لم يكن العام الأول، عقب ثورة 25 يناير 2011، عاما عاديا على البورصة المصرية، والمستثمرين فى السوق المصرية بجميع أطيافهم، حيث شهدت البورصة عاما دراميا، بعدما وصلت لأدنى مستوياتها، مع نهاية العام، وتراجع مؤشر الثلاثين شركة الكبار إلى أدني مستوي، منذ مارس 2009، ووصلت أسعار الأسهم لأدنى مستوياتها، فى حين فقد رأسمالها السوقى نحو 200 مليار جنيه.‫ ‫ 

وقد توقفت البورصة لمدة 38 جلسة، منذ أحداث الثورة، وعاودت جلساتها يومي الأربعاء والخميس 23 و24 مارس 2011 بنتائج زالت من آثار آخر جلستين لها، قبل الهبوط الحاد في آخر جلساتها يومي 27 و28 يناير 2010، قبل أن تأخذ ذلك القسط من التوقف. 

وكان قرار إعادة التداول، مرة أخري، بالبورصة المصرية، بعد التوقف منذ 25 يناير بمثابة قرار ثوري، بعد كشف كل هذا الكم من الفساد، وتجميد حصص وأكواد ما يقرب من 150 شخصية مسئولة في الدولة، أغلبها ترتبط بنظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، بقرار من النائب العام. 

‫وتم تأجيل التداول أكثر من مرة لعدة أسباب، منها عدم استقرار الوضع السياسي، وعدم انتظام البنوك في العمل، وظهور كارثة مديونية العملاء لشركات السمسرة، والمعروفة بأزمة الـ"كريدت"، وخسائر شركات السمسرة، نتيجة التوقف عن العمل، حيث أوجدت تلك الأمور حالة من التخوف لدي المسئولين من اتخاذ قرار الفتح، في ظل هذه الظروف، خاصة بعد تصاعد حدة المظاهرات عقب كل قرار بالفتح.

وقد شهدت السوق استقالة د. زياد بهاء الدين من رئاسة الهيئة العامة للرقابة المالية، وتعيين د. أشرف الشرقاوي، إلي أن جاء قرار رئيس الوزراء الإثنين 21 مارس 2011 بإعادة التداول بالبورصة يوم الأربعاء الموافق 23 مارس الحالي، وتعيين محمد عبد السلام رئيس مصر للمقاصة رئيسا للبورصة، خلفا للدكتور خالد سري صيام الرئيس السابق لها. 

وظهرت داخل قاعة التداول بالبورصة "الكوربيه" فرحة منفذي العمليات فى شركات الوساطة بعودة البورصة بهذا الشكل، خلال تعاملات الأربعاء والخميس، والذي سارت بشكل غير متوقع، تعالت فيه التصفيقات مع بدء رحلة تصحيح كل سهم لوضعه الهبوطي، وذلك في النصف الثاني من جلسة يوم الأربعاء، وطوال يوم الخميس.‫ 

وبدأت البورصة فى الدقائق الأولي، خلال تعاملات يومي الأربعاء والخميس، علي تراجع تخطي نسبة الـ5%، وتم إيقاف البورصة علي أثر بلوغ نسبة الهبوط المحدد من قبل هيئة الرقابة المالية، ومع معاودة النشاط يوم الأربعاء قلصت البورصة هذا الهبوط، خلال فترة التعاملات المتبقية، بشكل غير متوقع، فبعد أن كادت نسبة الهبوط تتخطي الـ10% تقلصت لمستوي 8%، وبدأت بعض الأسهم تأخذ مسارا صعوديا من الهبوط الحاد، من خلال تقليل نسبة الهبوط، مثل شركات أوراسكوم تيليكوم، وأسمنت سيناء، وبلتون القابضة.‫‫ 

وخلال تعاملات الخميس، تكرر سيناريو اليوم السابق نفسه، وتراجعت البورصة، خلال الدقائق الأولي، بما يقارب من 6%، ليتوقف التداول لنصف ساعة، ثم يعود لتبدأ في التعافي تماما، وينهي المؤشر تعاملات اليوم علي انخفاض قدره 3.7%. 

‫‫وفيما يعد اتجاها لتطهير السوق، قامت إدارة الإفصاح بالبورصة المصرية بإيقاف التعامل علي الشركات التي لم تفصح عما لديها من معلومات تخص المساهمين، وكانت خطوة جادة نحو تحقيق الشفافية في التعاملات، وتم بالفعل التعامل على أسهم 26 شركة لحين الرد علي استفساراتها، بخصوص ملكية ممن صدر بحقهم قرارات منع التصرف فى أموالهم وتجميد أسهمهم، إضافة إلى الموقف التمويلي والتشغيلي لكل شركة، والإفصاح عن الأصول المرتبطة بقضايا تنظرها جهات التحقيق. 

وقد تحكم الوضع السياسى فى بورصة 2011 بالريموت كنترول، فمع اتجاه الأحداث السياسية نحو التحرك بإيجابية تتحرك معها مؤشرات البورصة لأعلى، والعكس صحيح، وقد برهنت العديد من الأحداث، التى شهدها العام، على ذلك، ولم يكن للأحداث الاقتصادية، أو التغييرات الداخلية، تأثير مباشر بنفس قوة الحدث السياسى، فرغم صدور قرار بتعيين الدكتور محمد عمران رئيسا للبورصة المصرية، خلفا للواء محمد عبد السلام الرئيس السابق لها، فى فترة تولى الدكتور عصام شرف رئاسة مجلس الوزراء، فإن الأسهم لم تتفاعل مه ذلك التغيير، وخسرت قرابة 1.5 مليار جنيه فى اليوم نفسه. 

وتكبدت البورصة خسائر بلغت 19.8 مليار جنيه، بعد الاشتباكات العنيفة أمام مجلس الوزراء، التى أسفرت عن مقتل 15 مواطنا وإصابة المئات، بعد تظاهرهم، لمنع دخول الدكتور كمال الجنزورى إليه، والذى تم تكليفه من قبل المجلس العسكرى بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى. 

بينما دفعت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب 2011 البورصة للارتفاع بنحو كبير، حيث جمعت مؤشراتها نحو 20.3 مليار جنيه فى أسبوع الانتخابات، لكن السوق ظلت فى نزيف النقاط مع الجلسات الأخيرة من عام 2011.