الإثنين 16 يونيو 2025 10:30 مـ 19 ذو الحجة 1446 هـ
×

من هو علي خامنئي وما مذهبه وما ديانته؟ لمحة عن حياة المرشد الإيراني ويكيبيديا

الإثنين 16 يونيو 2025 09:40 مـ 19 ذو الحجة 1446 هـ
علي خامنئي
علي خامنئي

تحوّل علي خامنئي من شاب فقير نشأ وسط أحد أحياء مشهد إلى مرشد أعلى للجمهورية الإيرانية، لم يكن محض صدفة، بل جاء نتيجة مسار طويل من النضال السياسي والديني، وتراكم سنوات من التعليم والتكوين الفكري، والارتباط الوثيق بالحراك الثوري الذي أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي.

ينتمي خامنئي إلى أسرة شيعية متدينة، وُلد في 8 سبتمبر/أيلول 1939 في مدينة مشهد شمال شرق إيران، ضمن بيت بسيط لا تتجاوز مساحته 70 مترا مربعا، نشأ في كنف والد عالم دين أذري الأصل، أتى من تبريز إلى مشهد ليعمل إمامًا في مسجد كوهرشاد، بينما تنحدر والدته من أصفهان وكانت حافظة للقرآن، وأحد أحفاد عالم بارز من العهد الصفوي.

بدأ علي خامنئي دراسته الدينية في سن مبكرة، حيث حفظ القرآن وتعلّم القراءة والكتابة في "الكتّاب"، قبل أن يتجه إلى الحوزة العلمية ليتلقى العلوم الشرعية على يد كبار العلماء، بينهم والده وجليل سيستاني، وأكمل مراحل تعليمه الأساسي بالتوازي في مدرسة حكومية، حيث حصل على شهادتي الإعدادية والثانوية.

سافر في أواخر الخمسينيات إلى النجف، وهناك تتلمذ على يد مراجع بارزين مثل محسن الحكيم وأبو القاسم الخوئي، ثم انتقل إلى مدينة قم، حيث تلقى تعليمه عند رموز الفكر الشيعي من بينهم الإمام الخميني، الذي أصبح مع مرور الوقت ملهمه الأول وقائده في مسار الثورة.

بحلول أوائل الستينيات، انخرط خامنئي في الحراك المناهض لحكم الشاه، واعتُقل عدة مرات، كما فرض عليه جهاز الأمن التابع للشاه "السافاك" حظر سفر لعشر سنوات، وتم نفيه إلى إيرانشهر عام 1977، غير أن نشاطه لم يتوقف، فقد واصل التحريض السياسي من المنفى، وكان من أوائل الداعمين لتأسيس تنظيمات دينية ذات طابع سياسي.

شهد عام 1962 أول اعتقال له بسبب مشاركته في فعالية لدعم القضية الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسمه بالمقاومة ضد النظام الملكي، وأصبح شخصية بارزة ضمن التيار الثوري الذي قاده الخميني، بل كان من أبرز المنظرين لفكرة إسقاط الشاه.

في مشهد عام 1978، قاد خامنئي الحراك الثوري في خراسان، وساهم في تعبئة الحوزات العلمية وتأطير طلبة الدين سياسياً، وفي تلك المرحلة شارك في تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي، إلى جانب أسماء بارزة مثل بهشتي ورفسنجاني وأردبيلي، وساهم الحزب لاحقًا في الهيمنة على القرار السياسي بالبلاد حتى حله عام 1987.

تعرض في 26 يونيو/حزيران 1981 لمحاولة اغتيال أثناء إلقاء خطاب في طهران، حيث انفجرت عبوة مخفية داخل جهاز تسجيل، ما تسبب في إصابته بجروح خطيرة، وتركته بعجز دائم في يده اليمنى، غير أن تلك الحادثة زادته شعبية داخل أوساط الثورة.

لم تقتصر مساهماته على الجانب الدعوي، فقد شارك خامنئي في جبهات القتال خلال الحرب الإيرانية العراقية، وكان من أوائل من دعا إلى إنشاء "مجمع تشخيص مصلحة النظام" لحل الخلافات بين مؤسسات الدولة، كما شغل مناصب متعددة في تلك الفترة، منها رئيس لجنة الدفاع البرلمانية وعضو لجنة الثورة، كما كان أول قائد للحرس الثوري.

عقب وفاة الخميني في يونيو/حزيران 1989، صوّت مجلس الخبراء لصالح تعيين خامنئي مرشداً أعلى للجمهورية، بعد تعديل دستوري سمح لمجتهد غير مرجع بتولي هذا المنصب، وهو ما مهد لتكريس سلطته على مختلف مفاصل الدولة.

قبل توليه قيادة الدولة، انتخب رئيساً للجمهورية عام 1981، وظل في المنصب حتى عام 1989، وخلال تلك الفترة ترأس المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وكان له دور أساسي في صياغة ملامح النظام السياسي الجديد للجمهورية الإيرانية، كما تقلد مسؤوليات تنفيذية وأمنية متعددة، من أبرزها نائب وزير الدفاع وعضو مجلس الدفاع الأعلى.

مارس العمل الفكري بالتوازي مع أدواره السياسية، حيث ألّف وترجم كتباً تناولت قضايا الفكر الإسلامي والتاريخ والقرآن، كما ترجم أعمالاً لسيد قطب إلى الفارسية، منها "في ظلال القرآن" و"المستقبل لهذا الدين"، وكتب مؤلفات عدة منها "الولاية"، و"النموذج الصادق"، و"تشريح الرؤية القرآنية"، إلى جانب دراسات في علم الرجال والفقه الشيعي.

عرف عنه اهتمامه بالأدب، وله إلمام بالشعر الكلاسيكي والمعاصر، وأُشيع أنه كان يقرأ الروايات العالمية بشغف، وتربطه علاقات بعدد من الأدباء والمثقفين، منهم الشاعر محمد مهدي الجواهري، كما تلقى دروساً في اللغة الإنجليزية على يد ناشط أرمني يساري أثناء سجنه بطهران في الستينيات.

على الرغم من ارتباطه بفكر الخميني، إلا أن خامنئي تأثر أيضاً بآراء المفكر علي شريعتي، الذي دعا إلى الإسلام الثوري خارج سلطة رجال الدين، لكن هذا التأثر لم يمنعه من تكريس مرجعية ولاية الفقيه، التي ظل مدافعاً عنها حتى صار أبرز رموزها.

منذ توليه منصب المرشد، حافظ خامنئي على نفوذه في كافة مؤسسات الحكم، ونجح في هندسة النظام السياسي الإيراني بما يضمن بقاء المرجعية العليا في موقع القرار، وهو ما جعله يحتل مكانة بارزة ضمن قائمة أكثر الشخصيات تأثيرًا عالميًا، كما أدرجته مجلة "فوربس" عام 2012 ضمن أبرز 19 شخصية مؤثرة حول العالم.

موضوعات متعلقة