الصباح العربي
الجمعة، 19 أبريل 2024 08:15 صـ
الصباح العربي

تحقيقات وتقارير

الزواج السياحي في مدن محافظة الجيزة ..... بين تجارة البشر والدعارة المقننة

الصباح العربي

على الرغم من أن الفترة التي أعقبت ثورة ٢٥ يناير، أوقفت العديد من أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، فإنها شهدت رواجا غير معلن لما يسمى «زواج الصفقة»، وهو عقد زواج عرفي مؤقت يقبل عليه أثرياء مسنون من دول الخليج في زياراتهم لمصر، وضحاياه من الفتيات صغيرات السن، خصوصا في محافظة الجيزة التي يشتهر عدد من قراها بتزويج بناتهن لأثرياء عرب مقابل مبالغ كبيرة.

زواج المصريات من أشقاء عرب أمر محتمل الحدوث ولا ضرر منه،لكن عندما يتحول الزواج إلي صفقة تباع فيها بناتنا المصريات تحت مسمي"الزواج السياحي" ،هنا لابد من وقفة قويه لأننا بهذا نحن نكون بصدد العودة إلي أسواق النخاسة.

فالإحصائيات والإخبار المتداولة تنذر بخطر قادم ،فمع تزايد نسب الفقر والجهل أصبح كل شيء يباع ويشتري بما في ذلك كرامة الإنسان والتي أصبحت السلعة الأرخص ثمنا ،أما الزواج الذي سمي بالزواج السياحي ،أو زواج الصفقة يحمل بين طياته أشد المؤشرات خطورة علي المجتمع المصري ،فهناك العصور التي شهدت واد البنات كما أن هناك أزمنة باع فيها الأبوين أبنائهم لأسباب اقتصادية قاسية ،كما أن هناك من باع كرامته رغم  انفه ،ومن خلال المسمي بالزواج السياحي نشاهد كل هذا في ورقة توقع بين ولي أمر ووكيل البنت المتزوجة في مناطق معينه داخل مصر .

هذا كله يتم علي بعد خطوات من القاهرة العاصمة ،حيث قامة الباحثة"عزة الجزار"مع فريق من الباحثين المساعدين له بعمل دراسة خاصة من داخل مدينة"الحوامدية" ،هي بالتأكيد ليست الدراسة الأولي من نوعها التي تتحدث عن زواج الأثرياء العرب من بنات الحوامدية ،وأوضحت الدراسة أن السعوديين والكويتيين والإماراتيين هم أكثر العرب إقبالا على الزواج من مصريات، كما ركزت الدراسة على أوضاع مراكز البدرشين والحوامدية وأبوالنمرس بمحافظة الجيزة.

وأشارت إلى أن قرية «منى الأمير» بمركز الحوامدية سجلت أعلى نسبة لزواج الفتيات من غير المصريين، إذ وصلت إلى ١٤.٩%، تليها قرية العزيزية بمركز البدرشين بنسبة ١٠% ثم أبولاشين ٨% والسهران ٧% وهما تابعتان لمركز الحوامدية.

تقول الدراسة التي أجريت فى الفترة بين أبريل ويوليو٢٠١١ إن الأثرياء العرب الذين تزوجوا مصريات ريفيات لا تقل أعمارهم عن ٥٠ سنة، ويركزون على الفتيات اللواتي يتمتعن بالجمال وصغر السن وامتلاء الجسم والشعر الطويل، وفى المقابل فإنه يمنح أهلها مهراً كبيراً وشبكة ذهبية غالية، وأحيانا شقة تكتب باسم الزوجة ومؤخر صداق كبيراً عند الطلاق، وتتراوح مدة الزواج بين أسبوع وشهر.

يذكر أن الظاهرة قديمة ،لكنها أول دراسة متخصصة تكشف وترصد هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة عن قرب.

كما أنها هي الأولي لان الباحثة"عزة الجزار"قامت بها ولم تعتمد علي تقارير أمنية أو منظمات المجتمع المدني بينما قامة الباحثة وفريق عملها  بالذهاب إلي هناك وعاشت بين أبناء المدينة ستة شهور كاملة حني توصلت إلي هذه النتائج الخطيرة التي أوردتها في دراستها.

وهي الأولي أيضا لان الباحثة التقت بكل أطراف هذه الجريمة بدءاً بالفتيات الصغيرات ومرورا بأسرهن والوسطاء.

وما يذيد من خطورة هذا الزواج  هو أن 38٪ من الفتيات لا يزيد أعمارهن علي 16 عاما ومعظمهن أيضا تلميذات بالمرحلة الابتدائية ،كما تقول الباحثة"عزة الجزار".

وتخللت الدراسة اعترافات مثيرة حيث قالت "ع.عبدالسلام" كنت ذي أي بنت صغيرة تذهب إلي مدرستها في الصباح وتلعب مع زميلتها في الشارع لكن في يوم عند عودتي إلي البيت ،فوجئت بأبي يقول لي استعدي عشان أنتي هتتجوزي اليومين دول! كان عمري وقتها 14سنة وسمعت من أمي أن فيه واحد خليجي تقدم للزواج مني وان هذا الرجل غني وسوف يعطيهم أموالا كثيرة مقابل الزواج مني وعندما أبديت خوفي من الزواج قام أخي بضربي وقال لي أنتي بنت ومصيرك الجواز في النهاية وأخبرتني أمي بأن عمر هذا الزواج لن يطول وفي كل الأحوال فان هذا الرجل اشترط ألا أنجب.

وتقول الفتاة المسكينة ماكنتش اعرف يعني إيه زواج ولا شكله بيكون عامل أزاي ولما سألت صديقاتي قلن لي بكرة تدخلي دنيا وتشوفي يعني إيه جواز.

المهم تزوجت بعد أيام قليلة.. وقبض أبي وشقيقي الثمن "أربعون ألف جنيه" وكان هذا الرجل يكبرني بحوالي 30 عاما وكان دائما يطلب مني طلبات غريبة وأنا معه وكنت بخاف دائما منه بسبب طلباته هذه كما انه كان يعاملني بقسوة وعنف وعندما كنت ارفض أن استجيب لطلباته يتصل بشقيقي الذي كان يأتي علي الفور ويضربني ولا يتركني حتى افقد الوعي ويتركني مع زوجي منهكة القوي .

وتختتم الفتاة الصغيرة كلامها بان استمر زواجي هذا ثلاثة أشهر كاملة وبصراحة كان الراجل ده بيديني فلوس كتير حوالي ثلاثة ألف جنيه كل شهر وكمان كان بيشتري لي ذهب ومجوهرات لكنه طلقني فجأة مثلما ظهر فجأة والشيء الوحيد الذي يسعدني هو أنتي لم أنجب منه ،باعوني بالرخيص!

في حين قالت"أ.م" عمري الآن 18 سنة من أسرة بسيطة الحال وكنت من ضمن البنات اللاتي تزوجن من أجانب وأنا صغيرة فأهلي زوجوني وأنا مازلت في الخامسة عشر من العمر فضلوا زواجي علي تعليمي وقال لي أبي أن زوجي سيجعلني أعيش في الجنة رغم أنه لم يقبض ثمن بيعي له سوي سبعة آلاف جنيه فقط بينما هناك فتيات تقبض ثمنا أكثر يعني باختصار اتبعت بتراب الفلوس

المثير أن نفس الفتاة أبدت موافقتها علي الزواج مرة ثانية وثالثة لكي تحصل علي مبلغ أكبر وهي في النهاية مطلقة وأم لطفل لم يكمل عامان من عمره أما الأب فقد رحل منذ زمن ولا تعلم عنه شيئا.

وحول أسباب اختيار الباحثة"عزة الجزار"لمدينة الحوامدية لتكون هي واجهتها وأختيارها لتكون مركز بحثها ،حيث قالت الباحثة اخترت منطقة الحوامدية بالذات لأنها الأشهر من بين المدن التي يأتي إليها الأثرياء العرب وكلهم من كبار السن لكي يتزوجن من صغيرات عمليات بيع وشراء بهدف الحصول علي المال وخلال فترة عملي في مدينة الحوامدية تمكنت من لقاء حوالي 200 فتاة مما وقعن ضحايا لتلك الزيجات كما التقيت بالكثير من أسرهن وكذلك السماسرة الذين احترفوا تسويق تلك الفتيات وأخيرا التقيت ببعض الأزواج الذي يفضلون الزواج من هذه المدينة بسبب جمال بناتها .

وتقول"عزة الجزار" أن المؤلم في الأمر أن هؤلاء السماسرة هم في الأصل يعملون سائقي سيارات أجرة ويصطادون الأثرياء العرب العواجيز من المطار وفي الطريق يعرضون عليهم الزواج من بنات صغيرات أثناء فترة إقامتهم في مصر ثم يطلقونها في النهاية ، والغريب أن مدينة الحوامدية تحولت إلي جزء من الخليج بسبب الملابس والمكياج التي تضعه الفتاة هناك فالسمسار يتفق مع كوافير لتحويل الفتاة المصرية إلي خليجية وحتى تكون علي ذوق الزوج الجديد أما إذا تقدم زوج مصري إلي فتاة من الحوامدية فنري المغالاة بشكل كبير في المهور وعلي الشاب المصري ان يوفر شقة تمليك وان يكتب لعروسه قائمة ومؤخراً كبيراً يضمن لها الحياة السعيدة في حال انفصالهما هذه الشروط لا تطبق علي الاثرياء العرب  لان هذا العريس يشتري ابنته بمقابل المال.

وللأسف ينتج عن هذه الزيجات الكثير من المشاكل فأصبحنا نري جيلا من الفتيات مطلقات أعمارهن لا تتجاوز الـ18 سنة ومعظمهن أمهات ينجبن أطفالا مجهولين النسب  بعد أن قام بعض أزواجهن بتمزيق ورقة الزواج العرفي.

المؤلم أن بعض هؤلاء الأزواج يحملون أمراضا مثل أمراض الكبد الوبائي وطبيعي أن تنتقل هذه الأمراض إلي زوجاتهم  صغيرات السن .

والدراسة تكشف إلي إن الفقر يمثل نسبة80٪ لقبول هذا الزواج و 5٪ بدافع الرغبة في الثراء السريع ونسبة 7٪ لا تكون لديهم دراية بمخاطر هذا الزواج 6٪ يقبلون الزواج بدفع الاعتياد علي الأمر وتقليدهم للعديد ممن سبقوهم بزواج بناتهم من أجانب و 2٪ يريدون الدخل السريع وتوفير حياة كريمة لهم ولأسرهم .

وأشارت الباحثة في دراستها إلي أن السماسرة لهم وسطاء في الخارج يكونون علي اتصال معهم وانتظار الزوج الثري في المطار  بعد أن يكون هذا السمسار قد اعد العروس التي يتراوح عمرها بين 14و16 سنة.

وفي النهاية وبعد الاطلاع علي الدراسة وإجراء لقاءات مع اثنين ممن سبق لهم تجربة هذا الزواج ومناقشة رئيسة الفريق البحثي القائم علي هذه الدراسة نكتشف أن هذا النوع من الزواج ما هو إلا عودة لزمان الجواري ،كما يولد بداخلنا سؤال استنكاري حول كيف يسمح أب لنفسه أن يبيع ابنته بهذه الطريقة المهيني لها وله هو أيضا ،كما نتساءل إلي متى سوف يظل غياب دور الدولة علي ما يحدث هناك.

 

تحقيقات وتقارير

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq