الأحد 15 يونيو 2025 07:30 مـ 18 ذو الحجة 1446 هـ
×

خبراء : المقاتلة ”سوخوي24 ” الروسية تهدد باندلاع الحرب الاقتصادية علي تركيا

السبت 28 نوفمبر 2015 05:10 مـ 15 صفر 1437 هـ

تباينت ردود أفعال خبراء الاقتصاد في مصر حول مصير العلاقات الروسية - التركية التي تتعرض لحالة من الشد والجذب خلال الفترة الراهنة بعد إسقاط المقاتلة الروسية التي تم استهدافها علي أيدي عناصر القوات الجوية التركية.

هذا وقد أكد الخبراء أن إسقاط المقاتلات الروسية أن يسبّب أزمة سياسية واقتصادية بين البلدين ، خاصة بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، أن القيادة في تركيا تجر العلاقات بين البلدين إلى طريق مسدود ، فضلا عن توجه رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيدف حكومته باتخاذ إجراءات ضد تركيا جعلت الأجواء تبدو متوترة على الصعيد الدولي بين البلدين .

في الوقت ذاته ، بدأت روسيا في الرد علي تركيا من خلال إشعال الحرب الاقتصادية غير المعلنة ، وذلك بمقاطعة البضائع التركية وقطع الرحلات السياحية عقاباً على حادثة إسقاط المقاتلة الروسية "سوخوي 24" ، مما أسفرت عن استعداد السلطات الروسية لتوجيه ردود "قاسية " ضد تركيا في الفترة القليلة المقبلة ، لاسيما بعد تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، بأن الضربة التي تم توجيهها للمقاتلة الروسية تأتي في إطار دفاعها عن الحدود الأمنية لها ، الأمر الذي أدي للتصعيد الروسي من لهجة الغضب والتوعد بالرد القاسي والذي بدأ باصطفاف شاحنات البضائع التركية على المنافذ الحدودية البحرية والبرية، وفي مخازن الجمارك. وفرض الحكومة الروسية للحظر على المنتجات الزراعية والمواد الغذائية التركية، وتنظيم عمليات فحص إضافية على الحدود وفي مراكز إنتاجها في تركيا.

الطموح التركي في روسيا

كشفت هيئة الجمارك الفيديرالية الروسية ، أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وتركيا وصلت نحو 31 بليون دولار العام الماضي ، ويرتفع إلى 44 بليوناً في حال إضافة حجم تبادل الخدمات، ما يشكل 4.6 في المائة من قيمة تجارة روسيا الخارجية ، كما أن قيمة الصادرات الروسية إلى تركيا وصلت إلى 15 بليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وتحتل تركيا المركز الخامس بين شركاء روسيا الاقتصاديين عالمياً، وتتقدم على جمهوريتي بيلاروسيا وكازاخستان شريكتي روسيا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

في السياق ذاته ، كشف رئيسا البلدين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان خلال زيارة الأخير لموسكو، عن مخططات طموحة لرفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 بليون دولار عام 2023 ،  وذلك من خلال تنامي العلاقات بين البلدين ، وعدم انضمام تركيا إلى شركائها الغربيين في فرض عقوبات على روسيا ، ولكن بدا العلاقات تأخذ منحني متغير خلال الفترة الأخيرة تحديداً عقب استهداف القوات التركية للمقاتلة الروسية .

وفي وقت تشكل فيه الخامات والغاز الجزء الأكبر من الصادرات الروسية، تتنوع الصادرات التركية بين المواد الغذائية والزراعية، وتصل إلى مواد البناء مروراً بالألبسة الجاهزة والأقمشة. وغطت المنتجات التركية حيزاً كبيراً من النقص الحاصل في روسيا، نتيجة قرار موسكو منع استيراد المواد من البلدان الغربية التي فرضت عقوبات عليها بسبب الأزمة الأوكرانية.

الاستثمارات المشتركة

المصارف الروسية تستحوذ علي نصيب الأسد من اهتمامات تركيا التي تعتبرها سوقاً مهمة لاستحوذ أكبر مصرف روسي «سبيربانك» عام 2012 على 90 في المائة من مصرف «دينيزبانك» التركي بصفقة قُدرت بنحو 3.5 بليون دولار. إضافة لاستحواذ محرك البحث الروسي «ياندكس» علي نحو 7 في المئة من السوق التركية في مجال البحث في الانترنت. وفي مجال الاتصالات تعمل مجموعة «ألفا غروب» الروسية. ودخل البليونير الروسي أوليغ ديرباسكا إلى السوق التركية نهاية العام الماضي، وبدأ إنشاء مصنع للشاحنات الروسية «غازيل» بطاقة 9 آلاف شاحنة سنوياً. وتنشط مجموعة «ماغنيتاغورسك» الروسية للتعدين في تركيا، وافتتحت مصنعاً بقيمة بليوني دولار عام 2011. وفي المقابل، تعمل 140 شركة تركية في روسيا، في مجالات البناء والاستيراد والمواد الغذائية.

كما تهيمن الطاقة على علاقات البلدين الاقتصادية، إذ تُعدّ تركيا الثانية في حجم استيراد الغاز الروسي بعد ألمانيا. صدرت «غازبروم» 27.3 بليون متر مكعب من الغاز إلى السوق التركية العام الماضي. وتغطي صادرات الغاز الروسية 60 في المئة من حاجات تركيا في هذا المجال، عبر خط السيل الأزرق في قاع البحر الأسود ومن طريق أوكرانيا.

مجال الكهرباء

كشفت إحصاءات هيئة الجمارك الروسية أن «غازبروم» صدرت أنابيب ومعدات لنقل الغاز إلى تركيا بقيمة ستة بلايين دولار منذ بداية العام الحالي ، وأن شركة «لوك أويل» الروسية تستأثر بنحو 7 في المئة من سوق محطات الوقود في تركيا ، وتدير شركة روسية محطة ضخمة لتوليد الكهرباء باستخدام الغاز في تركيا. ولا يقتصر التعاون على مجالي الغاز والنفط، إذ وقعت «أتوم ستروي إيكسبورت» المسؤولة عن مشاريع الطاقة النووية الروسية في الخارج عام 2012، عقداً لبناء محطة نووية لتوليد الكهرباء في تركيا بقيمة 20 بليون دولار. وتتكون من أربعة مفاعل بطاقة تصل إلى 1200 ميغاواط. واتفق الجانبان التركي والروسي على بدء العمل في الوحدة الأولى عام 2022.

السياحة

اصدر وزير الخارجية سيرغي لافروف قراراً بتعليق الرحلات الروسية لتركيا علي غرار القرار الذي صدر من قبل بشأن تعليق السياحة مع مصر عقب سقوط الطائرة الروسية في سيناء ومصرع عدد من المواطنين الروس ، لذلك أعلنت كبرى الشركات الروسية وشركات النقل مثل «ترانس آرو» التي كانت حتى وقت غير بعيد منافسة للشركة الحكومية «آروفلوت» ، حيث أعلنت شركة «نتاليا تورز» السياحية الروسية ، وقف بيع تذاكر الرحلات السياحية إلى تركيا. وفي حال التزام الروس عدم الذهاب إلى تركيا، سيتلقى قطاعها السياحي ضربة قوية. إذ زار تركيا 4.5 مليون روسي العام الماضي للسياحة.

واضح أن التأثيرات السلبية لإعلان روسيا الحرب الاقتصادية على تركيا لن تقتصر على طرف واحد في حال اللجوء إلى مزيد من التصعيد، لأن البداية موجعة بالنسبة إلى تركيا.

وكشفت مصادر صحفية أن الحكومة الروسية تدرس إلغاء مشاريع كبرى من المشاريع التجارية التي تم التعاقد عليها مع تركيا خلال العامين المقبلين ، حيث تقدّر قيمة العقود التجارية الموقعة بين البلدين حتى نهاية العام الماضي 2014، بحوالي 44 مليار دولار ، ضمن العلاقات الاقتصادية  الواسعة بين البلدين التي تحقق أرباحا واسعة للبلدين ، لاسيما وأن العائدات السياحية الروسية لتركيا بلغت خلال الربع الأول من العام 2015 نحو 4.9 مليارات دولار، وذلك حسب الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية. ووصل عدد المواطنين الروس الذين قصدوا تركيا بهدف السياحة في عام 2014 نحو 4.38 ملايين شخص، وذلك من أصل 42 مليون سائح، أدخلوا ما يقارب 36 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي .

ويذكر أن العلاقات الاقتصادية لتركيا مع روسيا تضم مصالح كبيرة حيث تحصل تركيا علي 55% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا ، حيث تحتاج تركيا سنويا 50 مليار متر مكعب من الغاز، 26 مليار متر مكعب من روسيا، حيث يستخدم 48% من الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء، كما يستخدم في الأغراض البيئية والصناعية.