مات ساجدًا في بيتٍ بناه لوجه الله.. قصة أبو بكر قطقوطي الذي ودّع الحياة ببني سويف

في مساء هادئ من مساءات شهر يوليو، وفي لحظة روحانية خالصة، خُتمت حياة رجل بأعظم خاتمة يمكن أن يتمناها إنسان.. ساجدًا بين يدي الله داخل بيت من بيوت الله الذي أحبّه وعمّره بيده.
هذا ليس مشهدًا من عمل درامي ولا قصة متخيلة، بل حقيقة حدثت في قرية "أبو خلاد" التابعة لمركز ناصر شمال محافظة بني سويف، وكان بطلها الحاج أبو بكر سيد قطقوطي.
رجل بسيط، لم يكن مشهورًا إلا بين أهله وجيرانه، لكنه كان غنيًا في القلوب، بحسن أخلاقه ومواقفه النبيلة.
عُرف بين أبناء قريته بوجهه البشوش ولسانه الطيب، ولم يبخل يومًا بخدمة أحد أو بمساعدة محتاج. لكن أعظم ما قدّمه قبل رحيله، كان تبرعه بقطعة أرض من ماله الخاص لبناء مسجد يخدم أهالي قريته.
وما أعظمها من نهاية.. أن يُقبض روحك وأنت ساجد في بيت من بيوت الله، بل في المسجد الذي شاركت في بنائه. كانت صلاة المغرب هي اللقاء الأخير، حين سجد الحاج أبو بكر ولم يرفع رأسه بعدها. لحظة أبكت كل من حضرها، وتركت أثرًا لن يُمحى من قلوب أهل قريته.
في اليوم التالي، خرجت القرية عن بكرة أبيها في مشهد وداع مهيب، حيث شارك المئات من الرجال والنساء في تشييع جثمانه، وسط دموع الفقد ودعوات الرحمة. ولم تكن الجنازة مجرد طقس وداع، بل كانت شهادة حب ووفاء لرجل عاش كريمًا ومات طاهرًا.
رحل أبو بكر قطقوطي، لكنه ترك وراءه مسجدًا وعطرًا من الذكرى الطيبة، وسيرة يُقال فيها: هنا مرّ رجل من أهل الجنة.