يشغل الفلسطينيون أنفسهم هذه الأيام، ومعهم كل الدول العربية، وجامعتهم، وتليفزيوناتهم وصحفهم، عن خطر حقيقى يجرى طبخه حالياً فى أمريكا، حيث وقَّع حتى الآن 45 عضواً فى مجلس الشيوخ، مع 237 آخرين من مجلس النواب، على مشروع قانون ينصّ على تجريم مقاطعة إسرائيل! وذلك بفرض غرامة على أى مواطن أمريكى تَصل إلى ربع مليون دولار إذا هو شارك فى أعمال مع شركة أمريكية أو أجنبية تقاطع أو تدعم مقاطعة المنتجات أو الخدمات الإسرائيلية!

ولك أن تتخيل صياغة المشروع عندما تعرف أن «آيباك» أكبر لوبى أمريكى يدعم إسرائيل، قد شارك فى وضعه، وأما الموقعون على المشروع فهم من ممثلى الحزبين الديمقراطى والجمهورى! وفيما لا يبدو أى اهتمام بالموضوع فى الأوساط الفلسطينية وفى العالم العربى كله، تتحرك بعض المؤسسات الأمريكية احتجاجاً فى محاولة لوقف المشروع، حيث أرسل الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية خطاباً إلى الكونجرس لافتاً النظر إلى أن هذا المشروع يُجرِّم ممارسة المواطن الأمريكى لحرية التعبير، وأن هذه العقوبة هى انتهاك صريح للتعديل الأول فى الدستور الأمريكى. كما نبهوا أيضاً إلى تعارض هذا المشروع مع قرارات الأمم المتحدة التى أدانت إقامة المستوطنات الإسرائيلية على أراض اعترف العالم بأنها أراض فلسطينية، وأن معظم المقاطعات الغربية تطبق على المنتجات الإسرائيلية لأنها تصدر من هذه الأراضى. هل نجد التفسير فى مفهوم المؤامرة وافتراض أن إسرائيل تعمَّدت إلهاء الفلسطينيين والعرب وتبديد طاقتهم هذه الأيام فى معركة مفتعلة حول المسجد الأقصى، حتى يمرّ مشروع القانون فى المسار الذى يحقق مصلحة إسرائيل؟ وهل هى مجرد صدفة،

وبالتوازى والتناغم مع ما تفعله إسرائيل، أن يغيب عن اهتمام قناة الجزيرة، صاحبة السبق الإخبارى، أن تتابع الخبر الخطير فى أمريكا؟ وإنما يعلو صوتها، بدلاً من ذلك، فى الدفاع عن المسجد الأقصى، حتى إلى حد يتجاوز اهتمامها بالقضية التى كانت فى بؤرة اهتمامها قبل أيام قليلة عن المقاطَعة العربية لقطر ومساعى التهدئة ووساطات عدد من الدول فى محاولة إبرام مصالحة..إلخ؟!

نقلا عن صحيفة الأهرام