعية المطالب الفلسطينية وعدالة مضامينها، إلا أن معطيات الأوضاع الراهنة تؤكد أن العدالة وحدها لا تكفى لنيل الحقوق واستعادة الممتلكات والوطن المغتصب، فهذا يحتاج لنضال متعدد الأشكال والأدوات، وعلينا أن ننظر الى هذه الأدوات على أنها ليست مبادئ، فالكفاح المسلح، والانتفاضة الشعبية، والمفاوضات، كلها أشكال وأدوات نضالية تستهدف استعادة الحرية وتحقيق الاستقلال، ومن ثم فإن الدعوة إلى تبنى المقاومة الشعبية السلمية، لا تنبع فقط من إيماننا المطلق بهذا الطريق، ولا بجدواه وملاءمته للظرف الفلسطيني، ولا بسبب الإستخدام المفرط للقوة المسلحة من جانب إسرائيل للقضاء على أشكال النضال الفلسطينى، حيث أسفرت المواجهات بين الجيش الاسرائيلى والمتظاهرين بقطاع غزة خلال الشهر الحالى عن استشهاد خمسين فلسطينياً وإصابة أكثر من ستة آلاف من سكان القطاع، ولكن أيضا لأن المقاومة الشعبية السلمية لا تحتاج إلى ميزانيات وتمويل كبير، وتعتمد على الشعب وبالتالى تعزز من قدرة القوى والفصائل الفلسطينية فى الاعتماد على الذات، والحفاظ على القرار الوطنى المستقل. وبالنظر إلى إستمرار تمسك القيادة الفلسطينية بنهج التسوية السياسية وخيار حل الدولتين من خلال الشرعية الدولية والمفاوضات، فهى تسعى للحفاظ على منظمة التحرير كمرجعية لها لمواجهة التحديات وخصوصاً صفقة القرن، كما أن الرئيس الفلسطينى يدرك أن حركة حماس ما زالت مشروعاً إسلامياً ترتبط بمرجعيتها الإخوانية أكثر من ارتباطها بالوطنية الفلسطينية وتوظف ورقة منظمة التحرير كنوع من المناكفة السياسية، على أمل دخول المنظمة لاكتساب شرعية أوسع من شرعية المجلس التشريعى ومن الشرعية الدينية التى انكشفت ولم تعد مقنعة داخلياً أو دولياً ، ودون أن تحسم حماس موقفها نهائياً تجاه الانحياز للوحدة الوطنية الفلسطينية، كما أن الهجوم على القيادة الفلسطينية لأنها تريد عقد دورة للمجلس الوطنى فى الضفة الغربية لا يخلو من مبالغة والأطراف المعارضة تعلم جيدا بأن الظروف غير ناضجة للدخول فى حوار جاد لمؤتمر وطنى توحيدى قبل تفعيل وتنشيط وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير القديمة، وبالتالى ضرورة التركيز على الهدف من انعقاد المجلس فى هذا التوقيت ونوعية الشخصيات الجديدة المرشحة لتولى مواقع قيادية والبرنامج السياسى والقرارات التى سيتمخض عنها المؤتمر ومدى إمكانية تنفيذها.

ان انعقاد المجلس الوطنى الفلسطينى يشكل خطوة صحيحة للخروج من سياسة الجمود والتصدى الفعلى والفورى للمشاريع الأمريكية والصهيونية التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة وتثبيت القدس كعاصمة موحدة ودائمة لإسرائيل، ونحن نتطلع الى خروج المجلس الوطنى باستراتيجية وطنية، وفق برنامج نضالى ملتزم بالثوابت الوطنية لمواجهة كل التحديات والمؤامرات التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى وحقوقه الوطنية، وانتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واستعادة دورها النضالى كحركة تحرر وطني، وكإطار للوحدة الوطنية، لمواجهة المخاطر التى تستهدف الحقوق الوطنية الفلسطينية فى الحرية والعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، مما يستدعى من الانتقال بالعملية من المستوى الفصائلى الضيق إلى المستوى الوطنى الشامل، الأمر الذى يتطلب إعادة التوازن فى العلاقة بين مؤسسات السلطة الفلسطينية، وبين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتنظيم العلاقات الداخلية على أسس إئتلافية تشاركية تستبعد سياسة التفرد بالقرار، وتعزيز الثقة والتفاعل واستنهاض عناصر القوة الجماهيرية وباقى عناصر القوة الفلسطينية، وبما يتيح لمؤسسات السلطة الفلسطينية إدارة ذاتية محدودة الصلاحيات تحت سقف الاحتلال، لإدارة الحياة اليومية للمجتمع الفلسطينى فى المناطق المحتلة، ومنح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية حرية اتخاذ القرار الوطنى الفلسطينى، دون التأثر بتداعيات السياسات والإجراءات الإسرائيلية بالمناطق المحتلة.

نقلا عن صحيفة الأهرام

لواء . محمد عبد المقصود يكتب المجلس الوطنى الفلسطينى الواقع المأمول

مقالات ورأى

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq