السبت 17 مايو 2025 07:38 مـ 19 ذو القعدة 1446 هـ
×

”لعنة الخواجة”.....وائل السمري يوقظ الذاكرة المصرية في ملحمة روائية عن الهوية والتاريخ

السبت 17 مايو 2025 01:26 مـ 19 ذو القعدة 1446 هـ
أشرف العشماوي
أشرف العشماوي

في عمل روائي ضخم تجاوز 660 صفحة، أصدر الكاتب والشاعر وائل السمري روايته الجديدة "لعنة الخواجة"، التي تمثل تجربة أدبية فارقة تتجاوز حدود التسلية إلى مساءلة الذات الجماعية وإعادة بناء الوعي الوطني، تدور الرواية حول شخصية دانينوس، المهندس المصري اليوناني، الذي يقف في قلب مشروع السد العالي، لكنها في الوقت ذاته تطرح أسئلة وجودية حول الانتماء والهوية والتاريخ.

تمزج الرواية بين السرد التاريخي والخيال الأدبي، حيث ينجح السمري في تحويل السد العالي من مشروع هندسي إلى رمز مقاومة وصورة مكثفة لحلم أمة تواجه تحديات بناء ذاتها من ركام الماضي، لا يتعامل النص مع الوقائع كمادة باردة، بل يعيد تركيبها برؤية شاعر وروائي حاذق، يلتقط التفاصيل الصغيرة ليبني بها صرحًا من المعاني الكبرى.

"لعنة الخواجة" ليست مجرد حكاية عن مشروع قومي، بل حكاية عن الإنسان في مواجهة المجهول، عن رجل يتحرك بين الولاء والقلق، بين الأصل والمنفى، شخصية دانينوس المرسومة بدقة تحمل في طياتها صراع الحضارات وسؤال الهوية والانتماء، في إطار من التشويق السردي والبناء النفسي المتقن.

اللغة في الرواية تلعب دور البطولة الخفي، بأسلوب شاعري يدمج بين الرصانة والدفء، وبين الفصحى والعامية، لتخلق نغمة سردية مميزة تعكس تعدد الأصوات داخل المجتمع المصري، يتميز الحوار بحيويته وتعبيره عن الشخصيات دون أن يتماهى مع صوت المؤلف، مما يمنح النص واقعيته وعمقه.

بنية الرواية غير خطية، تماثل خرائط المدن القديمة، تتشابك وتتشعب لكنها تعود دائمًا إلى نواتها المركزية: سؤال "من نحن؟"، وكيف نصنع مستقبلنا وسط الضجيج التاريخي، ورغم تعقيد تركيبها الفني، تحافظ الرواية على تماسكها ووضوح رسالتها، مستفيدة من خبرة السمري الشعرية والبحثية في آن.

رواية "لعنة الخواجة" تضع القارئ أمام مرآة الذات، وتدفعه للتفكير في علاقة الفرد بالجماعة، وفي وزن الحلم الوطني في زمن التحولات، إنها ليست فقط مشروعًا روائيًا ناجحًا، بل رؤية فكرية مكتوبة بلغة الجمال والتأمل، تؤكد من جديد أن الرواية قادرة على أن تكون أداة وعي ومقاومة.