جلال دويدار يكتب: هل ينهي التشريع الجديد فوضي الانحطاط الإعلامي؟!

من قراءتي للمعلومات التي سمحت بنشرها واذاعتها لجنة الاعلام بالبرلمان برئاسة الزميل أسامة هيكل وبالاضافة إلي ما سبق أن كتبته .. فإنني لا أجد في مشروع القانون الجديد لتنظيم الصحافة ما يمكن أن يتعارض مع الاركان الاساسية لممارسة الصحافة والاعلام لدورهما علي الوجه الصحيح بما يخدم الصالح الوطني والمهني. في هذا الاطار فإنه لا يمكن لأحد أن ينكر علي ضوء ما هو سائد حاليا علي الساحة الصحفية والاعلامية من فوضي وتسيب وانحطاط مهني وأخلاقي وغياب للموضوعية.. وما تعرض من انفلات وتصاعد في أعقاب ثورة ٢٥ يناير. في هذا الشأن فقد كان هناك العديد من المظاهر من وجهة نظري.. تعتمد علي خبرة سنوات طويلة من ممارستي المهنية والتدرج في وظائفها ومسئولياتها من ادناها إلي أعلاها . انها تتركز فيما يلي:
> اختفاء الانتماء لمعظم العاملين في الصحف علي ضوء عدم وجود سياسة واستراتيجية واضحة لتوجهاتها الي جانب تقاعسها في تطبيق قوانين العمل..
> تعدد الصحف الخاصة والاستعانة بجهود الصحفيين العاملين في الصحف القومية بشكل أساسي بالقطعة وهو ما أدي إلي ظهور مهنة »الأرزقية» في الصحافة الذين لا تحكمهم أي قيم مهنية أو أخلاقية.. يضاف الي ذلك عدم تقيد الصحف الخاصة بمتطلبات الحفاظ علي المهنة من خلال اصدار خطابات لاكتساب عضوية النقابة بهدف الاستفادة من الدعم الحكومي.
> عدم تفعيل القواعد القانونية التي تمنع الجمع بين عملين صحفيين متعارضين في جهتين مختلفتين بطريقة غير مشروعة دون الخضوع للمحاسبة.
> بدء تسلل رءوس الأموال إلي الصحافة والاعلام مما ترتب عليه بطريقة أو أخري الجنوح للدفاع عن مصالح فئوية قد تتعارض مع الصالح العام والصالح الوطني.
> عدم الموافقة علي اخضاع الصحفي أو الاعلامي للمحاسبة القانونية التي تقضي بالحبس.. فإنه لابد أن يقابله في نفس الوقت محاسبة رادعة غير سالبة للحريات تمنع ارتكاب جرائم ضد »حرمة» أفراد المجتمع أو الاخلال بأمن الدولة.
> ضرورة حصول البراعم الجديدة المنضمة لاسرة الصحافة والاعلام علي دورات تدريبية تقوم بها المؤسسات الصحفية واللجنة الوطنية للصحافة والاعلام لا تسمح لهم بممارسة المهنة دون الحصول عليها.
> اتخاذ اجراءات حاسمة ورادعة لمنع الدخلاء علي المهنة وأن تخضع لها المؤسسات الصحفية والاعلامية.
> لا مانع من امكانية أن يمارس الصحفي نشاطه في أي جهاز اعلامي آخر بشرط خضوع ذلك للقيود القانونية التي تقضي بطلب اجازة بدون مرتب من عمله الاصلي للتفرغ حتي لا يؤثر ذلك علي الوضعية المهنية والاقتصادية للمؤسسة التي يعمل بها ويتقاضي منها مرتبا شهريا ويخضعها لاعباء التأمين عليه ماديا وصحيا.
عدم السماح بصرف بدل اعباء المهنة الذي ـ لا مثيل له في أي دولة بالعالم ـ إلا لكل من يحمل عضوية نقابة الصحفيين ويمارس عملا صحفيا حقيقيا في إحدي المؤسسات الصحفية المصرح لها قانونا عن طريق اللجنة الوطنية وان يكون له رقم تأميني علي اساس انه ليس من المعقول أن تدعم الدولة دخلاء وعاملين في صحف لا تصدر بطرق قانونية.
> لابد من قوانين حاكمة تحتم علي المؤسسات الصحفية والاعلامية توفير الدخل المناسب للصحفي لدعم حريته وحمايته من أي أنحراف .. وأن تكون المناصب القيادية في الصحف القومية واللجنة الوطنية للصحافة والاعلام بشقيها للكفاءات والقدرة المهنية والمؤهلات العلمية المتخصصة.
> يتحتم تغيير قانون نقابة الصحفيين لملاءمة المتغيرات وان يكون هناك تنظيما لعملها يضمن قيامها بالخدمات اللازمة لرعاية الصحفيين وكذلك بالمسئوليات المهنية والوطنية مع إيجاد ـ التشريعات القانونية لحصولها علي موارد مالية لممارسة مسئوليتها علي الوجه الأكمل .
> ضمانات قانونية كافية لممارسة حرية النشر والتعبير علي أسس قانونية سليمة تؤكد علي ما نص عليه الدستور في إطار أن حرية الصحفي أو الاعلامي المهني من حرية المجتمع وبالتالي فإن عليه أن يكون حريصا وملما وملتزما بما تفرضه عليه هذه المسئولية.
> ضرورة النص علي حرية تداول المعلومات وأن تفرض علي أجهزة الدولة تقديم المعلومات التي تساعد الصحفي والاعلامي علي القيام بدوره المجتمعي وأن يتم ذلك في إطار ما يجب من الشفافية والمصارحة لاعلام الشعب بكل ما يتعلق بشئونه دون الاخلال بالأمن الوطني.
> الالتزام في ممارسة حرية النشر والتعبير علي تعظيم المواطنة التعددية السياسية وتداول السلطة التزاما بما يقضي به الدستور وأن تكون أبواب هذه الحرية مفتوحة لجميع الاتجاهات السياسية البعيدة عن الطائفية الدينية والحريصة علي الصالح الوطني للدولة المصرية وفقا لمبدأ الدين لله والوطن للجميع.
هذه بعض الملاحظات التي يمكن أن يضاف إليها الكثير مما يمكن أن يقدمه زملاء آخرون مارسوا المهنة وعاشوا مشاكلها وهمومها. كم أرجو أن يصدر هذا القانون الجديد في صورة تعالج بشكل جذري حالة الانحطاط المهني والاخلاقي التي أصبح عليها الاعلام الصحفي المقروء والمرئي والالكتروني.
نقلا عن الأخبار