الإثنين 9 يونيو 2025 03:40 مـ 12 ذو الحجة 1446 هـ
×

مظاهرات لوس أنجلوس.. حملات الترحيل تفجر احتجاجات غاضبة وتوتر سياسي متصاعد

الإثنين 9 يونيو 2025 12:58 مـ 12 ذو الحجة 1446 هـ
أعمال العنف
أعمال العنف

نفذت فرق الهجرة الفيدرالية، بمساندة عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي المدججين بالسلاح، سلسلة مداهمات منسقة صباح الجمعة في عدد من أحياء لوس أنجلوس ذات الغالبية اللاتينية، وتركزت أبرز العمليات داخل مصنع للملابس بمنطقة الأزياء، حيث دخل الضباط الموقع بهدف تنفيذ أوامر بترحيل عدد من المهاجرين والتحقيق في وثائق عمل مزوّرة، ما أشعل شرارة التوتر.

في غضون دقائق، تجمع العشرات أمام المصنع وبدأت الهتافات تتعالى عبر مكبرات الصوت، إذ حاول أحد المتظاهرين تحذير العمال من التعاون مع السلطات، في وقت واصلت فيه القوات الأمنية عمليات التفتيش، بينما سجل شهود عيان انتشارًا كثيفًا لعناصر مسلحة يرتدون سترات واقية داخل الأحياء المستهدفة.

مشاهد مصوّرة انتشرت بسرعة عبر المنصات الاجتماعية، أظهرت متظاهرًا يقطع الطريق أمام مركبة تقل عددًا من الموقوفين، في حين استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود التي كانت ترفض مغادرة المكان، ما أدى إلى اندلاع موجة من الاشتباكات استمرت يومين كاملين في شوارع المدينة.

ردًا على التصعيد، أمر الرئيس الأمريكي بنشر نحو ألفي عنصر من الحرس الوطني صباح الأحد، في خطوة وُوجهت بانتقادات حادة من مسؤولين ديمقراطيين في كاليفورنيا، حيث وصفها حاكم الولاية غافين نيوسوم بأنها محاولة متعمدة لتأجيج العنف، فيما اعتبرت رئيسة بلدية لوس أنجلوس الإجراء تهديدًا مباشرًا لأمن المجتمعات المحلية.

مع حلول مساء الأحد، تحولت لوس أنجلوس إلى مشهد فوضوي اتسم بأعمدة دخان متصاعدة من سيارات مشتعلة، وأصوات قنابل صوتية تصدح بين المباني، بينما استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الذين احتموا بالحواجز الإسمنتية في أكثر من نقطة داخل المدينة.

في قلب الأحداث، روت ساديا برافو، وهي حارسة أمن ومهاجرة من الجيل الأول، أن رجال الأمن اقتادوا آباء من داخل قاعات المحكمة تاركين أطفالًا خلفهم، مشيرة إلى أن الظروف التي يواجهها المهاجرون قاسية وغير إنسانية، بينما أعربت عن خشيتها من أن تتحول التظاهرات إلى موجات عنف متصاعدة.

شاركت ماري كاريو في الاحتجاجات برفقة ابنتها الصغيرة، ورفعت الطفلة لافتة تطالب بالمساواة للجميع، بينما أكدت والدتها أنها تمثل صوت أقاربها وأصدقائها الذين يتخوفون من الحضور خشية الترحيل، معتبرة أن السكوت لم يعد خيارًا أمام هذه السياسات.

أعلنت وزارة الأمن الداخلي اعتقال 44 شخصًا في مداهمات الجمعة، ضمن حملة ترحيل تهدف إلى إخراج مليون مهاجر خلال عام، مع التركيز على أماكن العمل، حيث طالت الاعتقالات مناطق بالقرب من متاجر ومرافق تجارية في مدينة باراماونت، ذات الكثافة السكانية اللاتينية.

الاحتجاجات تصاعدت بشكل ملحوظ حول المراكز المؤقتة لاحتجاز المهاجرين، حيث رشق المحتجون المباني بالحجارة وزجاجات المولوتوف، فيما ردت القوات الفيدرالية باستخدام القنابل الغازية والرصاص المطاطي في محاولة للسيطرة على الوضع.

امتدت التظاهرات إلى يوم السبت، وشهدت مواجهات عنيفة استخدم فيها المحتجون الألعاب النارية والعربات المتنقلة لإغلاق الشوارع، كما رفع بعضهم أعلام المكسيك فوق سيارات مشتعلة، في مشهد غير مسبوق من حيث الحدة والاتساع.

المسؤولة عن الأمن الداخلي كريستي نويم نشرت تغريدة أكدت فيها عزمها على مواصلة العمليات، فيما أعلنت الإدارة الفيدرالية أن قرار نشر الحرس الوطني جاء دون تنسيق مع الحاكم المحلي، وهي الخطوة الأولى من نوعها منذ أكثر من نصف قرن، مما يؤكد الطابع السياسي للتصعيد.

المتحدثة باسم البيت الأبيض صرحت بأن سياسة الإدارة الحالية تقوم على الحزم مع كل من يواجه قوات الأمن بالعنف، في وقت يرى فيه مراقبون أن هذا النهج قد يؤدي إلى توسع دائرة الاحتجاجات على مستوى الولايات الأخرى.

من بين الأصوات المتظاهرة، حذر فيتالي نيفيس من أن نشر القوات قد يدفع إلى انتفاضة أوسع تتجاوز حدود كاليفورنيا، داعيًا إلى رفض عسكرة التعامل مع الحراك الشعبي.

شرطة كاليفورنيا أكدت أن التظاهرات بدأت تخرج عن السيطرة بعد ثلاثة أيام من اندلاعها، ودفعت بمزيد من وحدات الحرس الوطني إلى شوارع لوس أنجلوس لاحتواء الاحتجاجات، التي جاءت عقب إعلان الرئيس عزمه ترحيل أعداد غير مسبوقة من المهاجرين وإغلاق الحدود الجنوبية.

الإجراءات الأخيرة طالت أيضًا حملة الإقامة القانونية، ما زاد من غضب السكان المحليين، لا سيما في مدينة يسكنها عدد كبير من المهاجرين أو أبنائهم، وتدار من قبل مسؤولين ديمقراطيين يعارضون نهج الإدارة الاتحادية.

مساء الأحد، أظهرت لقطات استخدام الشرطة للخيول أثناء محاولات فض التظاهرات، وسط هتافات منددة بالسياسات الحكومية، بينما رُشق الضباط بالحجارة والزجاجات من قبل المحتجين في أكثر من منطقة.

في تلك الأثناء، نظم حزب الاشتراكية والتحرير وقفة أمام مبنى البلدية، بينما أغلق محتجون الطريق السريع 101 في قلب المدينة، ورفعوا لافتات رافضة لترحيل المهاجرين ومنددة بالأساليب الأمنية المتبعة.

تزامنًا مع الأحداث، اندلع حريق في عدة سيارات ذاتية القيادة تعود لشركة Waymo قرب مركز احتجاز في وسط المدينة، بحسب صور التقطتها وكالات الأنباء، ما يعكس تصاعد أعمال العنف المرافقة للاحتجاجات.

شرطة المدينة أكدت خلال مؤتمر صحفي تنفيذ سلسلة من الاعتقالات شملت 10 محتجين يوم الأحد و29 آخرين مساء السبت، متهمة المشاركين في التظاهرات بالتسبب في اضطرابات وخرق النظام العام.

من جانبه، وجّه حاكم كاليفورنيا انتقادات حادة للإدارة الفيدرالية، معتبرًا أن نشر الحرس الوطني تم دون سند قانوني، ويمثل تعديًا صريحًا على صلاحيات الولاية، مضيفًا أن هذه الخطوات تعكس نهجًا سلطويًا بعيدًا عن المعايير الدستورية.

نيوسوم كتب في منشور على "إكس" أن إدارة ترامب تعمدت إرسال القوات لإثارة الفوضى، مؤكدًا أن السلطات المحلية لم تطلب أي دعم أمني، بل فوجئت بتحركات غير منسقة زادت من تفاقم الوضع الميداني.

الرئيس الأمريكي من جهته طالب باتخاذ إجراءات صارمة بحق المتظاهرين، داعيًا قادة الأمن إلى فرض النظام ومعاقبة من وصفهم بـ"المجرمين"، وأكد أن أي تهديد للبلاد سيقابل برد قوي لا تهاون فيه.

القيادة الشمالية الأمريكية أعلنت عن نشر 300 عنصر من الحرس الوطني لحماية المرافق الفيدرالية، بينما خصص مكتب التحقيقات الفيدرالي مكافأة قدرها 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن أحد المحتجين المتورطين في إصابة ضابط خلال المواجهات.

في خضم التوتر، صرّح وزير الدفاع بأن البنتاغون يدرس نشر قوات عاملة في حال تواصلت أعمال العنف، بينما اتهمت عمدة المدينة إدارة ترامب بإشعال التوتر، داعية إلى احتواء الغضب الشعبي دون الانجرار نحو الفوضى المتصاعدة.

موضوعات متعلقة