الأربعاء 25 يونيو 2025 02:48 مـ 28 ذو الحجة 1446 هـ
×

 ”فتح ” تؤجج الخلاف المكتوم بين السلطات المصرية – الفلسطينية

الأربعاء 8 مارس 2017 12:54 مـ 9 جمادى آخر 1438 هـ

اعتبر محللون سياسيون، قرار منع السلطات المصرية دخول أمين سر اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» جبريل الرجوب ، للأراضي المصرية  يعكس حقيقة الخلافات غير المعلنة بين القاهرة ورام الله ، لاسيما بدء تلك النزاع لدعم مصر للقيادي «محمد دحلان»، الخصم السياسي للرئيس «محمود عباس» ، وزادت نتيجة رفض الأخير، تأجيل عقد المؤتمر السابع للحركة، والذي أقصى مؤخرا «دحلان» وأنصاره من صفوف «فتح».

ونقلت «الأناضول»، إن التوتر بلغ ذروته بعد سحب مصر مشروع قرار كانت قدمته أواخر العام الماضي لمجلس الأمن الدولي حول الاستيطان، تحت ضغط إسرائيلي عبر الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قبل توليه الإدارة، نهاية العام الماضي، مما دفع كل من نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال، لتقديم مشروع بديل، بناء على طلب وإلحاح الرئيس «عباس»، وهو ما أوقع مصر في حرج بالغ، وكشف عن تباينات بين الجانبين.

خصومة تاريخية

 قال محللون سياسيون فلسطينيون، إن الخلاف الفلسطيني المصري "المكتوم"، بدأ يتحول لأزمة تظهر للعلن، على خلفية الدعم المصري للقيادي المفصول من حركة فتح "محمد دحلان".

وأكد المحللون في أحاديث منفصلة لوكالة "الأناضول"، أن السبب الرئيسي للخلافات يعود لدعم مصر للقيادي محمد دحلان، الخصم السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالإضافة إلى رفض الأخير التام للجهود المصرية الساعية لإعادته لحركة فتح.

تصريحات غير مسبوقة

في أحدث شواهد تفاقم الخلافات، نقلت وسائل إعلام فلسطينية تصريحات للناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري، قال فيها إن المؤتمر الذي رعته السلطات المصرية مؤخراً في مدينة "العين السخنة"، وضم شباناً فلسطينيين من قطاع غزة، بدون تنسيق مع السلطة في رام الله "يستهدف الشرعية الفلسطينية".

وتعد تصريحات "الضميري" غير مسبوقة، حيث يحرص الفلسطينيون تاريخياً على تقليد سياسي يقوم على إقامة علاقات جيدة مع مصر، وعدم إظهار الخلافات السياسية للعلن.

كما نقلت وسائل إعلام فلسطينية عن مسؤول في جهاز المخابرات العامة المصرية، لم يكشف عن هويته، قوله خلال محاضرة عقدت في المؤتمر "إن السلطات المصرية كانت لديها القدرة على التعامل مع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب بأسلوب أسوأ من الترحيل" من مطار القاهرة.

وكانت السلطات المصرية قد منعت الرجوب، الأسبوع الماضي، من دخول مصر، عبر مطار القاهرة، وقامت بترحيله إلى العاصمة الأردنية "عمان".

الخلاف المكتوم

من جانبه، يقول جهاد حرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، إن الخلاف الفلسطيني المصري مكتوم منذ فترة طويلة وبدأ بالظهور للعلن.

ورأى حرب أن السبب الأساسي للخلاف يعود لعلاقات دحلان الوثيقة بالقيادة المصرية، بالإضافة إلى تقارب مصر مع حركة حماس في غزة، حيث تعتقد السلطة الفلسطينية أنه سيكون على حسابها.

واتفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أيمن يوسف، مع "حرب"، في أن الخلافات بين القيادتين، بدأت بالظهور للعلن وقد تتحول لأزمة.

واستدل "يوسف" فيما ذهب إليه بقوله: "الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان يزور القاهرة بشكل مستمر، ومن الملاحظ أنه يزور عواصم عربية وإقليمية مؤخراً ولا يزور القاهرة".

وقال: "يبدو واضحاً أن القيادي المفصول في حركة فتح، محمد دحلان، له تأثير على عدد من الدول العربية من بينها مصر، ويسوّق نفسه على أنه البوابة الفلسطينية القادرة على تحقيق الاستقرار، مما انعكس سلباً على العلاقة بين البلدين".

ولفت إلى أن الأمن يلعب دوراً كبيراً في السياسية المصرية، حيث ترى مصر أن إقصاء "دحلان" من حركة فتح وإبعاده عن صورة المشهد الفلسطيني له انعكاسات قد تمس الأمن المصري.

بينما حذر أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية فريد أبو ضهير قائلاً : إن ترك الخلاف بين البلدين دون تدارك قد يؤدي إلى اتساعه.

وأعرب عن اعتقاده بأن "دولاً عربية ستتدخل لتضييق الخلافات، وإقناع الجانب المصري بأن السلطة الفلسطينية قد تخدم الرؤية المصرية أكثر من دحلان".

ولفت إلى أن القيادة الفلسطينية ستسعى إلى "تضييق الخلاف لتمضي قدماً في برنامجها السياسي في مجابهة إسرائيل عبر العمل السياسي، بدعم مصري".

وأشار "أبو ضهير" إلى أن أجندة السياسة المصرية "غير متوقعة لدى قطاعات سياسية فلسطينية، بما فيها حركة فتح".

رسائل لـ«فتح»

واتفق «سليمان بشارات»، الباحث في مركز الدراسات المعاصرة (خاص)، مع «الشوبكي»، بأن مصر ترى في «الرجوب» شخصية فتحاوية وقفت سدا أمام محاولتها عودة «دحلان» لصفوف الحركة.

وقال «بشارات»، إن هناك محددات لعلاقة مصر بالسلطة الفلسطينية، على رأسها الدور المصري في العملية السلمية بالمنطقة، وهذا يتطلب منها الابقاء على خيوط في العلاقة مهما بلغت حالة الأزمة بينها وبين أقطاب السلطة الفلسطينية.

وأضاف أن مصر من خلال منع دخول «الرجوب» لأراضيها، توصل رسائلها الرافضة لمواقف معينة اتخذتها السلطة سواء فيما يخص الرباعية العربية ومحاولتها انهاء الخلاف الفتحاوي الداخلي، أو المواقف التي تتعلق بقضايا أخرى.

ومضى: «هذا المنع يحمل رسائل سياسية أكثر منها تخص شخص الرجوب، أول هذه الرسائل أن أبواب مصر قد تغلق أمام قيادات السلطة في حال لم تتجاوب مع الرؤية التي تعبر عنها القاهرة تجاه العديد من القضايا سواء ما يخص الرباعية العربية، أو حتى ما يتعلق بتطورات العملية السياسية السلمية بالمنطقة والدور الذي تقوم به القاهرة».

بشارات

أما الرسالة الثانية، بحسب «بشارات»، هي محاولة الضغط باتجاه تليين المواقف التي اتخذتها السلطة الفلسطينية في الفترة الأخيرة، وتغير لهجة خطابها فيما يخص رفضها التدخل بالشأن الداخلي، أو حتى المصالحة ما بين القيادي محمد دحلان والرئيس عباس.

وأردف: «مصر والسلطة تحاول كل منهما التعامل لو بالحد الأدنى من العلاقات لكن دون إظهار وجود أي خلاف مواقف، وهذا في الغالب سيدفع السلطة في الفترة المقبلة لتقديم مرونة تجاه بعض القضايا التي قد تطرحها مصر فيما يخص الملفات الفلسطينية الرئيسية سواء عملية السلام أو موضوع المصالحة أو ما يخص العلاقة الفتحاوية الداخلية».

موقف شخصي

بدوره، قال أستاذ الاعلام في جامعة القدس «أحمد رفيق عوض»، إن توتر العلاقة مع مصر سينعكس سلبا على عملية التسوية السياسية، والمصالحة الفلسطينية.

وأَضاف: «الموقف المصري ثابت من القضية الفلسطينية لم يتغير رغم وجود شد وجذب في السنوات الأخيرة، والسلطة الفلسطينية ترى في مصر حجر تستند عليه».

وعن منع دخول «الرجوب» قال: «أعتقد انه موقف شخصي من الرجوب، وليس من حركة فتح أو السلطة الفلسطينية، ونتوقع أن يكون هناك توضيح مصري قريب لذلك».

ويرى «عوض» أن مصر تفتح قنوات مع الكل الفلسطيني، بما فيهم «دحلان»، وحركة «حماس»، ليسهل عليها العمل في تقريب وجهات النظر بين الكل الفلسطيني.

وكانت مصادر فلسطينية ومصرية متطابقة، كشفت عن منع السلطات المصرية، الأحد الماضي، بمنع «الرجوب»، من دخول أراضيها.

وكان من المقرر أن يشارك «الرجوب»، في مؤتمر المؤتمر الوزاري العربي حول الإرهاب والتنمية الاجتماعية- أسباب ومعالجات، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، بناء على دعوة رسمية، إلا أنه فوجئ بمنعه من الدخول.

وفي الوقت الذي رفضت السفارة الفلسطينية في القاهرة، التعليق على منع الوزير الفلسطيني من دخول مصر، وإعادة ترحيله مرة أخرى من حيث أتى، قال «الرجوب»: «علاقتى مع الشعب والنظام السياسي المصري تاريخية، وأنا مش أبوبكر البغدادي علشان يتم منعي من دخول مصر، وعلى السلطات المصرية توضيح أسباب منعي من الدخول، وأعتقد أن ما حدث خطر استراتيجي».