الصباح العربي
الجمعة، 26 أبريل 2024 11:22 مـ
الصباح العربي

دين وحياة

وزير الأوقاف في الحلقة الرابعة من ”الأسماء الحسنى” عن اسم الله الرزاق: لا تجزع ولا تيأس ولا تقنط فالرَّزَّاق موجود وخزائنه ملأى لا تنفد أبدًا

الصباح العربي

في إطار دور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد، وفي الحلقة الرابعة من برنامج: "الأسماء الحسنى" للأستاذ الدكتور/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، تحدث وزير الأوقاف عن اسم الله (عز وجل) الرزَّاق، حيث يقول الحق سبحانه: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ"، فالحق سبحانه وتعالى لم يقل (الرازق) فقط، وإنما قال (الرَّزَّاق) بصيغة المبالغة من الرِّزق، وليس هذا فحسب بل "ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ"، أي: القادر الناجز الأمر، أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، فإذا أراد أن يعطيك فلن تستطيع الدنيا بكل ما فيها أن تمنع شيئًا ماديًّا أو معنويًّا أراد الله أن يعطيك إياه.

مؤكدًا أن الرِّزق ليس مالًا فقط، الرزق أوسع من أن يكون مالًا ففي الحديث عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) قال: كنت خلف النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال لي: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف، فما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ورزقك سوف يأتيك، يقول الحق سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ"، ومن غيره يبلغ الأمر، " قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"، ويقول سبحانه: "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"، ليسوق إليها رزقها أينما كانت، وهو الذي يرزق السمك في الماء وبعض الحشرات في قاع الأرض والذر أي: النملة في جوف الأرض، وهو الذي يسوق الرزق إلى الضعيف الذي لا حيلة له كما يسوقه إلى الساعي القوي، يقول الشافعي:

لَو كانَ بِالحِيَلِ الغِنى لَوَجَدتَني

بِنُجومِ أَقطارِ السَماءِ تَعَلُّقي

لَكِنَّ مَن رُزِقَ الحِجا حُرِمَ الغِنى

ضِدّانِ مُفتَرِقانِ أَيَّ تَفَرُّقِ

وَمِنَ الدَليلِ عَلى القَضاءِ وَحُكمِهِ

بُؤسُ اللَبيبِ وَطيبُ عَيشِ الأَحمَقِ

قد تجد زكيا لبيبا مضيقا عليه في المال وتجد إنسانا غير ذلك وعنده سعة.

ويقول الشاعر:

ولَوْ كانَتِ الأرزَاقُ تَجْري على الحِجَا

هلكْنَ إذَنْ مِنْ جَهْلِهنَّ البَهَائِمُ

لكنه يرزق البهيمة والحشرات والإنسان والحيوان يقول سبحانه: "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"، ويقول سبحانه: "وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا" أي لا تستطيع السعي ولا جلب الرزق "اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" في هذه الآية حكمة وعبرة وعظة كبيرة وكأنه سبحانه يقول لنا لا تخافوا والرزاق موجود، وكأين من دابة لا تستطيع أن تسعى ولا حتى أن تحمل قوتها "اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ" أي طمأنة بعد هذا؟ "وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" عليم بأحوالكم، خرج أحد التجار يومًا فألجأه الحر إلى بستان فوجد طائرًا كسيرًا جريحًا لا يستطيع أن يسعى، فقال يا سبحان الله كيف يعيش هذا الطائر؟ ومن أين يأتيه قوته؟ فإذا بطائر آخر يأتيه بطعامه ويضع الطعام والقوت بين يدي هذا الطائر الكسير الجريح فيقول يا سبحان الله! الله يرزق هذا الطائر وأنا لا أطمئن!؟ لكنه حسب حسابه حسابًا خاطئا عاد ولم يكمل تجارته فقال له صاحبه لماذا عدت؟ فحكى له ما كان، فقال له يا هذا لماذا رضيت أنت أن تكون الطائر الكسير الجريح ولم تسعى لأن تكون التاجر القوي الذي يعمل ويطعم الجريح الكسير، اليد العليا خير من اليد السفلى، لكن أي طمأنينة للبشر جميعًا بل للخلق جميعًا جاءت في هذه الآية: "وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا" أي لا تستطيع لضعفها وكسرها "اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"، فالرزاق هو الله يسوق الرزق للضعيف الذي لا حيلة له كما يسوقه إلى القوي المتين، يقول الإمام ابن كثير (رحمه الله) فالدابة التي لا تطيق جمع الرزق ولا تحصيله ولا تدخر شيئا لغدٍ الله يرزقها ويقيض لكل مخلوق ما يصلحه حتى إلى النمل في جوف الأرض والطير في الهواء والحيتان في الماء فهو رزق مضمون لا يقطعه عجز ولا يجلبه مخلوق فلا ينقطع الرزق إلا بانقطاع العمر:

يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ

لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ الرازق اللهُ

وما دمت تؤمن بالله وأنه الرزاق ذو القوة المتين فلا تجزع ولا تيأس ولا تقنط، فما كان لك فسوف يأتيك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، فخزائن الله ملأى لا تنفد أبدًا فعليك باللجوء إليه والتضرع إليه وحسن التوكل عليه وقل يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين فإن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إن لله (عز وجل) ملكا موكلا بمن يقول يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين، يقول فإذا قال العبد: يا أرحم الراحمين ثلاثا، قال الملك الموكل: إن أرحم الراحمين أقبل عليك فسل".

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن توسع أرزاقنا وأن توسع رزق مصر وأهلها بكرمك، وأن تجعله رزقًا واسعًا بفضلك وكرمك في البر والبحر في السهل والجبل، يا أرحم الراحمين ولا تحوجنا لسواك وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وزير الأوقاف في الحلقة الرابعة من الأسماء الحسنى عن اسم الله الرزاق: لا تجزع ولا تيأس ولا تقنط فالرَّزَّاق موجود وخزائنه ملأى لا تنفد أبدًا

دين وحياة

click here click here click here altreeq altreeq