إذا أردت أن تعرف ألاعيب مؤسسات الإعلام الكونية فى عالم السياسة، فربما يكون من المفيد الابتعاد قليلاً عن القضايا السياسية والنظر فى مجال آخر، مثل الرياضة، لتتضح الصورة أكثر بعيداً عن غموض السياسة. انظر إلى حالة لاعب كرة القدم العبقرى لوكا مودريتش، الذى لم يكن يوماً فى بؤرة التغطيات الإعلامية، إلا بعد أن ظهر بصورة رائعة فى مونديال روسيا، وحصل على جائزة الكرة الذهبية كأحسن لاعب، لقيادته فريق كرواتيا لوصافة البطولة عن جدارة لأول مرة فى التاريخ، وتحقيقه أرقاماً قياسية كأكثر لاعب قطع مسافة فى كل المباريات، وأكثر من مرَّر الكرة، بل والأكثر دقة فى تمريراته..إلخ. وقد تَعجَّب غير المتخصصين عبر العالم أن هذا النجم لم يحظ بالنجومية التى يستحقها طوال السنوات الماضية، برغم أن عمره 32 عاماً، أى أنه شارف على الاعتزال، إلا أن الإعلام لم يكن يهتم به بالقدر الذى يستحقه، برغم أنه حصل على ألقاب عظيمة، كأحسن لاعب خط وسط فى أسبانيا عام 2016، وعلى مستوى أوروبا عام 2017، كما أنه شارك فى كل مباريات منتخب بلاده وكل مباريات ريال مدريد الذى يلعب له منذ 2011! وعندما عاد البعض إلى مبارياته مع ريال مدريد على أرشيف يوتيوب اكتشفوا دوره الفعال الواضح فى صناعة اللعب وفى التمريرات القاتلة التى يحقق منها زملاؤه الأهداف..إلخ. ولكن، وبعد كل هذا، كان الإعلام يستسهل، إذا لم يكن بالتنسيق مع المعلنين، ويركز الأضواء على المشاهير، مثل النجم الأشهر رونالدو!

وأما فى السياسة، فيمكنك أن تضيف إلى الاستسهال عناصر أخرى بعضها مثير للريبة، حيث ينحاز أحياناً الإعلام النافذ، إما بتجاهل موضوعات تستحق الاهتمام، وإما باجتزاء بعض الجوانب فى الموضوعات المطروحة بما يُخلّ بالصورة المعروضة على الرأى العام..إلخ.

أما إذا أردت مثلاً واحداً، فأسال نفسك: لماذا توارت التغطية الإعلامية للقرصنة التركية التى تمنع عمل حفارات شركة إينى الإيطالية منذ فبراير الماضى على الشواطئ المقابلة لقبرص؟! وما علاقة الصمت الأمريكى بالأخبار المتضاربة عن تعاون إينى مع إيران؟