الصباح العربي
الأحد، 5 مايو 2024 05:41 صـ
الصباح العربي

تحقيقات وتقارير

كسينجر يعترف: واشنطن تحركت لمنع نصر عربي على إسرائيل

الصباح العربي

في ذكرى حرب السادس من أكتوبر 1973 اعترف وزير الخارجية الأميركي والمفكر الاستراتيجي الشهير، بأسرار لأول مرة منذ نصف قرن على حرب أكتوبر، باعتباره أحد الشهود البارزين ووزير خارجية الولايات المتحدة في ذلك الوقت (من 1973 إلى عام 1977)، وقد لعب دورا رئيسيا على مسار الأحداث المشتعلة على الجبهات العربية مع إسرائيل، ثم دورا آخر لفتح قنوات التفاوض العربي مع إسرائيل بدءا من اتفاقيات «فك الاشتباك» الأول والثاني.

إيقاظ كسينجر لإنقاذ إسرائيل

كشف هنري كيسنجر، الملقب بـ «الثعلب العجوز» عن تفاصيل جديدة عن حرب أكتوبر عام 1973، وتحركات واشنطن لمنع نصر عربي على إسرائيل. وقال خلال مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية: في الساعة السادسة والنصف صباحا، طلب مني جوزيف سيسكو، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط آنذاك، مقابلتي بشكل عاجل، قائلا هناك أزمة في الشرق الأوسط، وإذا تصرفت على الفور، فلا يزال بإمكانك إيقاف ذلك. وفي ذلك الوقت كنت مع كامل الفريق الرفيع المستوى في وزارة الخارجية بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي للأمم المتحدة، وكان الفجر قد بدأ بالبزوغ في «المدينة الأكثر يهودية خارج إسرائيل».

ويضيف كسينجر: كانت التقارير غامضة، وقيل إن الإسرائيليين لا بد أنهم هاجموا، لأنه لم يعتقد أحد أن المصريين قادرون على شن هجوم عبر قناة السويس.. قلت الشيء الوحيد الذي لن يحدث هو أن الإسرائيليين سيهاجمون في يوم الغفران وهذا عمليا تقريبا مستحيل، ولكن بحلول منتصف النهار، أصبح من الواضح أن هذه كانت حربا نظامية، وأنها كانت هجوما واسع النطاق.

ويتابع كيسنجر بالقول: اعتقد فريقنا أن الإسرائيليين سوف يسحقونهم في غضون ساعات قليلة.. أول شيء قمت به هو التوجه إلى السفير الإسرائيلي سيمحا دينيتز.. ولم يكن في واشنطن، وقد كان في القدس.

التقارير الإستخبارية

وأوضح وزير الخارجية الأميركي الأسبق، ردا على سؤال حول الوضع في الشرق الأوسط في خريف عام 1973: لقد أصبحت وزيرا للخارجية قبل أسبوعين من بدء الحرب، لكنني كنت مستشارا للأمن القومي لمدة أربع سنوات ونصف السنة قبل ذلك، وفي المسار الطبيعي للأحداث، لم تتضمن التقارير الإستخبارية التي تلقيتها أي معلومات غير عادية.. تم تنصيبي كوزير للخارجية يوم السبت 3 سبتمبر/ أيلول وبعد ذلك رأيت تقارير عن تركز القوات العسكرية المصرية.. لا أتذكر أنهم أبلغوا عن أي شيء عن السوريين، لكنهم كانوا بالتأكيد يبلغون عن حشد عسكري.

إسرائيل كانت مطمئنة

ويضيف: اعتقدنا أن ذلك لا يعني الكثير، لأنه في السنوات السابقة كان الرئيس المصري أنور السادات، يهدد كثيرا ولم يفعل شيئا..فأنا أريد تقارير يومية عن الشرق الأوسط.. كل يوم كانوا يكررون نفس الشيء.. شعرت بعدم الارتياح إزاء تطور الوضع، ولكن لم تكن هناك أخبار تدعم مخاوفي، لقد حاولت إسرائيل طمأنتنا.. كانوا يخشون أن نمارس الضغط، فقالوا لنا إنهم لا يرون أي سبب للقلق بشكل خاص.

ومضى قائلا: في إسرائيل أيضا، في الأيام التي سبقت اندلاع الحرب، تراكمت الأخبار عن تمركز قوات كبيرة غرب قناة السويس وقد فسرها قادة الجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات باستثناء عدد قليل من الضباط ذوي الرتب المتوسطة على أنها جزء من مناورة، وكانوا مقتنعين بأن المصريين لا ينوون شن هجوم.

المخاوف من حرب فعلية

وقد رفضت الرقابة العسكرية تقارير المراسلين العسكريين حول حشد قوة مصرية غير عادية في سيناء، ولم تظهر المخاوف من حرب فعلية إلا يوم الجمعة 5 أكتوبر، عشية يوم الغفران.

وقال كيسنجر: كان الوقت مبكرا من المساء، عندما هبط رئيس الموساد آنذاك تسفي زامير، بشكل غير متوقع في العاصمة البريطانية، ولم يقم بزيارة الكنيس الكبير هناك.. لقد تم استدعاؤه للقاء «الملاك»،الاسم المستعار لأشرف مروان، الذي كان من أقرب مستشاري السادات..وقبل 14 ساعة فقط من وقوع هجمات سيناء والجولان، أفاد مروان بأهم الأخبار عن ساعة الصفر وتنسيق الهجوم من قبل الرئيس المصري أنور السادات، والرئيس السوري حافظ الأسد.

مناشدة المصريين

ويضيف كيسنجر: في يوم الجمعة، الذي سبق بدء الحرب، تلقينا معلومات تفيد بأن الروس يسحبون أفرادهم من الشرق الأوسط، ثم بدأنا في بذل جهود نشطة لتهدئة الوضع.. لقد ناشدت المصريين، لا أعرف ما إذا كنا قد أرسلنا رسالة إلى سوريا، لكننا قلنا بالفعل إننا سنبذل جهدا دبلوماسيا، وقد عززنا ذلك.

الجيش الإسرائيلي سيصل إلى الإسكندرية

وأردف بالقول: في واشنطن، قمت بتجميع ما نسميه مجموعة واشنطن للعمل الخاص، واجتمعنا في وقت متأخر من بعد الظهر لاتخاذ قرار بشأن الاستراتيجية..كان القرار هو استغلال الهجوم المصري للترويج للعملية السياسية.. وكان القلق بين المستشارين الأميركيين هو أن إسرائيل ستقرر المعركة بسرعة.. كنا نظن أنه في غضون أيام سيصل الجيش الإسرائيلي إلى الإسكندرية حتى قبل أن تطأ أقدام المصريين سيناء.. ولذلك، ومن أجل السماح بالحوار.. أردنا وقف القتال والعودة إلى الوضع السابق.

جنود مصريون يقتحمون خط بارليف ويزحفون إلى سيناء

جنود مصريون يقتحمون خط بارليف ويزحفون إلى سيناء ـ أرشيفية

تصميم أميركي لمنع الانتصار العربي

وتابع كيسنجر: في نهاية يوم من القتال، عندما اقترب وقت الظهر من يوم الأحد، كان من الواضح أن الجيشين المصري والسوري قد أحرزا تقدما كبيرا، لكننا صممنا منذ البداية على منع النصر العربي الذي كنا ننظر إليه على أنه انتصار سوفيتي.. لقد كنا على قناعة تامة منذ اللحظة الأولى بأننا سنعيد الوضع إلى ما كان عليه، ولكن بحلول نهاية اليوم الأول كان من الواضح أن الجيوش المهاجمة قد حققت تقدما واسع النطاق.

مشهد المعركة كان مختلفا

وأوضح وزير الخارجية الأميركي الأسبق، أن مشهد المعركة كان مختلفا تماما عما تخيله الخبراء الأميركيون عندما أصبحت أنباء الهجوم المصري معروفة.. عندما اندلع القتال، تمكن المصريون من اختراق خط «بارليف» وانطلق أكثر من 100 ألف جندي ونحو 400 دبابة ووحدات كوماندوز إلى سيناء، وبناء عدة جسور فوق القناة.

وصرح بأنه وفي الأيام الأولى من الحرب، فقدت إسرائيل ما يقرب من 200 مقاتل يوميا وتم أسر العديد من جنود الخط الأول من قبل مصر، ولم يكن لدى القوات الجوية الإسرائيلية رد مناسب على الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «6SA » سوفيتية الإنتاج..كما أن الطيارين الذين أصيبوا وتمكنوا من تشغيل المقاعد القاذفة انضموا إلى الجنود الذين تم أسرهم في تحصينات «بارليف»، مشيرا إلى أن الأرتال المدرعة الإسرائيلية التي تقدمت بشكل فوضوي إلى سيناء، تعرضت لهجوم جوي.

غولدا مائير وموشيه ديان على وشك الانهيارمع بداية حرب أكتوبر 1973

غولدا مائير وموشيه ديان على وشك الانهيارمع بداية حرب أكتوبر 1973 ـ أرشيفية

غولدا مائير وموشيه ديان

وقال الثعلب العجوز وهو على عتبة 102 عاما من العمر: في الأيام الثلاثة الأولى من القتال، فقدت القوات الجوية الإسرائيلية 49 طائرة وتضررت 500 دبابة في سيناء.. كان هناك نقص في ذخائر المدفعية في مستودعات الطوارئ وتم اكتشاف أن المعدات صدئة جزئيا وغير صالحة للاستخدام.

وأكد كيسنجر أن الحكومة الإسرائيلية ذهلت وأن وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيسة الوزراء غولدا مائير، على وشك الانهيار، موضحا أنه سرعان ما أصبحت الحاجة إلى استبدال الطائرات التي تم إسقاطها واضحة.

الجسر الجوي الأميركي

ويضيف كسينجر: جاء السفير الإسرائيلي سيمحا دينيتز برفقة الملحق العسكري الجنرال موتا جور إلى مكتبي.. ووصفوا حجم الخسائر الإسرائيلية خلال الـ 48 ساعة الماضية وطالبوا بشكل عاجل بتجديد الإمدادات.. كان ذلك هو اليوم الذي استقال فيه نائب الرئيس سبيرو أغنيو من منصبه بسبب اتهامات بالتهرب الضريبي والرشوة وكان على نيكسون أن يتعامل مع تلك الأزمة الدستورية.. هو نفسه تعرض للهجوم.. لقد كانت هذه ذروة التحقيق في فضيحة «ووترغيت» وجلسات الاستماع التي كانت مستمرة، لذلك لم أتمكن من رؤية نيكسون حتى الساعة الخامسة بعد ظهر يوم الثلاثاء.. قلت للسفير والملحق العسكري أنه عندها فقط أستطيع أن أعطيهم إجابة..

طلبنا إسرائيل بشن هجوم قبل التدخل

ناقشت الأمر مع نيكسون وفي حوالي الساعة 5:30 مساء أعطيت دينيتز إجابتي.. كانت هناك مشكلتان منفصلتان، المعركة المباشرة، والمعركة طويلة المدى.. وفي المعركة المباشرة، كان لزاما على إسرائيل أن توقف تقدم العدو وتشن هجوما قبل أن يتسنى التدخل الدبلوماسي الأميركي بشكل ملموس.. ولقد حثثتهم على البدء بهجوم على بعض الجبهات وقلت إننا لن نتحرك دبلوماسيا إلا بعد نجاح ذلك.

ويردف بالقول: وفي هذه الأثناء، كنا ننظم جسرا جويا مدنيا إلى إسرائيل، يبدأ فورا، واعتقدنا أن ذلك يمكن أن يتم بسرعة كبيرة.. ويتكون الجسر الجوي المدني، بموجب هذا التفويض، من إخبار شركات الطيران المدنية بإتاحة طائراتها لجسر جوي مدني، تحت إدارتها، وفي الوقت نفسه، كنا نواصل إعادة الإمداد عبر الطائرات الإسرائيلية.

ويؤكد وزير الخارجية الأميركي الأسيق، كان من الممكن تجنب الحرب فقط لو وافقت إسرائيل على الانسحاب إلى حدود 67، وهو ما لم يكن بوسعها القيام به لأن ذلك كان سيكشف الطريق بين تل أبيب وحيفا، وكان سيضعه تحت نيران الخصوم، كما أن كل حزب سياسي في إسرائيل كان يعارض مثل هذه الخطوة، لذلك كان لا بد من فرضها على إسرائيل، وهو ما رفضناه.

كسينجر يعترف واشنطن تحركت لمنع نصر عربي على إسرائيل

تحقيقات وتقارير

click here click here click here altreeq altreeq